الإيمان بالملائكة

2011-11-05

صلاح الدق

المقدمة

الحمدُ لله، حمداً طيباً مباركاً فيه، كما ينبغي لجلال وجهه وعظيم سلطانه، والصلاة والسلام على نبينا محمد، الذي بعثه الله هادياً ومبشراً ونذيرًا، وداعياً إلي الله بإذنه وسراجاً منيراً، أما بعد :

فإن الإيمان بالملائكة ركن من أركان الإيمان التي لا يصح إيمان العبد إلا بها ولذا أحببت أن أذكر نفسي وإخواني الكرام بهذا الركن الهام.

وقد تناولت الحديث في هذه الرسالة عن معنى الملائكة، وعالم الغيب وعالم الشهادة، وحُكْم الإيمان بالملائكة، ومتى خَلْقَ اللهُ الملائكة ؟ وجمال الملائكة، وعِظَم خَلْقِ الملائكة، وعَدد الملائكة، ومنازل الملائكة، وتفاضل الملائكة، وقدرات الملائكة، وعِظم سرعة الملائكة، والملائكة منزهون عن الأعراض البشرية، وأسماء الملائكة، وعِلْم الملائكة، والملائكة منظمون في كل شؤونهم، وعبادة الملائكة، والصِفات الخُلُقية للملائكة، ورؤية الملائكة، ولماذا يرسل الله رسله من الملائكة ؟، وأعمال الملائكة، ومحبة الملائكة للمؤمنين، وصلاة الملائكة على المؤمنين، والأعمال التي تصلي بها الملائكة على المؤمنين، ثم ختمت الرسالة بالحديث عن موت الملائكة.

أسالُ اللهَ تعالى أن يجعل هذا العمل خالصاً لوجهه الكريم .

وآخرُ دعوانا أن الحمدُ لله ربِّ العالمين .

وصلى اللهُ وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين .

صلاح نـجيب الدق

0109783716/ 2847990

بلبيس ـ مسجد التوحيد

الإيمان بالملائكة

بسم الله الرحمن الرحيم

معنى الملائكة:

الملائكة في اللغة :

الملائكة مشتقة من الألوك وهي الرسالة، يُقالُ : ألَكَ : أي بَلَّغَ الرسالة . ( لسان العرب لابن منظورجـ1 صـ111 )

الملائكة في الشرع :

الملائكةُ خَلْقٌ مِن النور اصطفاهم الله تعالى لعبادته، ووكَّلَ إليهم أعمالاً، لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يُؤمرون .

كلمة الملائكة في القرآن :

جاء لفظ الملائكة بمشتقاته المختلفة في القرآن الكريم ثمان وثمانون مرة . ( المعجم المفهرس للقرآن صـ674 : صـ676 )

عالم الغيب وعالم الشهادة :

 ينقسم الكون إلى قسمين : عالَـم غَيب وعالَـم شهادة :

عالَم الغيب :

 هو كل ما غاب من الموجودات عن أعيننا بحيث لا نستطيع أن نراه .

عالَم الشهادة :

هو كل ما كان موجوداً أمام نظر الإنسان يشاهده ويراه أو يدركه بإحدى حواسه الخمسة وهي :

 1 السمع . 2 البصر .3- اللمس . 4 الشم . 5 الذوق .

حواس الإنسان التي يحصل له العِلْم بها محدودة القوة محصورة الإدراك في مجال معين لا تتعداه، فسمع الإنسان مفيد في السماع بالأصوات العالية، فإذا انخفضت إلى درجة معينة تعذر عليه أن يسمع وكذلك البصر مفيدة بالأجسام الكبيرة فإذا صغرت ودقت تعتذر عليه رؤيتها وكذلك اللمس مفيد بالأجسام الكثيفة، فإذا خفت، انقطع إحساسه بها .

ومن هنا كان لا بد للإنسان من الإيمان والتصديق بأشياء لم يشاهدها ولم يحس بها ولا يستطيع أن يدركها بعقله . ( عقيدة المؤمن لأبي بكر الجزائري صـ186 )

حُكْمُ الإيمان بالملائكة :

 الإيمان بالملائكة واجبٌ على كل مسلم، لأنه أحدُ أركان العقيدة الإسلامية بدليل القرآن والسُّنة والإجماع .

أولاً: القرآن الكريم :

(1) قال تعالى: (وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا ) ( النساء : 136)

(2) وقال سبحانه: (آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ )  ( البقرة : 285 )

(3) وقال جَلَّ شأنه:(لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ ) ( البقرة : 177 )

ثانياً: السُّنة :

(1) روى مسلمٌ عن عمر بن الخطاب من حديث سؤال جبريل ( قَالَ فَأَخْبِرْنِي عَنْ الْإِيمَانِ قَالَ أَنْ تُؤْمِنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَتُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ .) ( مسلم حديث 1 )

ثالثاً: الإجماع :

أجمع أهل العلم على وجوب الإيمان بالملائكة وأنه الركن الثاني من أركان الإيمان الستة المذكورة في حديث سؤال جبريل المشهور، وأن منكرُ الملائكة كافرٌ وخارجٌ عن مِلة الإسلام وذلك بعد إقامة الحجة عليه .

مادة خلق الملائكة :

خَلَقَ الله تبارك وتعالى الملائكة من النور .

روى مسلمٌ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: خُلِقَتْ الْمَلَائِكَةُ مِنْ نُورٍ وَخُلِقَ الْجَانُّ مِنْ مَارِجٍ مِنْ نَارٍ وَخُلِقَ آدَمُ مِمَّا وُصِفَ لَكُمْ . ( مسلم حديث 2996 )

ولم يبين لنا الرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أي نور هذا الذي خُلقوا منه وعلينا التوقف .

متى خَلْقَ اللهُ الملائكة ؟

لا ندري متى خلقَ اللهُ تعالى الملائكةَ، فإن الله لم يخبرنا بذلك وكذلك رسوله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ولكن علينا أن نعلم يقيناً أن الله سبحانه وتعالى خلقهم قبل آدم عليه السلام، ودليل ذلك ما يلي : قال تعالى : (وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً ) ( البقرة : 30 ) وقال جل شأنه : (فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ ) ( الحجر : 29 )

وهذا دليل على أن الله أمر الملائكة بالسجود لآدم بعد أن خلقه .

