قصة صلح الحديبية والدروس المستنبطة منها - الجزء الثاني

2009-01-06

زكريا حسينى

الحمد لله، الواحد الأحد، الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوًا أحد، والصلاة والسلام على نبينا محمد الذي أرسله ربه كافة للناس بشيرًا ونذيرًا، وداعيًا إلى الله بإذنه وسراجًا منيرًا، وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهديه إلى يوم الدين وبعد

فقد تحدثنا في العدد الماضي عن قصة صلح الحديبية والدروس المستنبطة منها وفي هذا العدد نكمل بعون الله ومدده شرح هذا الحديث

تكملة شرح الحديث

قوله «حتى إذا هم بقترة الجيش فانطلق يركض نذيرًا لقريش» القَتَرَةُ الغبار الأسود، فانطلق، أي خالد بن الوليد لينذر قريشًا.

قوله «وسار النبي حتى إذا كان بالثنية» في رواية ابن إسحاق في السيرة «فقال من يخرجنا على طريق غير طريقهم التي هم بها ؟ قال فحدَّثني عبد الله بن أبي بكر بن حزم أن رجلاً من أسلم قال أنا يا رسول الله، فسلك بهم طريقًا وعرًا، فأخرجوا منها بعد أن شق عليهم، وأمضوا إلى أرض سهلة، فقال لهم استغفروا الله ففعلوا فقال والذي نفسي بيده إنها لَلْحِطَّةُ التي عُرِضَتْ على بني إسرائيل فامتنعوا».

قوله «بركتْ به راحلته، فقال الناس حَلْ حَلْ» حَلْ حَلْ كلمة تقال للناقة إذا تركت السير لتحثها عليه، وقال الخطابي إن قلتَ حلْ واحدة فالسكون، وإن أعدتها نونت الأولى وسكنت في الثانية، وحكى غيره السكون فيهما والتنوين أيضًا كنظيره في بخ بخ

قوله «فألَحَّتْ» أي لزمت المكان وتمادت في عدم القيام، وهو من الإلحاح

قوله «خلأت القصواء» الخَلاءُ للإبل كالحِرانِ للخيل، والقصواء اسم ناقة النبي ، وكانت مَقْصُوَّةَ الأُذُنِ، وهو قطع طرف من الأذن، فيقال ناقة قصواء أي مقصوُّة، جاء بلفظ الفاعل، ومعناه المفعول، ولم يقولوا جمل أقصى

قوله «وما ذاك لها بخلق» أي ليس ذلك عادة لها فيما مضى

قوله «حبسها حابس الفيل» أي حبسها الله تعالى عن دخول مكة، كما حبس الفيل عنها، حين جاء به أبرهة الحبشي يريد هدم الكعبة واستباحة الحرم، قال الخطابي والمعنى في ذلك والله أعلم أنهم لو استباحوا مكة لأتى القتل على قوم في علم الله أنهم سيسلمون، أو سيخرج من أصلابهم ذرية مؤمنون قال فهذا موضع التشبيه لحبسها بحبس الفيل قال الحافظ في الفتح وكان بمكة عام الحديبية جمع كثير مؤمنون من المستضعفين من الرجال والنساء والولدان، فلو طرق الصحابة أي دخلوها لما أمن أن يصاب ناس منهم بغير عمد كما أشار إليه قوله تعالى «وَلَوْلاَ رِجَالٌ مُؤْمِنُونَ» الآية

قوله «والذي نفسي بيده» فيه تأكيد القول باليمين فيكون أدعى للقبول، قال ابن القيم في «الزاد» وقد حفظ عن النبي الحَلِفُ في أكثر من ثمانين موضعًا والله أعلم

قوله «لا يسألوني خطة» بضم الخاء أي خصلة «يعظمون فيها حرمات الله» أي من ترك القتال في الحرم، وفي رواية ابن إسحاق «لا تدعوني قريش اليوم إلى خطة يسألونني فيها صلة الرحم إلا أعطيتهم إياها» قال الحافظ وهي من جملة حرمات الله، وقيل المراد بالحرمات حرمة الشهر وحرمة الحرم والإحرام، قال وفي الثالث نظر لأنهم لو عظموا الإحرام ما صدوه

