خطبة: بشريات للمشتاقين إلي حج بيت رب العالمين (سلسلة الواعظ عدد ذو القعدة 1437هـ)

2016-08-04

اللجنة العلمية

بشريات للمشتاقين إلي حج بيت رب العالمين

بشريات للمشتاقين إلي حج بيت رب العالمين

يَا رَاحليِنَ إلى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ لَقَدْ. . . سِرْتُمْ جُسوماً وَسِرنَا نَحْنُ أَرْواحا

إِنَّا أَقَمْنَا عَلَى عُذْر وَعَنْ قَدَرٍ. . . وَمَنْ أَقَامَ عَلَى عُذرٍ فَقَدْ رَاحَا(1)

استجاب الله تعالى لدعاء خليله إبراهيم عليه السلام حين دعا لبلده الحرام أن تهوي إليه الأفئدة المؤمنة وتحن إليه القلوب السليمة قال تعالى عن إبراهيم: {رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ} [إبراهيم: 37]

فها هي قلوب المؤمنين تهوي إليه كما دعا نبي الله إبراهيم عليه السلام، ولما لا وهو البلد الذي جَعَلَهُ الله مَحَلا تَشْتَاقُ إِلَيْهِ الْأَرْوَاحُ وَتَحِنُّ إِلَيْهِ، وَلَا تَقْضِي مِنْهُ وَطَرًا، وَلَوْ ترددَت إِلَيْهِ كلَّ عَامٍ. (2)

إنها مكة، إنها أم القرى، البلد الأمين و مهبط الوحي.

كيف لا تحن إليه الأفئدة وهو بلد الله وبلد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وصحبه الكرام، بلد التوحيد، بلد تضاعف فيه الحسنات وتعظم فيه السيئات.

كيف لا تحن إليه الأفئدة؟ وهو تاريخ الإسلام والمسلمين وفخرهم وعزهم ومحضنهم.

بلد اختاره والله واصطفاه وأقسم به فقال: {وَهَذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ} [التين: 3]

كيف لا تحن إليه الأفئدة؟ وهو بلد سطع نوره وأشرقت بهجته ولمعت زهرته وراقت نظارته وتلألأت غرته وتألق حسنه، بلد تطرب القلوب لذكره وتبتهج لسماع ندائه وأذانه، فكيف إذا رأته واستنشقت هواءه وعبيره؟! لا تدري حين رؤياه أتسبق الأقدام أم الأنفاس؟! أيظهر الفرح أم البكاء؟!

واشوقــــاه إلي حج بيت الله الحرام

رأى بعض الصالحين الحاج في وقت خروجهم فوقف يبكي ويقول: واضعفاه!

وينشد على أثر ذلك:

فقلت دعوني واتباعي ركابكم. . . أكن طوع أيديكم كما يفعل العبد

ثم تنفس وقال: هذه حسرةُ من انقطع عن الوصول إلى البيت فكيف تكون حسرة من انقطع عن الوصول إلى رب البيت؟!

- يحق لمن رأى الواصلين وهو منقطع أن يقلق، ولمن شاهد السائرين إلى ديار الأحبة وهو قاعد أن يحزن.

جسمي معي غير أن الروح عندكمُ فالجسم في غربة والروح في وطنِ(3)

كيف لا أشتاق إلي الحج و هو إلي بيت الله

الذي طهره وطيبه لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ قال تعالي { وَإِذْ بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أَنْ لَا تُشْرِكْ بِي شَيْئًا وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ} [الحج: 26]

وهو مثاب الناس وأمنهم قال تعالى {وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْنًا وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى} [البقرة: 125]

وهو من شعائر الله قال تعالى {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ} [البقرة: 158]

وبه قيام أمر الناس في معاشهم ومعادهم قال تعالى {جَعَلَ اللَّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ قِيَامًا لِلنَّاسِ وَالشَّهْرَ الْحَرَامَ وَالْهَدْيَ وَالْقَلَائِدَ ذَلِكَ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَأَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} [المائدة: 97]

وهو البيت العتيق قال تعالى {ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ} [الحج: 29]