جمال الملائكة :

خلَق الله الملائكة على صورة جميلة كريمة، كما في قوله تعالى عن جبريل عليه السلام .(عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى * ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى )  ( النجم : 5 :6)

قال ابن عباس : ذُو مِرَّةٍ :أي ذو منظر حَسَن. وقال قتادة : ذو خَلْقٍ طويلٍ حَسَن، وقيل ذُو مِرَّةٍ أي : ذو قوة .ولا منافاة بين القولين فهو قويٌ وحَسَنُ المنظر . ( تفسير ابن كثير جـ13 صـ249 )

وقد اعتاد الناس وصف الملائكة بالجمال، كما اعتادوا وصف الشياطين بالقبح ولذا تراهم يشبهون الجميل من البشر بالمَلَكْ، ودليل ذلك ما قالته نسوة يوسف في حقه عندما رأينه . قال تعالى : (فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ وَقُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ مَا هَذَا بَشَرًا إِنْ هَذَا إِلَّا مَلَكٌ كَرِيمٌ ) ( يوسف : 31 )

أجنحة الملائكة :

قال تعالى : (الْحَمْدُ لِلَّهِ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ جَاعِلِ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ مَا يَشَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ) ( فاطر : 1)

روى أحمدٌ عَنْ أَبي إِسْحَاقَ الشَّيْبَانِيُّ قَالَ: أَتَيْتُ زِرَّ بْنَ حُبَيْشٍ وَعِنْدَهُ شَبَابٌ فَقَالُوا لِي سَلْهُ ( فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى)فَسَأَلْتُهُ فَقَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رَأَى جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَام وَلَهُ سِتُّ مِائَةِ جَنَاحٍ. ( حديث صحيح ) ( مسند أحمد جـ6صـ320حديث: 3780)

عِظَم خَلْقِ الملائكة :

قال تعالى في وصف ملائكة النار : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ ) ( التحريم : 6 )

وقال تعالى في وصف جبريل عليه السلام : (إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ * ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ ) (التكوير : 19 :20 )

روى أبو داودَ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: أُذِنَ لِي أَنْ أُحَدِّثَ عَنْ مَلَكٍ مِنْ مَلَائِكَةِ اللَّهِ مِنْ حَمَلَةِ الْعَرْشِ إِنَّ مَا بَيْنَ شَحْمَةِ أُذُنِهِ إِلَى عَاتِقِهِ مَسِيرَةُ سَبْعِ مِائَةِ عَامٍ . ( حديث صحيح ) (صحيح أبي داود للألباني حديث 3952 )

عدد الملائكة :

الملائكة خلق كثير لا يعلم عددهم إلا الله، بدليل قوله تعالى : (وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ ) ( المدثر : 31 )

روى مسلمٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: يُؤْتَى بِجَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ لَهَا سَبْعُونَ أَلْفَ زِمَامٍ مَعَ كُلِّ زِمَامٍ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ يَجُرُّونَهَا . ( مسلم حديث 2842 )

روى الشيخانِ عن أنس بن مالك أن رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال : رُفِعَ لِي الْبَيْتُ الْمَعْمُورُ فَسَأَلْتُ جِبْرِيلَ؟ فَقَالَ: هَذَا الْبَيْتُ الْمَعْمُورُ يُصَلِّي فِيهِ كُلَّ يَوْمٍ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ إِذَا خَرَجُوا لَمْ يَعُودُوا إِلَيْهِ آخِرَ مَا عَلَيْهِمْ .( البخاري حديث 3207 /مسلم حديث:164)

ويوجد مع كل إنسان ملكان لكتابة أعماله وملائكة لحفظه . قال تعالى : (مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ) ( ق :18 )

منازل الملائكة :

الملائكة تسكن السماء ولا تنزل إلا بأمر الله تبارك وتعالى .

روى البخاريُّ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: يَا جِبْرِيلُ مَا يَمْنَعُكَ أَنْ تَزُورَنَا أَكْثَرَ مِمَّا تَزُورُنَا ؟فَنَزَلَتْ ( وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلَّا بِأَمْرِ رَبِّكَ لَهُ مَا بَيْنَ أَيْدِينَا وَمَا خَلْفَنَا ) . ( البخاري حديث 4731 )

وقد وصفهم الله بأنهم عنده . فقال سبحانه : (فَإِنِ اسْتَكْبَرُوا فَالَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ يُسَبِّحُونَ لَهُ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَهُمْ لَا يَسْأَمُونَ ) ( فصلت : 38 )

ويكثر نزول الملائكة في المناسبات كما في ليلة القدر .

قال تعالى : (لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ * تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ * سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ ) ( القدر : 3 : 5 )

تفاضل الملائكة :

الملائكة يتفاضلون في القرب من الله تعالى وعلو المنزلة كالبشر فمنهم الملائكة المقربون . بدليل قوله تعالى : (اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا وَمِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ ) ( الحج : 75 )

وقوله تعالى : (لَنْ يَسْتَنْكِفَ الْمَسِيحُ أَنْ يَكُونَ عَبْدًا لِلَّهِ وَلَا الْمَلَائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ ) ( النساء : 172 )

وكذلك يتفاوتون في القوة .فمنهم من له ستمائة جناح كجبريل ومنهم من له جناحان ومنهم من له ثلاث ومنهم من له أربعة أجنحة .

قال سبحانه : (الْحَمْدُ لِلَّهِ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ جَاعِلِ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ مَا يَشَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ) ( فاطر : 1)

ولهم عند ربهم مقامات متفاوتة. قال تعالى : (وَمَا مِنَّا إِلَّا لَهُ مَقَامٌ مَعْلُومٌ ) ( الصافات : 164 )

وأفضل الملائكة هم الذين شهدوا معركة بدر .

