فتوى الجلوس على الكرسى بالمساجد

2010-05-08

صبرى عبد المجيد

جماعة أنصار السنة المحمدية

فرع بلبيس - مجمع التوحيد

لجنة الدعوة

 

هــذا بيــان للنــاس

       إن الحمد لله نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، أما بعد:

فإن أصدق الحديث كتاب الله، وأحسن الهدى هدى محمد - صلى الله عليه وسلم -، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة.

قال تعالى: (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا) (الأحزاب:21)،  وقال: (وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ) (الحشر: 7)، وقال - صلى الله عليه وسلم - :"... صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي " رواه البخاري من حديث مالك بن الحويرث.

     فقد انتشرت في عصرنا بدعة مذمومة سكت عنها بعض أئمة المساجد والدعاة؛ وهى: جلوس بعض المصلين المسنين في نهاية المساجد على طاولة اجتمعوا عليها وتفرقوا، وكذا صف المقاعد – الكراسي - على جانبي المسجد، والجلوس عليها بعيدًا عن الصف.

وهذا عمل حادثٌ مذمومٌ مخالفٌ للشرع من وجوه:

الأول: أن الأصل في الصلاة إقامتها من حيث إتمام الصف الأول ثم الذي يليه، ثم الذي يليه؛ وهكذا مع مراعاة سد الفرج (الخلل) وجوبًا.

الثاني: قال - صلى الله عليه وسلم -:" صَلِّ قَائِمًا فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَقَاعِدًا، فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَعَلَى جَنْبٍ " رواه البخاري من حديث عمران بن الحصين فمن ادعي غير ذلك فقد أتى بمنكر في الشرع، والدال على الشر كفاعله.

والمطلوب: أن تجلس على الأرض بالهيئة التي تُريحك في الصلاة؛ فإن تضررت بجلوسك على الأرض لعلة فيك؛ فاجلس على مقعد – كرسي - في الصف، فالجلوس على المقعد في مؤخرة المسجد، أو على جانبه بعيدًا عن الصف مخالف لهذا الأصل.

       فإن قيل: هذا ينافي سد الفرج – الخلل -؟.

      أجيب عنه: بأنه لا بأس به لحديث النبي - صلى الله عليه وسلم - السابق ذكره، ولقوله تعالى: (لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا) (البقرة : 286).

الثالث: المسافة بين الصفين مقدرة بـ ( 75 – 100 سم ) تقريبًا جمعًا بين مفهوم النصوص الواردة، إلا لعارض؛ كالأعمدة التي بين الصفوف؛ فالجلوس في مؤخرة المسجد مخالف لهذا الأصل.

الرابع: من الثوابت الشرعية أن صلاة المنفرد خلف الصف مع وجود مكان له فيه كمن صلى وحده؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - :" لَا صَلَاةَ لِرَجُلٍ فَرْدٍ خَلْفَ الصَّفِّ "حديث صحيح. أخرجه أحمد، وابن ماجه، وابن حبان، والبيهقي، وغيرهم من حديث عَلِىِّ بْنِ شَيْبَانَ - رضى الله عنه - ، وبنحوه عن وابصة بن معبد - رضى الله عنه -  عند أحمد وغيره؛ وهذا الذي يجلس وحده على مقعده خلف الصف، أو جانب المسجد؛ خالف هذا الأصل، وكذا الذي يجلس وحده، أو مع آخر، أو مع آخرين متفرقين على الطاولة في مؤخرة المسجد؛ خالفوا هذا الأصل أيضًا، وإن اجتمعوا عليها جنبًا لجنب كانوا صفًا منفصلًا عن أصل الجماعة، فهذه مخالفة أخرى، والنبي - صلى الله عليه وسلم -  أمرنا بالاتباع والانقياد والامتثال له فقال في الحديث الصحيح: "... صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي " فكل ما يتعلق بالصلاة من أولها إلى آخرها قدوتنا فيه النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وما جري عليه العمل سلفًا وخلفًا.

 وأما الذي عليه البعض اليوم ممن يدور الحديث معهم وعنهم، فمن قدوتهم في عملهم المخترع هذا؟!.

الخامس: رأينا عجبًا من الذين يجلسون علي الطاولة المذكورة في مؤخرة المسجد، ومن الذين يجلسون على جانبيه رأيناهم - والحكم للغالب - يسعون إلى المساجد راجلين (أي على أرجلهم)، ولربما يقفون وقتًا طويلًا يتحدثون في شيء ما، وإذا دخلوا إلى المسجد جلسوا على الطاولة أو على المقعد مباشرة، ودخلوا في الصلاة وأتموها جلوسًا، مع أن الحكم يدور مع علته قال - صلى الله عليه وسلم - :" صَلِّ قَائِمًا فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَقَاعِدًا " – فجالسًا -، فالقيام في الصلاة من أركانها، والرخصة محلها فقط العلة التي في المُصلى؛ فإن عجز عن القيام فقط؛ صلى جالسًا، ولكن يلزمه الركوع والسجود؛ فإن عجز عن الركوع فقط لزمه الوقوف، وأومأ في الركوع؛ وإن عجز عن السجود فقط، لزمه الوقوف والركوع وجلس حال السجود، وأومأ بزيادة، قال تعالى:

(لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا) (البقرة: 286)، وقال - صلى الله عليه وسلم -:"فإذا أمرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم".

نسأل الله أن يعلمنا ما ينفعنا، وأن ينفعنا بما علمنا، وأن يوفقنا إلى ما فيه الخير، وما يرضيه عنا.

وصلى الله على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

كتبه / صبري محمد عبد المجيد

عدد المشاهدات 12344