كلمة الرئيس العام في ندوة دعوة الحق

2010-12-04

صفوت نور الدين

أن الله الذي بعث رسوله صلي الله عليه وسلم بالدين الخاتم جعل معالم ذلك الدين واضحة بالقرآن والسنة ، ثم أبقى الله العلم والعمل بهما في قرون الخير من الصحابة والتابعين وتابعيهم ، فكلما حاول الشيطان أن يطل على المسلمين ببدعة أقام الله سبحانه لهم جندًا من المسلمين فردوا على الشيطان فريته ، وفندوا على أهل الباطل ضلالهم ، فبان الحق وتميز عن الضلال .

هذا ، ولكن الشيطان وجنده قد تكاثروا وتكاتفوا على المسلمين ؛ حتى يشغلوهم عن أمر دينهم تعلمًا وعملاً ، وطال ذلك لقرون متتالية حتى وقع الجهل في الأصول ، بل في أصل الأصول ، من ذلك ما تراه من الملاهي والمقاهي ساعة ينادى على الجمعة ، وقد قال الله سبحانه : (وَذَرُوا الْبَيْعَ )[الجمعة :9] ولعلك ترى عمار هذه المقاهي ممن ينتسبون للإسلام ، هذا وإن تعليق التمائم والتعلق بغير الله تعالى وهو أصل الأصول صار عند الناس مجهولاً ؛ لذا كان من الضروري أن تقوم الدعوة إلى الله وأن تتوحد الطاقات ، وتتآلف الفئات ، وتزال الخصومات ، ولا يكون ذلك إلا بأرض مشتركة تتحرك عليها فصائل الدعوة الإسلامية .

هذا ولقد حفظ الله سبحانه القرآن وحمى السنة وأبقى الفهم الصحيح فيها ، بما قيض الله به أئمة السلف من الصحابة والتابعين وتابعيهم فصارت هذه هي الأرضية المشتركة التي يجب على فصائل الدعوة الإسلامية أن تجتمع عليها وألا تحيد عنها وهي القرآن والسنة بفهم سلف الأمة .

هذا وإن الاختلاف في الفروع الفقهية العملية أمر جائز الوقوع بين أهل السنة ؛ لا يمنع وحدتهم ، وإن كانوا يسعون جاهدين بالدليل من القرآن والسنة والإجماع والاجتهاد ؛ لبيان الصحيح والراجح من الضعيف والمرجوح ، ومع ذلك فإن هذا الاختلاف لا يمنع موالاة ولا يزيل محبة ولا يجيز براءة أو عداءٍ مع أصحابه الذين وقعوا في ذلك الاختلاف ، وهذا هو الاختلاف الذي وقع مثاله بين أئمة السلف وفقهاء الأمة مثل الإمام أبي حنيفة وأصحابه ومالك والشافعي وأحمد والأوزاعي والليث بن سعد وربيعة وسفيان الثوري وغيرهم من الأئمة الكرام الكبار ، أما الاختلاف في الأصول من أركان الإسلام وأركان الإيمان(1) ، والذي وقعت فيه فرق الضلال فخالفت أهل السنة ، فهو الخلاف الذي لا يجوز الإقرار عليه ، ويجب الرجوع فيه إلى عقيدة أهل السنة والجماعة ، هذا فضلاً عن الخلاف الذي يكفر أطرافه بالوقوع فيه ونحن ندعو فصائل الدعوة الإسلامية إلى التلاقي على هذه الأرض ودعوة الناس إليها حتى يزول الخلاف ويتحقق الوفاق ونبقى عباد الله إخوانًا .

(كانت هذه خلاصة الكلمة التي ألقاها الرئيس العام في ندوة دعوة الحق الإسلامية التي أقيمت يوم الأحد 12 ربيع الآخر سنة 1415هـ) .

 

رسم يوضح تقسيم الأمة والاختلافات الجائزة وغير الجائزة :-

-أمة الدعوة : تشمل كل مكلف عاصر هذه الدعوة .

-أهل القبلة : كل من انتسب للإسلام ولم يحدث منه ما يخرجه من الملة .

-أهل السنة : أصحاب النبي صلي الله عليه وسلم ومن سار سيرتهم .

 

(1) عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال : بينما نحن عند رسول الله صلي الله عليه وسلم ذات يوم إذ طلع علينا رجل شديد بياض الثياب شديد سواد الشعر لا يرى عليه أثر السفر ولا يعرفه منا أحد حتى جلس إلى النبي صلي الله عليه وسلم فأسند ركبتيه إلى ركبتيه ووضع كفيه على فخذيه .

قال : يا محمد أخبرني عن الإسلام ، فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم : (الإسلام : أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتصوم رمضان وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلاً ) قال : صدقت ، قال : فعجبنا له يسأله ويصدقه ، قال : فأخبرني عن الإيمان قال :( أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وتؤمن بالقدر خيره وشره ) قال : صدقت ، قال : فأخبرني عن الإحسان قال : (أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك ) قال : فأخبرني عن الساعة ، قال: ( ما المسئول عنها بأعلم من السائل ) قال : فأخبرني عن أمارتها قال : (أن تلد الأمة ربتها وأن ترى الحفاة العراة العالة رعاء الشاء يتطاولون في البنيان ) قال : ثم انطلق فلبثت مليًّا ثم قال لي : ( يا عمر أتدري من السائل ) قلت : الله ورسوله أعلم قال : (فإنه جبريل أتاكم يعلمكم دينكم ) .

عدد المشاهدات 9724