روى البخاريُّ عَنْ رِفَاعَةَ بْنِ رَافِعٍ، وَكَانَ أَبُوهُ مِنْ أَهْلِ بَدْرٍ، قَالَ: جَاءَ جِبْرِيلُ إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: مَا تَعُدُّونَ أَهْلَ بَدْرٍ فِيكُمْ؟ قَالَ: مِنْ أَفْضَلِ الْمُسْلِمِينَ .قَالَ: وَكَذَلِكَ مَنْ شَهِدَ بَدْرًا مِنْ الْمَلَائِكَةِ . (البخاري حديث 3992 )

قدرات الملائكة :

أعطى اللهُ تعالى الملائكة القدرة على أن يتشكلوا بغير أشكالهم .

(1) أرسل الله جبريل إلى مريم عليها السلام في صورة بشر . بدليل قوله تعالى : (وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انْتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا مَكَانًا شَرْقِيًّا * فَاتَّخَذَتْ مِنْ دُونِهِمْ حِجَابًا فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا * قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا * قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلَامًا زَكِيًّا ) ( مريم : 16 : 19 )

(2) وإبراهيم عليه السلام : جاءته الملائكة في صورة بشر ولم يعرف أنهم ملائكة حتى كشفوا له عن حقيقة الأمر بدليل قوله سبحانه وتعالى : (هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ الْمُكْرَمِينَ *إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقَالُوا سَلَامًا قَالَ سَلَامٌ قَوْمٌ مُنْكَرُونَ * فَرَاغَ إِلَى أَهْلِهِ فَجَاءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ * فَقَرَّبَهُ إِلَيْهِمْ قَالَ أَلَا تَأْكُلُونَ * فَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قَالُوا لَا تَخَفْ وَبَشَّرُوهُ بِغُلَامٍ عَلِيمٍ ) ( الذاريات : 24 : 28 )

(3) و جاءت الملائكة لوطاً في صورة شباب حِسَان الوجوه : بدليل قوله تعالى : (قَالُوا يَا لُوطُ إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ لَنْ يَصِلُوا إِلَيْكَ فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ وَلَا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ إِلَّا امْرَأَتَكَ إِنَّهُ مُصِيبُهَا مَا أَصَابَهُمْ إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ ) ( هود : 81 )

وقوله تعالى : (وَلَمَّا جَاءَتْ رُسُلُنَا لُوطًا سِيءَ بِهِمْ وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعًا وَقَالَ هَذَا يَوْمٌ عَصِيبٌ ) ( هود : 77 )

(4) كان جبريل يأتي إلى النبي في صور متعددة : فتارة يأتيه في صورة دحية بن خليفة الكلبي وتارة يأتيه في صورة أعرابي .

روى مسلمٌ عن عُمَر بْن الْخَطَّابِ قَالَ بَيْنَمَا نَحْنُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ذَاتَ يَوْمٍ إِذْ طَلَعَ عَلَيْنَا رَجُلٌ شَدِيدُ بَيَاضِ الثِّيَابِ شَدِيدُ سَوَادِ الشَّعَرِ لَا يُرَى عَلَيْهِ أَثَرُ السَّفَرِ وَلَا يَعْرِفُهُ مِنَّا أَحَدٌ حَتَّى جَلَسَ إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَأَسْنَدَ رُكْبَتَيْهِ إِلَى رُكْبَتَيْهِ وَوَضَعَ كَفَّيْهِ عَلَى فَخِذَيْهِ وَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ أَخْبِرْنِي عَنْ الْإِسْلَامِ .فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: الْإِسْلَامُ أَنْ تَشْهَدَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَتُقِيمَ الصَّلَاةَ وَتُؤْتِيَ الزَّكَاةَ وَتَصُومَ رَمَضَانَ وَتَحُجَّ الْبَيْتَ إِنْ اسْتَطَعْتَ إِلَيْهِ سَبِيلًا .قَالَ: صَدَقْتَ. قَالَ فَعَجِبْنَا لَهُ يَسْأَلُهُ وَيُصَدِّقُهُ.قَالَ، فَأَخْبِرْنِي عَنْ الْإِيمَانِ؟ قَالَ: أَنْ تُؤْمِنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَتُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ قَالَ: صَدَقْتَ. قَالَ: فَأَخْبِرْنِي عَنْ الْإِحْسَانِ ؟قَالَ: أَنْ تَعْبُدَ اللَّهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ. قَالَ: فَأَخْبِرْنِي عَنْ السَّاعَةِ ؟قَالَ: مَا الْمَسْئُولُ عَنْهَا بِأَعْلَمَ مِنْ السَّائِلِ. قَالَ: فَأَخْبِرْنِي عَنْ أَمَارَتِهَا؟ قَالَ: أَنْ تَلِدَ الْأَمَةُ رَبَّتَهَا وَأَنْ تَرَى الْحُفَاةَ الْعُرَاةَ الْعَالَةَ رِعَاءَ الشَّاءِ يَتَطَاوَلُونَ فِي الْبُنْيَانِ. قَالَ: ثُمَّ انْطَلَقَ فَلَبِثْتُ مَلِيًّا ثُمَّ قَالَ لِي: يَا عُمَرُ أَتَدْرِي مَنْ السَّائِلُ؟ قُلْتُ: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قَالَ : فَإِنَّهُ جِبْرِيلُ أَتَاكُمْ يُعَلِّمُكُمْ دِينَكُمْ . ( مسلم حديث 1 )