قوله «إلا أعطيتهم إياها» أي أجبتهم إليها، قال السهيلي لم يقع في شيء من طرق الحديث أنه قال إن شاء الله، مع أنه مأمور بها في كل حال، والجواب أنه كان أمرًا واجبًا حتمًا فلا يحتاج فيه إلى الاستثناء كذا قال وتعقب بأنه تعالى قال في هذه القصة «لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آَمِنِينَ» فقال «إن شاء الله» مع تحقق وقوع ذلك تعليمًا وإرشادًا، فالأولى أن يحمل على أن الاستثناء سقط من الراوي قلت أو من الناسخ أو كانت القصة قبل نزول الأمر بذلك، ولا يعارضه كون الكهف مكية إذ لا مانع أن يتأخر نزول بعض السورة

قوله «ثم زجرها» أي الناقة، «فوثبت» أي قامت

قوله «فعدل عنهم» في رواية ابن سعد «فولى راجعًا»، وفي رواية ابن إسحاق «ثم قال للناس انزلوا؛ قيل له يا رسول الله، ما بالوادي ماء، فننزل عليه»

قوله «على ثَمَدٍ» أي حفيرة فيها ماءٌ مَثْمُودٌ، أي قليل، وقوله «قليل الماء»، تأكيد لدفع توهم أن يراد لغة من يقول إن الثمد الماء الكثير، وقيل الثمد ما يظهر من الماء في الشتاء ويذهب في الصيف

قوله «يَتَبَرَّضُهُ الناس» التَّبَرُّضُ هو الأخذ قليلاً قليلاً، والبرض بفتح الراء وسكونه اليسير من العطاء وذكر أبو الأسود في روايته عن عروة «وسبقت قريش إلى الماء فنزلوا عليه ونزل النبي الحديبية في حر شديد وليس بها إلا بئر واحدة»

قوله «فلم يُلْبِثْهُ» من الإلباث، وقال ابن التين بفتح اللام وكسر الموحدة الثقيلة ؛ أي لم يتركوه يلبث أي يقيم

قوله «فانتزع سهمًا من كنانته» أي أخرج سهمًا من جعبته

قوله «ثم أمرهم» في رواية ابن إسحاق عن بعض أهل العلم عن رجال من أسلم أن الذي نزل في القليب بسهم رسول الله ناجية بن جندب وهو سائق بدن رسول الله ، قال ابن إسحاق وقد زعم لي بعض أهل العلم أن البراء بن عازب كان يقول أنا الذي نزلت بسهم رسول الله ، قال الحافظ وروى الواقدي من طريق خالد بن عبادة الغفاري قال «أنا الذي نزلت بالسهم» ويمكن الجمع بأنهم تعاونوا على ذلك بالحفر وغيره وعند المصنف من حديث البراء بن عازب في المغازي أنه جلس على البئر ثم دعا بإناء فمضمض ودعا الله ثم صبه فيها، ثم قال «دعوها ساعة»، ثم إنهم ارتووا بعد ذلك قال الحافظ ويمكن الجمع بأن يكون الأمران معًا وقعا

قوله «يَجِيشُ» أي يفور، وقوله «بالرِّي» بكسر الراء ويجوز فتحها، وقوله «صدروا عنه» أي رجعوا رواة بعد أن وردوا زاد ابن سعد «حتى اغترفوا بآنيتهم جلوسًا على شفير البئر»

قوله «إذا جاء بُدَيْلُ بن وَرْقاء» أما بُدَيل فبصيغة التصغير، وورقاء بفتح الواو وسكون الراء والقاف المفتوحة بعدها ألف ممدودة صحابي مشهور

قوله «في نفر من قومه» قال الحافظ سمى الواقدي منهم عمرو بن سالم وخراش بن أمية وفي رواية أبي الأسود عن عروة منهم خارجة بن كرز وزياد بن أمية