وهو بيت شريف مشرف قال تعالى { فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ } [قريش: 3]

كيف لا أشتاق إلي الحج وهو الركن الخامس من أركان الإسلام

وقد قال -صلى الله عليه وسلم-: (( بُنِيَ الْإِسْلَامُ عَلَى خَمْسٍ، عَلَى أَنْ يُعْبَدَ اللهُ، وَيُكْفَرَ بِمَا دُونَهُ، وَإِقَامِ الصَّلَاةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَحَجِّ الْبَيْتِ، وَصَوْمِ رَمَضَانَ )). (4)

وهو فريضة الله علي عباده قال تعالى {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ} [آل عمران: 97]

كيف لا أشتاق إلي الحج وهو المتمم لأعمال الإيمان

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه-، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- سُئِلَ: أَيُّ العَمَلِ أَفْضَلُ؟ فَقَالَ: (( إِيمَانٌ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ )). قِيلَ: ثُمَّ مَاذَا؟ قَالَ: (( الجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ )) قِيلَ: ثُمَّ مَاذَا؟ قَالَ: ((حَجٌّ مَبْرُورٌ )). (5)

كيف لا أشتاق إلي الحج وهو أعظم أسباب التخلص من الذنوب

عن أبي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه-، قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ: (( مَنْ حَجَّ لِلَّهِ فَلَمْ يَرْفُثْ، وَلَمْ يَفْسُقْ، رَجَعَ كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ )). (6)

وقال رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- لعمرو بن العاص -رضي الله عنه-: (( أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ الْإِسْلَامَ يَهْدِمُ مَا كَانَ قَبْلَهُ؟ وَأَنَّ الْهِجْرَةَ تَهْدِمُ مَا كَانَ قَبْلَهَا؟ وَأَنَّ الْحَجَّ يَهْدِمُ مَا كَانَ قَبْلَهُ؟ )). (7)

كيف لا أشتاق إلي الحج وقد وعد الله مَن أداه على الوجه المشروع بالجنة

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه-: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: (( العُمْرَةُ إِلَى العُمْرَةِ كَفَّارَةٌ لِمَا بَيْنَهُمَا، وَالحَجُّ المَبْرُورُ لَيْسَ لَهُ جَزَاءٌ إِلَّا الجَنَّةُ )). (8)

كيف لا أشتاق إلي الحج وهو سبب للغنى والسخاء والرخاء

عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ -رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: (( تَابِعُوا بَيْنَ الحَجِّ وَالعُمْرَةِ، فَإِنَّهُمَا يَنْفِيَانِ الفَقْرَ وَالذُّنُوبَ كَمَا يَنْفِي الكِيرُ خَبَثَ الحَدِيدِ، وَالذَّهَبِ، وَالفِضَّةِ )). (9)

كيف لا أشتاق إلي الحج والحاجُّ وافِدٌ على الله وضيف عليه

عَنِ ابْنِ عُمَرَ -رضي الله عنهما-، عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: (( الْغَازِي فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَالْحَاجُّ وَالْمُعْتَمِرُ، وَفْدُ اللَّهِ، دَعَاهُمْ، فَأَجَابُوهُ، وَسَأَلُوهُ، فَأَعْطَاهُمْ )). (10)

كيف لا أشتاق إلي الحج والحاج إذا خرج من بيته حاجا فقد وقع أجره على الله

عَن أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: (( مَنْ خَرَجَ حَاجًّا فَمَاتَ، كَتَبَ اللهُ لَهُ أَجْرَ الْحَاجِّ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَمَنْ خَرَجَ مُعْتَمِرًا فَمَاتَ، كَتَبَ اللهُ لَهُ أَجْرَ الْمُعْتَمِرِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ )). (11)

كيف لا أشتاق إلي الحج وتاركه بدون عذر هو المحروم

عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ -رضي الله عنه-، عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: (( يَقُولُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: إِنَّ عَبْدًا أَصْحَحْتُ لَهُ جِسْمَهُ وَأَوْسَعْتُ لَهُ فِي رِزْقِهِ لَا يَفِدُ إِلَيَّ فِي كُلِّ خَمْسَةِ أَعْوَامٍ لِعَبْدٌ مَحْرُومٌ )). (12)