(5) روى مسلمٌ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: كَانَ فِيمَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ رَجُلٌ قَتَلَ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ نَفْسًا فَسَأَلَ عَنْ أَعْلَمِ أَهْلِ الْأَرْضِ فَدُلَّ عَلَى رَاهِبٍ فَأَتَاهُ فَقَالَ إِنَّهُ قَتَلَ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ نَفْسًا فَهَلْ لَهُ مِنْ تَوْبَةٍ فَقَالَ لَا فَقَتَلَهُ فَكَمَّلَ بِهِ مِائَةً ثُمَّ سَأَلَ عَنْ أَعْلَمِ أَهْلِ الْأَرْضِ فَدُلَّ عَلَى رَجُلٍ عَالِمٍ فَقَالَ إِنَّهُ قَتَلَ مِائَةَ نَفْسٍ فَهَلْ لَهُ مِنْ تَوْبَةٍ فَقَالَ نَعَمْ وَمَنْ يَحُولُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ التَّوْبَةِ انْطَلِقْ إِلَى أَرْضِ كَذَا وَكَذَا فَإِنَّ بِهَا أُنَاسًا يَعْبُدُونَ اللَّهَ فَاعْبُدْ اللَّهَ مَعَهُمْ وَلَا تَرْجِعْ إِلَى أَرْضِكَ فَإِنَّهَا أَرْضُ سَوْءٍ فَانْطَلَقَ حَتَّى إِذَا نَصَفَ الطَّرِيقَ أَتَاهُ الْمَوْتُ فَاخْتَصَمَتْ فِيهِ مَلَائِكَةُ الرَّحْمَةِ وَمَلَائِكَةُ الْعَذَابِ فَقَالَتْ مَلَائِكَةُ الرَّحْمَةِ جَاءَ تَائِبًا مُقْبِلًا بِقَلْبِهِ إِلَى اللَّهِ وَقَالَتْ مَلَائِكَةُ الْعَذَابِ إِنَّهُ لَمْ يَعْمَلْ خَيْرًا قَطُّ فَأَتَاهُمْ مَلَكٌ فِي صُورَةِ آدَمِيٍّ فَجَعَلُوهُ بَيْنَهُمْ فَقَالَ قِيسُوا مَا بَيْنَ الْأَرْضَيْنِ فَإِلَى أَيَّتِهِمَا كَانَ أَدْنَى فَهُوَ لَهُ فَقَاسُوهُ فَوَجَدُوهُ أَدْنَى إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي أَرَادَ فَقَبَضَتْهُ مَلَائِكَةُ الرَّحْمَةِ . (البخاري حديث:3470 مسلم حديث:2766)

عِظم سرعة الملائكة :

إن أعظم سرعة عرفها البشر هي سرعة الضوء فهو ينطلق بسرعة 186 ألف ميل في الثانية الواحدة، وأما سرعة الملائكة فهو أسرع من ذلك، وهي سرعة لا تُقاس بمقاييس البشر، فقد كان السائل يسأل رسول الله، فلا يكاد يفرغ من سؤاله حتى يأتيه جبريل بالجواب من رب العزة سبحانه وتعالى من السماء السابعة . واليوم إذا تخيلنا وجود المركبات الفضائية التي تسير بسرعة الضوء فإنها تحتاج إلى مليار سنة ضوئية حتى تبلغ الكواكب الموجودة في هذا الكون الشاسع .

الملائكة منزهون عن الأعراض البشرية :

(1) الملائكة لا يوصفون بالذكورة أو الأنوثة، ولقد ضل المشركون حينما زعموا أن الملائكة بنات الله فرد الله عليهم هذا الزعم .

فقال سبحانه وتعالى : (وَجَعَلُوا الْمَلَائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَنِ إِنَاثًا أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ وَيُسْأَلُونَ ) ( الزخرف : 19 )

فلقد جعل الله قولهم هذا شهادة سيحاسبهم عليها، فإن من أعظم الذنوب القول على الله بغير علم .

ومن هنا يجب أن يحذر المسلم في أن يتقول في مثل هذه الأمور بلا علم، فهؤلاء الذين يزعمون أن الإنسان أصله قرد أو غيره يُقال لهم نفس القول (أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ وَيُسْأَلُونَ )، والله تبارك وتعالى يقول: (مَا أَشْهَدْتُهُمْ خَلْقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَا خَلْقَ أَنْفُسِهِمْ ) فيجب على المسلم أن يحذر في ترديد كلام أهل الضلال على اختلاف جنسياتهم وأديانهم .

(2) الملائكة لا يأكلون ولا يشربون :

الملائكة لا تحتاج إلى طعام أو إلى شراب ودليل ذلك قوله سبحانه وتعالى عندما قدمت الملائكة أضيافاً على إبراهيم : (هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ الْمُكْرَمِينَ *إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقَالُوا سَلَامًا قَالَ سَلَامٌ قَوْمٌ مُنْكَرُونَ * فَرَاغَ إِلَى أَهْلِهِ فَجَاءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ * فَقَرَّبَهُ إِلَيْهِمْ قَالَ أَلَا تَأْكُلُونَ * فَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قَالُوا لَا تَخَفْ وَبَشَّرُوهُ بِغُلَامٍ عَلِيمٍ ) ( الذاريات : 24 : 28 )

وقوله سبحانه : (فَلَمَّا رَأَى أَيْدِيَهُمْ لَا تَصِلُ إِلَيْهِ نَكِرَهُمْ وَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قَالُوا لَا تَخَفْ إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمِ لُوطٍ ) ( سورة هود 70 )

(3) الملائكة لا يملون ولا يتعبون :

الملائكة تقوم بطاعة الله بلا ملل ولا تعب ولا يدركهم ما يصيب البشر من الملل والتعب. قال تعالى : (يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لَا يَفْتُرُونَ ) ( أي : لا يضعفون ) ( الأنبياء : 20 )

وقال سبحانه : (فَالَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ يُسَبِّحُونَ لَهُ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَهُمْ لَا يَسْأَمُونَ )(أي لا يملون ) ( فصلت : 38 )

أسماء الملائكة :

للملائكة أسماءٌ كثيرة لكل منهم ونحن لا نعرف من هذه الأسماء إلا القليل وذلك لما جاء في كتاب الله وسنة رسوله، وها نحن نذكر بعض من هذه الأسماء:

(1) جبريل، (2) ميكائيل :

قال تعالى : (قُلْ مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللَّهِ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ * مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِلَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ فَإِنَّ اللَّهَ عَدُوٌّ لِلْكَافِرِينَ ) ( البقرة : 97 : 98)

وجبريل هو الروح الأمين المذكور في قوله تعالى : (نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ * عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ) ( الشعراء : 193 : 194 )

وقول سبحانه: (تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ ) ( القدر : 4 )

وهو الروح الذي أرسله إلى مريم عليها السلام : (فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا ) ( مريم : 17 )

(3) إسرافيل : وهو الذي ينفخ في الصور وكان يذكره الرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في دعائه .