قوله «وكانوا عَيْبَةَ نُصْح» العَيْبَةُ ما توضع فيه الثياب لحفظها، أي أنهم موضع النصح له والأمانة على سره، وقوله «من أهل تهامة» تِهَامَةُ هي مكة وما حولها، وأصلها من التهم، وهو شدة الحر وركود الريح، وخزاعة كانوا من جملة أهل تهامة

قوله «إني تركت كعب بن لؤي وعامر بن لؤي» قال الحافظ إنما اقتصر على هذين لكون قريش الذين كانوا بمكة أجمع ترجع أنسابهم إليهما قال وقد وقع في رواية أبي المليح «وجمعوا لك الأحابيش» من التحبش وهو التجمع

قوله «نزلوا أعداد مياه الحديبية» الأَعْدَادُ جمع العِدِّ، وهو الماء الدائم الذي لا ينقطع قال الحافظ وقول بُدَيْلٍ هذا يشعر أنه كان بالحديبية مياهٌ كثيرة وأن قريشًا سبقوا إلى النزول عليها، فلهذا عطش المسلمون حيث نزلوا على الثمد المذكور قوله «ومعهم العُوذُ المطافيل» العُوْذُ جمع عائذ وهي الناقة ذات اللبن، والمطافيل الأمهات اللاتي معها أطفالها، يريد أنهم خرجوا معهم بذوات الألبان من الإبل ليتزودوا بألبانها ولا يرجعوا حتى يمنعوه، أو المراد أنهم خرجوا معهم بنسائهم وأطفالهم لإرادة طول المقام وليكون أدعى إلى عدم الفرار، ويحتمل إرادة المعنى الأعم

قوله «نَهِكَتْهُم الحرب» أي أبلغت فيهم حتى أضعفتهم، أي أضعفت قوتهم وأموالهم

قوله «ماددتهم» أي جعلت بيني وبينهم مُدَّةً بترك الحرب بيننا وبينهم فيها

قوله «فإن أظهر وإن شاءوا» شرط بعد شرط، وتقدير الكلام فإن ظهر غيرهم عليَّ كفاهم المؤنة، وإن أظهر أنا على غيرهم فإن شاءوا أطاعوني وإلا فلا تنقضي مدة الصلح إلا وقد جَمُّوا أي استراحوا ووقع في رواية ابن إسحاق «وإن لم يفعلوا قاتلوا وبهم قوة» وإنما ردد الأمر مع أنه جازم بأن الله تعالى سينصره ويظهره لوعد الله تعالى له بذلك، على طريق التنزل مع الخصم وفرض الأمر على ما زعم الخصم

قوله «حتى تنفرد سالفتي» السَّالِفَةُ صفحة العنق، وكنى بذلك عن القتل ؛ لأن القتيل تنفرد مقدمة عنقه قوله «ولينفذن الله أمره» أي ليمضين الله أمره في نصر دينه قال الحافظ وحسن الإتيان بهذا الجزم بعد ذلك التردد للتنبيه على أنه لم يورده إلا على سبيل الفرض

قوله «فقال بُدَيْلٌ سأبلغهم ما تقول» أي فأذن له قوله «فحدثهم بما قال» زاد ابن إسحاق في روايته فقال لهم بديلٌ ومن معه يا معشر قريش إنكم تعجلون على محمد، إن محمدًا لم يأت لقتال، إنما جاء زائرًا هذا البيت، فاتهموهم، وقالوا وإن كان جاء ولا يريد قتالاً، فوالله لا يدخلها علينا عَنْوَةً أبدًا، ولا تَحَدَّثُ بذلك العرب عنا

قوله «فقام عروة بن مسعود بن مُعَتِّب الثقفي» ووقع في رواية ابن إسحاق عند أحمد عروة بن عمرو، والصواب الأول وهو الذي وقع في السيرة .