كيف لا أشتاق إلي الحج وقد قال النَّبِيّ -صلى الله عليه وسلم-: (( مَا أَهَلَّ مُهِلٌّ قَطُّ إِلَّا بُشِّرَ، وَلَا كَبَّرَ مُكَبِّرٌ قَطُّ إِلَّا بُشِّرَ )). قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، بِالْجَنَّةِ؟ قَالَ: (( نَعَمْ )). (13)

- كيف لا أشتاق إلي الحج والصلاة في المسجد الحرام أفضل من مائة ألف صلاة فيما سواه

عن جَابِرٍ -رضي الله عنه-، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: (( صَلَاةٌ فِي مَسْجِدِي أَفْضَلُ مِنْ أَلْفِ صَلَاةٍ فِيمَا سِوَاهُ إِلَّا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ وَصَلَاةٌ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَفْضَلُ مِنْ مِائَةِ أَلْفِ صَلَاةٍ فِيمَا سِوَاهُ )). (14)

كيف لا أشتاق إلي الحج ورؤية الحجر واستلامه شهادة بالإيمان

لحديث ابْنِ عَبَّاسٍ -رضي الله عنهما- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فِي الحَجَرِ: ((وَاللَّهِ لَيَبْعَثَنَّهُ اللَّهُ يَوْمَ القِيَامَةِ لَهُ عَيْنَانِ يُبْصِرُ بِهِمَا، وَلِسَانٌ يَنْطِقُ بِهِ، يَشْهَدُ عَلَى مَنْ اسْتَلَمَهُ بِحَقٍّ)).(15)

كيف لا أشتاق إلي الحج ومسح الحجر والركن يحطان الذنوب حطا

عَنِ ابْنِ عُمَرَ -رضي الله عنهما-، أَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: (( إِنَّ مَسْحَ الرُّكْنِ الْيَمَانِي وَالرُّكْنِ الأَسْوَدِ يَحُطُّ الْخَطَايَا حَطًّا )). (16)

كيف لا أشتاق إلي الحج و الطواف بالبيت يرفع الدرجات ويحط الخطايا والسيئات

عَنْ ابْنِ عُمَرَ -رضي الله عنهما- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: (( مَنْ طَافَ بِهَذَا البَيْتِ أُسْبُوعًا { سَبْعًا } فَأَحْصَاهُ كَانَ كَعِتْقِ رَقَبَةٍ ولَا يَضَعُ قَدَمًا وَلَا يَرْفَعُ أُخْرَى إِلَّا حَطَّ اللَّهُ عَنْهُ خَطِيئَةً وَكَتَبَ لَهُ بِهَا حَسَنَةً وَرُفِعَتْ لَهُ دَرَجَةٌ )). (17)

كيف لا أشتاق إلي الحج وفيه زمــــــــزم طعام طعم وشفاء سقم

عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ -رضي الله عنهما-، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: (( خَيْرُ مَاءٍ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ مَاءُ زَمْزَمَ فِيهِ طَعَامٌ مِنَ الطُّعْمِ وَشِفَاءٌ مِنَ السُّقْمِ )). (18)

وعن جَابِر بْن عَبْدِ اللَّهِ -رضي الله عنهما-، قال: سَمِعْتُ رَسُول اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ: (( مَاءُ زَمْزَمَ، لِمَا شُرِبَ لَهُ )). (19)

كيف لا أشتاق إلي الحج وفي عرفة يدنو الله من عباده يباهي بهم الملائكة ويحط عنهم خطاياهم

عن عَائِشَة -رضي الله عنها- قالت: قال رَسُول اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: (( مَا مِنْ يَوْمٍ أَكْثَرَ مِنْ أَنْ يُعْتِقَ اللهُ فِيهِ عَبْدًا مِنَ النَّارِ، مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ، وَإِنَّهُ لَيَدْنُو، ثُمَّ يُبَاهِي بِهِمِ الْمَلَائِكَةَ، فَيَقُولُ: مَا أَرَادَ هَؤُلَاءِ؟ )). (20)

أيها المسلم: سير القلوب أبلغ من سير الأبدان، فكم من واصل إلي البيت ببدنه وقلبه منقطعٌ عن رب البيت، وكم من قاعدٍ علي فراشه في بيته وقلبه متصلٌ بالملأ الأعلى.