روى مسلمٌ عن عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ قَالَ:سَأَلْتُ عَائِشَةَ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ بِأَيِّ شَيْءٍ كَانَ نَبِيُّ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَفْتَتِحُ صَلَاتَهُ إِذَا قَامَ مِنْ اللَّيْلِ؟ قَالَتْ: كَانَ إِذَا قَامَ مِنْ اللَّيْلِ افْتَتَحَ صَلَاتَهُ اللَّهُمَّ رَبَّ جَبْرَائِيلَ وَمِيكَائِيلَ وَإِسْرَافِيلَ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ أَنْتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبَادِكَ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ اهْدِنِي لِمَا اخْتُلِفَ فِيهِ مِنْ الْحَقِّ بِإِذْنِكَ إِنَّكَ تَهْدِي مَنْ تَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ . ( مسلم حديث 770 )

(4) مالك : خازن النار :

قال تعالى : (وَنَادَوْا يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ قَالَ إِنَّكُمْ مَاكِثُونَ ) ( الزخرف : 77)

(5)، (6) هاروت وماروت :

قال تعالى : (وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ ) ( البقرة : 102 )

عِلْمُ الملائكة :

الملائكة لديهم علم كثير علمهم الله إياه .

قال تعالى : (وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلَائِكَةِ فَقَالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلَاءِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ * قَالُوا سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ ) ( البقرة : 31 : 32 )

الملائكة منظمون في كل شؤونهم :

الملائكة منظمون في كل شئونهم وعبادتهم، ويوم القيامة يأتون صفوفاً منتظمة .

قال تعالى : (وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا ) ( الفجر : 22 )

وقال سبحانه : (يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلَائِكَةُ صَفًّا لَا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَقَالَ صَوَابًا ) ( النبأ : 38)

ولذا فقد حثنا النبي على الاقتداء بالملائكة .

روى مسلمٌ عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ قَالَ: خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: مَا لِي أَرَاكُمْ رَافِعِي أَيْدِيكُمْ كَأَنَّهَا أَذْنَابُ خَيْلٍ شُمْسٍ اسْكُنُوا فِي الصَّلَاةِ قَالَ ثُمَّ خَرَجَ عَلَيْنَا فَرَآنَا حَلَقًا فَقَالَ مَالِي أَرَاكُمْ عِزِينَ قَالَ ثُمَّ خَرَجَ عَلَيْنَا فَقَالَ أَلَا تَصُفُّونَ كَمَا تَصُفُّ الْمَلَائِكَةُ عِنْدَ رَبِّهَا فَقُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَكَيْفَ تَصُفُّ الْمَلَائِكَةُ عِنْدَ رَبِّهَا قَالَ يُتِمُّونَ الصُّفُوفَ الْأُوَلَ وَيَتَرَاصُّونَ فِي الصَّفِّ. ( مسلم حديث 430 )

روى مسلمٌ عن عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- آتِي بَابَ الْجَنَّةِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَأَسْتَفْتِحُ فَيَقُولُ الْخَازِنُ مَنْ أَنْتَ ؟فَأَقُولُ: مُحَمَّدٌ. فَيَقُولُ: بِكَ أُمِرْتُ لَا أَفْتَحُ لِأَحَدٍ قَبْلَكَ . ( مسلم حديث 197 )

عبادة الملائكة :

الملائكة مطبوعون على طاعة الله سبحانه وتعالى . . قال سبحانه: (لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ ) ( التحريم :6)

وقال تعالى :(وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ بَلْ عِبَادٌ مُكْرَمُونَ *لَا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ * يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ * وَمَنْ يَقُلْ مِنْهُمْ إِنِّي إِلَهٌ مِنْ دُونِهِ فَذَلِكَ نَجْزِيهِ جَهَنَّمَ كَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ ) ( الأنبياء : 26 : 29 )

ومن عبادات الملائكة ما يلي :

(1) التسبيح :

الملائكة دائماً يذكرون الله تعالى.قال تعالى : (الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ ) (غافر : 7 ) وقال سبحانه : (يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لَا يَفْتُرُونَ ) ( الأنبياء : 20 )

ولكثرة تسبيحهم فإنهم يفخروا بذلك . قال تعالى : (وَإِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ * وَإِنَّا لَنَحْنُ الْمُسَبِّحُونَ ) ( الصافات : 165 : 166 )

وروى مسلمٌ عَنْ أَبِي ذَرٍّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سُئِلَ أَيُّ الْكَلَامِ أَفْضَلُ؟ قَالَ مَا اصْطَفَى اللَّهُ لِمَلَائِكَتِهِ أَوْ لِعِبَادِهِ: سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ . ( مسلم حديث 2731 )

(2) صلاتهم :

روى الترمذيُّ عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: إِنِّي أَرَى مَا لَا تَرَوْنَ وَأَسْمَعُ مَا لَا تَسْمَعُونَ أَطَّتْ السَّمَاءُ وَحُقَّ لَهَا أَنْ تَئِطَّ، مَا فِيهَا مَوْضِعُ أَرْبَعِ أَصَابِعَ إِلَّا وَمَلَكٌ وَاضِعٌ جَبْهَتَهُ سَاجِدًا لِلَّهِ . وَاللَّهِ لَوْ تَعْلَمُونَ مَا أَعْلَمُ لَضَحِكْتُمْ قَلِيلًا وَلَبَكَيْتُمْ كَثِيرًا وَمَا تَلَذَّذْتُمْ بِالنِّسَاءِ عَلَى الْفُرُشِ وَلَخَرَجْتُمْ إِلَى الصُّعُدَاتِ تَجْأَرُونَ إِلَى اللَّهِ. (حديث حسن) (صحيح سنن الترمذي للألباني حديث:1882)