قوله «ألستم بالوالد وألستُ بالولد ؟ قالوا بلى» كذا لغير أبي ذر وهو الصواب وهو الذي في رواية أحمد وابن إسحاق وغيرهما ولأبي ذر بالعكس «ألستم بالولد وألست بالوالد؟» وقد كانت أم عروة هي سبيعة بنت عبد شمس بن عبد مناف، فأراد بقوله «ألستم بالوالد، أنكم حي قد ولدتموني في الجملة لكون أمي منكم» قال الحافظ وجرى بعض الشراح على ما وقع في رواية أبي ذر، فقال أراد بقوله «ألستم بالولد» أي أنتم عندي في الشفقة والنصح بمنزلة الولد، قال ولعله كان يخاطب بذلك قومًا هو أسن منهم

قوله «فلما بَلَّحُوا» أي امتنعوا والتبلح التمنع من الإجابة

قوله «قد عرض عليكم خُطَّة رُشْدٍ» في رواية الكشميهني عرض لكم، والخُطَّةُ بضم الخاء وتشديد الطاء، والرُّشْد بضم الراء وسكون الشين وبفتحهما أي قد عرض عليكم أو لكم خصلة خير وإنصاف، ولقد بين ابن إسحاق أن سبب تقديم عروة بن مسعود لهذا الكلام عند قريش ما رآه من ردهم العنيف على من يجيء من عند المسلمين

قوله «دعوني آتِهِ» بالمد مجزوم جوابًا للأمر، أي أجيء إليه، «قالوا ائته» بهمزة وصل بعدها همزة قطع

قوله «اجتاح» أي أهلك أهله بالكلية، وحذف الجزاء من قوله «وإن تكن الأخرى» تأدبًا مع النبي ، والمعنى وإن تكن الغلبة لقريش لا آمنهم عليك وقوله «فإني والله لأرى وجوهًا» إلخ كالتعليل للقدر المحذوف، ومقتضى كلام عروة أنه رَدَّدَ الأمر بين شيئين غير مستحسنين وهما هلاك قومه إن غَلَبَ، وذهاب أصحابه إن غُلِبَ لكن الأمرين مستحسنين شرعًا كما قال تعالى «قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنَا إِلاَّ إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ»

قوله «أشْوَابًا» بتقديم الشين على الواو، كذا للأكثر، ووقع لأبي ذر عن الكشميهني «أوشابًا» بتقديم الواو فالأشواب الأخلاط من أنواع شتى، والأوْشاب والأوْباش الأخلاط من السفلة، فالأوباش أخص من الأشواب قوله «خليقًا» أي حقيقًا وزنًا ومعنىً، ويقال للواحد والجمع، ولذلك وقع صفة لأشواب

قوله «ويَدَعوك» أي يتركوك، وفي رواية أبي المليح عن الزهري «وكأني بهم لو قد لقيت قريشًا قد أسلموك فتؤخذ أسيرًا فأي شيء أشد عليك من ذلك»

قوله «فقال له أبو بكر الصديق» قال الحافظ زاد ابن إسحاق «وأبو بكر الصديق خلف رسول الله قاعد فقال»

قوله «امصص بظر اللات» قال الحافظ زاد ابن عائذ من وجه آخر عن الزهري «وهي أي اللات طاغيته التي يعبد» أي طاغية عروة وقوله امْصَصْ بألف وصل وصادين الأولى مفتوحة ؛ بصيغة الأمر، قال في لسان العرب وهو الفصيح الجيد، وفي القاموس امْصُصْ ؛ بضم الأولى، فالصيغة الأولى من مَصِصَ يَمْصَصُ، والثانية من مَصَصَ يَمْصُصُ والبَظْرُ قطعة تبقى بعد الختان في فرج المرأة، واللات اسم أحد الأصنام التي كانت قريش وثقيف يعيدونها، وكانت عادة العرب الشتم بذلك لكن بلفظ الأم، فأراد أبو بكر المبالغة في سب عروة بإقامة معبوده مقام أمه وحمله على ذلك ما أغضبه من نسبة المسلمين إلى الفرار

قوله «لولا يد» أي نعمة، وقوله «لم أجزك بها» أي لم أكافئك بها، زاد ابن إسحاق «ولكن هذه بها» أي جازاه بعدم إجابته عن شتمه بيده التي كان أحسن إليه بها، وبين عبد العزيز الإمامي عن الزهري في هذا الحديث أن اليد المذكورة أن عروة كان تحمل بدية فأعانه أبو بكر فيها بعون حسن، وفي رواية الواقدي عشر قلائص