جسمي معي غير أن الروح عندكمُ فالجسم في غربة والروح في وطنِ

بشري لمن حبسهم العذر

في حديث ابْنِ عَبَّاسٍ -رضي الله عنهما- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: ((مَا مِنْ أَيَّامٍ الْعَمَلُ الصَّالِحُ فِيهَا أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنْ هَذِهِ الْأَيَّامِ )). يَعْنِي أَيَّامَ الْعَشْرِ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَلَا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ؟ قَالَ: (( وَلَا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، إِلَّا رَجُلٌ خَرَجَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ، فَلَمْ يَرْجِعْ مِنْ ذَلِكَ بِشَيْءٍ)).(21)

وعن سعيد بن جبير عن ابن عباس -رضي الله عنهما- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((ما من عمل أزكى عند الله عز و جل ولا أعظم أجرا من خير يعمله في عشر الأضحى )). قيل ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال (( ولا الجهاد في سبيل الله عز و جل الا رجل خرج بنفسه وماله فلم يرجع من ذلك بشيء )). (22)

ما يقوم مقام الحج والعمرة عند العجز عنهما

إلى مَنْ اشتاقت قلوبهم لخطوات على أرض النبوة ولم يستطيعوا، نذكِّرْهُم وإنْ لم يُحُجُّوا بأعمال مَنْ لم يَحُجّ:

أولا: نية الحج والعمرة نية خالصة صادقة لله تعالي

كما في الحديث عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ -رضي الله عنه-، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- رَجَعَ مِنْ غَزْوَةِ تَبُوكَ فَدَنَا مِنَ المَدِينَةِ، فَقَالَ: (( إِنَّ بِالْمَدِينَةِ أَقْوَامًا، مَا سِرْتُمْ مَسِيرًا، وَلاَ قَطَعْتُمْ وَادِيًا إِلَّا كَانُوا مَعَكُمْ )) قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَهُمْ بِالْمَدِينَةِ؟ قَالَ: (( وَهُمْ بِالْمَدِينَةِ، حَبَسَهُمُ العُذْرُ )). (23)

والقاعدة في ذلك: المعذور مأجور.

ثانياً: ذكر الله دبر كل صلاة عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه-، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ ذَهَبَ أَهْلُ الدُّثُورِ بِالدَّرَجَاتِ وَالنَّعِيمِ المُقِيمِ. قَالَ: (( كَيْفَ ذَاكَ؟ )) قَالُوا: صَلَّوْا كَمَا صَلَّيْنَا، وَجَاهَدُوا كَمَا جَاهَدْنَا، وَأَنْفَقُوا مِنْ فُضُولِ أَمْوَالِهِمْ، وَلَيْسَتْ لَنَا أَمْوَالٌ. قَالَ: (( أَفَلاَ أُخْبِرُكُمْ بِأَمْرٍ تُدْرِكُونَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ، وَتَسْبِقُونَ مَنْ جَاءَ بَعْدَكُمْ، وَلاَ يَأْتِي أَحَدٌ بِمِثْلِ مَا جِئْتُمْ بِهِ إِلَّا مَنْ جَاءَ بِمِثْلِهِ؟ تُسَبِّحُونَ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلاَةٍ عَشْرًا، وَتَحْمَدُونَ عَشْرًا، وَتُكَبِّرُونَ عَشْرًا )). (24)

ثالثا: صلاه الفجر في جماعه والذكر حتى طلوع الشمس وصلاه ركعتين بعدها

عَنْ أَنَسٍ -رضي الله عنه-، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: (( مَنْ صَلَّى الغَدَاةَ فِي جَمَاعَةٍ ثُمَّ قَعَدَ يَذْكُرُ اللَّهَ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ، ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ كَانَتْ لَهُ كَأَجْرِ حَجَّةٍ وَعُمْرَةٍ تَامَّةٍ تَامَّةٍ تَامَّةٍ )).(25)