(3) خوفهم من الله تعالى :

لما كانت معرفة الملائكة بربها كبيرة كانت خشيتهم له كبيرة، ولذلك قال الله تعالى : (وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ ) ( الأنبياء : 28 )

روى الطبرانيٌّ عن جابر بن عبد الله أن رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قالَ:مررت ليلة أسري بي بالملأ الأعلى و جبريل كالحلس(كساء يُبسط على الأرض) البالي من خشية الله تعالى . (حديث حسن) (صحيح الجامع للألباني حديث:5865)

الصِفات الخُلُقية للملائكة :

(1) الملائكة كرام بررة :

وصف الله الملائكة بأنهم كرام بررة كما في قوله تعالى : (بِأَيْدِي سَفَرَةٍ * كِرَامٍ بَرَرَةٍ ) ( عبس : 15 : 16 )

وسفره لأن الملائكة كسفراء الله إلى رسله الكرام، وكرام برره أي خلقهم كريم حسن شريف وأخلاقهم وأفعالهم بارة طاهرة كاملة، ومن هنا ينبغي أن يكون حامل القرآن مثل هؤلاء الملائكة في أخلاقهم .

روى مسلمٌ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ:قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: الْمَاهِرُ بِالْقُرْآنِ مَعَ السَّفَرَةِ الْكِرَامِ الْبَرَرَةِ وَالَّذِي يَقْرَأُ الْقُرْآنَ وَيَتَتَعْتَعُ فِيهِ وَهُوَ عَلَيْهِ شَاقٌّ لَهُ أَجْرَانِ. (مسلم حديث:798)

(2) استحياء الملائكة :

ومن أخلاق الملائكة الحياء .

روى مسلمٌ عن عَائِشَةَ قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مُضْطَجِعًا فِي بَيْتِي كَاشِفًا عَنْ فَخِذَيْهِ أَوْ سَاقَيْهِ فَاسْتَأْذَنَ أَبُو بَكْرٍ فَأَذِنَ لَهُ وَهُوَ عَلَى تِلْكَ الْحَالِ فَتَحَدَّثَ ثُمَّ اسْتَأْذَنَ عُمَرُ فَأَذِنَ لَهُ وَهُوَ كَذَلِكَ فَتَحَدَّثَ ثُمَّ اسْتَأْذَنَ عُثْمَانُ فَجَلَسَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَسَوَّى ثِيَابَهُ قَالَ مُحَمَّدٌ وَلَا أَقُولُ ذَلِكَ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ فَدَخَلَ فَتَحَدَّثَ فَلَمَّا خَرَجَ قَالَتْ عَائِشَةُ دَخَلَ أَبُو بَكْرٍ فَلَمْ تَهْتَشَّ لَهُ وَلَمْ تُبَالِهِ ثُمَّ دَخَلَ عُمَرُ فَلَمْ تَهْتَشَّ لَهُ وَلَمْ تُبَالِهِ ثُمَّ دَخَلَ عُثْمَانُ فَجَلَسْتَ وَسَوَّيْتَ ثِيَابَكَ فَقَالَ أَلَا أَسْتَحِي مِنْ رَجُلٍ تَسْتَحِي مِنْهُ الْمَلَائِكَةُ . ( مسلم حديث 2401 )

الملائكة تتأذى :

الملائكة تتأذى منه بنو آدم .

روى مسلمٌ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: مَنْ أَكَلَ الْبَصَلَ وَالثُّومَ وَالْكُرَّاثَ فَلَا يَقْرَبَنَّ مَسْجِدَنَا. فَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ تَتَأَذَّى مِمَّا يَتَأَذَّى مِنْهُ بَنُو آدَمَ . ( مسلم حديث: 90 )

رؤية الملائكة :

لا يستطيع بنو آدم أن يرواْ الملائكة، لأن الله لم يعط أبصارهم القدرة على رؤيتهم ولم ير الملائكة في صورهم الخلقية من هذه الأمة، إلا الرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فإنه رأى جبريل على صورته الحقيقية مرتين، وقد رأى الصحابة جبريل في صورة بشر كما جاء في حديث سؤال جبريل، كما رأى موسى ملك الموت حينما جاء في صورة بشر .

لماذا يرسل الله رسله من الملائكة ؟

لم يرسل الله رسله من الملائكة لأن طبيعة الملائكة تختلف عن طبيعة البشر فاتصالهم بالملائكة ليس سهلاً، وكذلك كان يشق على الرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مجيئ جبريل إليه بصفته الملائكية، فعندما رأى جبريل في بداية الوحي على صورته، فزع .

ولذا قال تعالى : (قُلْ لَوْ كَانَ فِي الْأَرْضِ مَلَائِكَةٌ يَمْشُونَ مُطْمَئِنِّينَ لَنَزَّلْنَا عَلَيْهِمْ مِنَ السَّمَاءِ مَلَكًا رَسُولًا ) ( الإسراء : 95 )

ويقول الإمام القرطبي : وإنما أقدر الأنبياء على ذلك ( أي على رؤية الملائكة ) وخُلقه فيهم ما يقدرون به ليكون ذلك آيه لهم ومعجزة . ( الجامع لأحكام القرطبي للقرطبي جـ10 صـ332 )

قال تعالى : (وَقَالُوا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ وَلَوْ أَنْزَلْنَا مَلَكًا لَقُضِيَ الْأَمْرُ ثُمَّ لَا يُنْظَرُونَ * وَلَوْ جَعَلْنَاهُ مَلَكًا لَجَعَلْنَاهُ رَجُلًا وَلَلَبَسْنَا عَلَيْهِمْ مَا يَلْبِسُونَ ) ( الأنعام : 8 : 9 )

قال ابن عباس : لو رأوا الملَكَ على صورته لماتوا، إذ لا يطيقون رؤيته . ( الجامع لأحكام القرآن للقرطبي جـ6 صـ393 )

أعمال الملائكة :

للملائكة الكرام أعمال كثيرة يقومون بها بإذن ربهم سبحانه وتعالى. ومن أعمال الملائكة ما يلي :

(1) ملائكة الوحي :