قوله «فكلما كلمه أخذ بلحيته» وفي رواية ابن إسحاق «فجعل يتناول لحية النبي وهو يكلمه»

قوله «والمغيرة بن شعبة قائم على رأس النبي ومعه السيف» في مغازي عروة بن الزبير رواية أبي الأسود عنه «أن المغيرة لما رأى عروة بن مسعود مقبلاً لبس لأمته وجعل على رأسه المغفر ليستخفي من عمه عروة»

قوله «بنعل السيف» هو ما يكون أسفل القراب من فضة وغيرها

قوله «أخر يدك» فعل أمر من التأخير، زاد ابن إسحاق في روايته «قبل ألا تصل إليك» وزاد عروة بن الزبير «فإنه لا ينبغي لمشرك أن يمسه»، وفي رواية ابن إسحاق «فيقول عروة ويحك ما أَفَظَّكَ وأَغْلَظَكَ، وكانت عادة العرب أن من كلم أحدًا تناول لحيته ولا سيما عند الملاطفة، وغالبًا ما يصنع ذلك النظير بنظيره» لكن النبي كان يغضي لعروة عن ذلك تأليفًا له واستمالة لقلبه، والمغيرة يمنعه إجلالاً للنبي وتعظيمًا

قوله «فقال من هذا ؟ قالوا المغيرة» وفي رواية ابن إسحاق فتبسم رسول الله، فقال عروة من هذا يا محمد ؟ قال «هذا ابن أخيك المغيرة بن شعبة» قال الحافظ وكذا أخرجه ابن أبي شيبة من حديث المغيرة بن شعبة نفسه بإسناد صحيح، وأخرجه ابن حبان

قوله «أيْ غُدَرُ» وزن عمر معدول عن غادر مبالغة في وصفه بالغدر

قوله «أَلَسْتُ أسعى في غدرتك ؟» أي ألست أسعى في دفع شر غدرتك ؟ قال ابن هشام في السيرة أراد عروة بقوله هذا أن المغيرة قبل إسلامه قتل ثلاثة عشر رجلاً من بني مالك من ثقيف، فتهايج الحيان من ثقيف بنو مالك رهط المقتولين، والأحلاف رهط المغيرة، فودى عروة المقتولين ثلاث عشرة دية، وأصلح ذلك الأمر قال الحافظ وقد ساق ابن الكلبي والواقدي القصة، وحاصلها أنهم كانوا خرجوا زائرين المقوقس بمصر، فأحسن إليهم وأعطاهم وقصر بالمغيرة فحصلت له الغيرة منهم، فلما كانوا بالطريق شربوا الخمر، فلما سكروا وناموا وثب المغيرة فقتلهم ولحق بالمدينة فأسلم

قوله «فجعل يرمُق» أي يلحظ

قوله «فدلك بها وجهه وجلده » إلخ قال الحافظ في الفتح ولعل الصحابة فعلوا ذلك بحضرة عروة وبالغوا في ذلك إشارة منهم إلى الرد على ما خشيه من فرارهم، وكأنهم قالوا بلسان الحال من يحب إمامه هذه المحبة ويعظمه هذا التعظيم كيف يُظَنُّ به أنه يَفِرُّ عنه ويُسْلِمِه لعدوه ؟ بل هم أشد اغتباطًا به وبدينه وبنصره من القبائل التي يراعي بعضها بعضًا بمجرد الرحم

قوله «ووفدت على قيصر » إلخ هو من ذكر الخاص بعد العام، وذكر الثلاثة لكونهم أعظم ملوك ذاك الزمان، وفي مرسل علي بن زيد عند ابن أبي شيبة «فقال عروة أي قوم، إني قد رأيت الملوك، ما رأيت مثل محمد وما هو بملك، ولكن رأيت الهدي معكوفًا، وما أراكم إلا ستصيبكم قارعة، فانصرف هو ومن اتبعه إلى الطائف»

نكمل بقية شرح الحديث في العدد القادم إن شاء الله تعالى، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم

عدد المشاهدات 11117