رابعا: حضور الجماعات والمشي الى التطوع

عَنْ أَبِي أُمَامَةَ -رضي الله عنه-، عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: (( مَنْ مَشَى إِلَى صَلاَةٍ مَكْتُوبَةٍ وَهُوَ مُتَطَهِّرٌ كَانَ لَهُ كَأَجْرِ الْحَاجِّ الْمُحْرِمِ، وَمَنْ مَشَى إِلَى سُبْحَةِ الضُّحَى كَانَ لَهُ كَأَجْرِ الْمُعْتَمِرِ)).(26)

خامسا: الصلاة في مسجد قباء عن أُسَيْد بْن ظُهَيْرٍ الْأَنْصَارِيّ -رضي الله عنه-، عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم-، أَنَّهُ قَالَ: (( صَلَاةٌ فِي مَسْجِدِ قُبَاءَ كَعُمْرَةٍ )). (27)

سادساً: تعليم الخير للناس

عَنْ أَبِي أُمَامَةَ -رضي الله عنه-، عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: (( مَنْ غَدَا إِلَى الْمَسْجِدِ لَا يُرِيدُ إِلَّا أَنْ يَتَعَلَّمَ خَيْرًا أَوْ يَعْلَمَهُ، كَانَ لَهُ كَأَجْرِ حَاجٍّ تَامًّا حِجَّتُهُ )). (28)

والحمد لله رب العالمين

---

(1) تفسير ابن كثير (2/ 387)

(2) تفسير ابن كثير(1/ 413)

(3) لطائف المعارف لابن رجب (ص: 237)

(4) رواه البخاري (4514) ومسلم (16) من حديث ابن عمر

(5) رواه البخاري (26) ومسلم (83)

(6) رواه البخاري (1521) ومسلم (1350)

(7) رواه مسلم (121)

(8) رواه البخاري (1773) ومسلم (1349)

(9) رواه الترمذي (810) وصححه الألباني في صحيح الجامع (1/ 560)

(10) رواه ابن ماجه (2893) وحسنه الألباني في صحيح الجامع (2/ 768)

(11) رواه أبو يعلى في مسنده (6357) وصححه لغيره الألباني في صحيح الترغيب والترهيب (2/ 88)

(12) رواه أبو يعلى في مسنده (1031) والبيهقي في الشعب (3838) وصححه الألباني في صحيح الجامع (1/ 387)

(13) رواه الطبراني في الأوسط (7779) من حديث أبي هريرة وحسنه الألباني لغيره في صحيح الترغيب والترهيب (2/ 24)

(14) رواه أحمد (3/ 343) وابن ماجه (1406) وصححه الألباني في صحيح الجامع (2/ 714)

(15) رواه الترمذي (961) وصححه الألباني في صحيح الجامع (2/ 1194)

(16) رواه أحمد (2/ 89) وقال الأرناؤوط: إسناده حسن.

(17) رواه أحمد (2/ 95) والترمذي (959) والطبراني (13440) وصححه الألباني في صحيح الجامع (2/ 1091)

(18) رواه الطبراني (11167) وحسنه الألباني في صحيح الجامع (1/ 627)

(19) رواه ابن ماجه (3062) وصححه الألباني في صحيح الجامع (2/ 966)

(20) رواه مسلم (1348)

(21) رواه البخاري (969) وأبو داود (2438) واللفظ له

(22) رواه الدارمي (1774) وحسنه الألباني في إرواء الغليل (3/ 398)

(23) رواه البخاري (4423)

(24) رواه البخاري (6329)

(25) رواه الترمذي (586) وحسنه الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة (7/ 1196)

(26) رواه أحمد (5/ 268) وحسنه الألباني في صحيح الجامع (2/ 1116)

(27) رواه الترمذي (324) وحسنه الألباني في صحيح الجامع (2/ 719)

(28) رواه الطبراني في الكبير (7473) والحاكم في المستدرك (1/ 169) وقال الألباني حسن صحيح. صحيح الترغيب والترهيب (1/ 145)

عدد المشاهدات 9306