وهم الذين يكونون واسطه بين الله وبين رسله ومن اصطفاه من عباده ومن هؤلاء الملائكة جبريل عليه السلام، قال تعالى :

(1) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى * عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى * ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى *وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلَى ) ( النجم : 4 : 7 )

(2) وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انْتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا مَكَانًا شَرْقِيًّا * فَاتَّخَذَتْ مِنْ دُونِهِمْ حِجَابًا فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا ) ( مريم : 16 : 17 )

(6) روى مسلمٌ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: بَيْنَمَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَعِنْدَهُ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَام إِذْ سَمِعَ نَقِيضًا فَوْقَهُ فَرَفَعَ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَام بَصَرَهُ إِلَى السَّمَاءِ فَقَالَ: هَذَا بَابٌ قَدْ فُتِحَ مِنْ السَّمَاءِ مَا فُتِحَ قَطُّ. قَالَ: فَنَزَلَ مِنْهُ مَلَكٌ فَأَتَى النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: أَبْشِرْ بِنُورَيْنِ أُوتِيتَهُمَا لَمْ يُؤْتَهُمَا نَبِيٌّ قَبْلَكَ فَاتِحَةِ الْكِتَابِ وَخَوَاتِيمِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ لَمْ تَقْرَأْ حَرْفًا مِنْهُمَا إِلَّا أُعْطِيتَهُ . (مسلم حديث:806)

(2) ملائكة المطر والنبات :

ميكائيل موكل بالمطر والنبات، وله أعوان يفعلون ما يأمرهم به بأمر الله تعالى، يصرفون الرياح والسحاب كما يشاء الله جل جلاله.

وهذه الملائكة قد تسقى بلاداً دون بلاد أو قرية دون أخرى، وقد تُأمر بسقي زرع رجل دون غيره .

روى مسلمٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: بَيْنَا رَجُلٌ بِفَلَاةٍ مِنْ الْأَرْضِ فَسَمِعَ صَوْتًا فِي سَحَابَةٍ اسْقِ حَدِيقَةَ فُلَانٍ فَتَنَحَّى ذَلِكَ السَّحَابُ فَأَفْرَغَ مَاءَهُ فِي حَرَّةٍ فَإِذَا شَرْجَةٌ مِنْ تِلْكَ الشِّرَاجِ قَدْ اسْتَوْعَبَتْ ذَلِكَ الْمَاءَ كُلَّهُ فَتَتَبَّعَ الْمَاءَ فَإِذَا رَجُلٌ قَائِمٌ فِي حَدِيقَتِهِ يُحَوِّلُ الْمَاءَ بِمِسْحَاتِهِ فَقَالَ لَهُ: يَا عَبْدَ اللَّهِ مَا اسْمُكَ؟ قَالَ: فُلَانٌ لِلِاسْمِ الَّذِي سَمِعَ فِي السَّحَابَةِ فَقَالَ لَهُ يَا عَبْدَ اللَّهِ لِمَ تَسْأَلُنِي عَنْ اسْمِي فَقَالَ إِنِّي سَمِعْتُ صَوْتًا فِي السَّحَابِ الَّذِي هَذَا مَاؤُهُ يَقُولُ اسْقِ حَدِيقَةَ فُلَانٍ لِاسْمِكَ فَمَا تَصْنَعُ فِيهَا ؟قَالَ: أَمَّا إِذْ قُلْتَ هَذَا، فَإِنِّي أَنْظُرُ إِلَى مَا يَخْرُجُ مِنْهَا فَأَتَصَدَّقُ بِثُلُثِهِ وَآكُلُ أَنَا وَعِيَالِي ثُلُثًا وَأَرُدُّ فِيهَا ثُلُثَهُ. (مسلم حديث:2984)

(3) الملك الموكل بالنفخ في الصور :

وهو اسرافيل الذي ينفخ في الصور .

روى الترمذيُّ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخدري قَالَ:قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-:كَيْفَ أَنْعَمُ وَصَاحِبُ الْقَرْنِ قَدْ الْتَقَمَ الْقَرْنَ وَاسْتَمَعَ الْإِذْنَ مَتَى يُؤْمَرُ بِالنَّفْخِ فَيَنْفُخُ فَكَأَنَّ ذَلِكَ ثَقُلَ عَلَى أَصْحَابِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ لَهُمْ: قُولُوا:حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ عَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْنَا. (حديث صحيح)(صحيح الترمذي للألباني حديث:1980)

 (4) الملائكة الموكلة بقبض الأرواح :

وعلى رأسهم ملك الموت وله أعوان، بدليل قوله تعالى : (حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لَا يُفَرِّطُونَ ) ( الأنعام : 61 )

قال تعالى : (الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ طَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلَامٌ عَلَيْكُمُ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ) ( النحل : 32 )

قال تعالى : (قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ ) ( السجدة : 11 )

ويقول سبحانه وتعالى عن ملائكة العذاب : (وَلَوْ تَرَى إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُوا الْمَلَائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ وَذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ ) ( الأنفال : 50 )

(5) حملة العرش ومن حوله :

قال تعالى : (الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا ) (غافر : 7 ) وقال تعالى : (وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ ) ( الحاقة : 17 )

(6) الكرام الكاتبون :

قال تعالى : (أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لَا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ بَلَى وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ ) ( الزخرف : 80)

وهم الملائكة الذين يكتبون أعمال العباد من خير وشر بدليل قوله سبحانه : (وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ * إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ * مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ ) ( ق : 16 : 18 )

قال تعالى : (وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ (10) كِرَامًا كَاتِبِينَ * يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ ) ( الانفطار : 10 : 12 )

فملك اليمين يكتب الحسنات وملك الشمال يكتب السيئات حتى إذا ما بعث الله الناس أخذ كل إنسان صحيفته .

قال تعالى : (وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنْشُورًا * اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا ) ( الإسراء : 12 : 14 )

وملك الحسنات أمير على ملك السيئات فهذه الملائكة تكتب كل كلام الإنسان، ولنا تعجب الكفار من ذلك .

قال تعالى : (وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا ) ( الكهف : 49 )

(7) ملائكة الجبال :

إن الله تعالى قد وكل للجبال ملائكة وقد أرسل ملك الجبال إلى محمد -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يستأمره في إهلاك أهل مكة وذلك بدليل : روى الشيخانِ عن عُرْوَةَ بنِ الزبير أَنَّ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا زَوْجَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَدَّثَتْهُ أَنَّهَا قَالَتْ لِلنَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- هَلْ أَتَى عَلَيْكَ يَوْمٌ كَانَ أَشَدَّ مِنْ يَوْمِ أُحُدٍ قَالَ لَقَدْ لَقِيتُ مِنْ قَوْمِكِ مَا لَقِيتُ وَكَانَ أَشَدَّ مَا لَقِيتُ مِنْهُمْ يَوْمَ الْعَقَبَةِ إِذْ عَرَضْتُ نَفْسِي عَلَى ابْنِ عَبْدِ يَالِيلَ بْنِ عَبْدِ كُلَالٍ فَلَمْ يُجِبْنِي إِلَى مَا أَرَدْتُ فَانْطَلَقْتُ وَأَنَا مَهْمُومٌ عَلَى وَجْهِي فَلَمْ أَسْتَفِقْ إِلَّا وَأَنَا بِقَرْنِ الثَّعَالِبِ فَرَفَعْتُ رَأْسِي فَإِذَا أَنَا بِسَحَابَةٍ قَدْ أَظَلَّتْنِي فَنَظَرْتُ فَإِذَا فِيهَا جِبْرِيلُ فَنَادَانِي فَقَالَ إِنَّ اللَّهَ قَدْ سَمِعَ قَوْلَ قَوْمِكَ لَكَ وَمَا رَدُّوا عَلَيْكَ وَقَدْ بَعَثَ إِلَيْكَ مَلَكَ الْجِبَالِ لِتَأْمُرَهُ بِمَا شِئْتَ فِيهِمْ فَنَادَانِي مَلَكُ الْجِبَالِ فَسَلَّمَ عَلَيَّ ثُمَّ قَالَ يَا مُحَمَّدُ فَقَالَ ذَلِكَ فِيمَا شِئْتَ إِنْ شِئْتَ أَنْ أُطْبِقَ عَلَيْهِمْ الْأَخْشَبَيْنِ(الجبلين) فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: بَلْ أَرْجُو أَنْ يُخْرِجَ اللَّهُ مِنْ أَصْلَابِهِمْ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ وَحْدَهُ لَا يُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا . ( البخاري حديث 3231 / مسلم حديث 1795 )

(8) ملائكة الأرحام:

إن الله تبارك وتعالى قد وكَّلَ بالأرحام ملائكة تقوم عليه :

روى الشيخانِ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: وَكَّلَ اللَّهُ بِالرَّحِمِ مَلَكًا فَيَقُولُ أَيْ رَبِّ نُطْفَةٌ أَيْ رَبِّ عَلَقَةٌ أَيْ رَبِّ مُضْغَةٌ فَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يَقْضِيَ خَلْقَهَا قَالَ: أَيْ رَبِّ أَذَكَرٌ أَمْ أُنْثَى أَشَقِيٌّ أَمْ سَعِيدٌ فَمَا الرِّزْقُ فَمَا الْأَجَلُ فَيُكْتَبُ كَذَلِكَ فِي بَطْنِ أُمِّهِ. ( البخاري حديث 6595/ مسلم حديث 2646)

روى مسلمٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ:سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: إِذَا مَرَّ بِالنُّطْفَةِ ثِنْتَانِ وَأَرْبَعُونَ لَيْلَةً بَعَثَ اللَّهُ إِلَيْهَا مَلَكًا فَصَوَّرَهَا وَخَلَقَ سَمْعَهَا وَبَصَرَهَا وَجِلْدَهَا وَلَحْمَهَا وَعِظَامَهَا ثُمَّ قَالَ يَا رَبِّ أَذَكَرٌ أَمْ أُنْثَى فَيَقْضِي رَبُّكَ مَا شَاءَ وَيَكْتُبُ الْمَلَكُ ثُمَّ يَقُولُ: يَا رَبِّ أَجَلُهُ فَيَقُولُ رَبُّكَ مَا شَاءَ وَيَكْتُبُ الْمَلَكُ ثُمَّ يَقُولُ يَا رَبِّ رِزْقُهُ فَيَقْضِي رَبُّكَ مَا شَاءَ وَيَكْتُبُ الْمَلَكُ ثُمَّ يَخْرُجُ الْمَلَكُ بِالصَّحِيفَةِ فِي يَدِهِ فَلَا يَزِيدُ عَلَى مَا أُمِرَ وَلَا يَنْقُصُ. (مسلم حديث: 2645 )

(9) الملائكة الحفظة :

وهم الملائكة الذين وكَّلهم الله بحفظ الإنسان من الجن والشياطين والعاهات والآفات، قال تعالى : (لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ ) ( الرعد : 11 )قال ابن عباس ملائكة يَحْفَظُونَهُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ فإذا جاء قدر الله خلوه عنه . (تفسير ابن كثير جـ8صـ116:115)

وقال سبحانه : (وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَيُرْسِلُ عَلَيْكُمْ حَفَظَةً ) ( الأنعام : 61 )

قال ابن كثير : (وَيُرْسِلُ عَلَيْكُمْ حَفَظَةً ) أي: من الملائكة يحفظون بدن الإنسان. (تفسير ابن كثير جـ6صـ:55)

(10) ملائكة الجنة :

قال تعالى : (وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ ) ( الزمر : 73 )

(11) ملائكة العذاب :

قال تعالى : (وَنَادَوْا يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ قَالَ إِنَّكُمْ مَاكِثُونَ ) ( الزخرف : 77 )

وقال تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ ) ( التحريم : 6 )

وقال سبحانه : (وَقَالَ الَّذِينَ فِي النَّارِ لِخَزَنَةِ جَهَنَّمَ ادْعُوا رَبَّكُمْ يُخَفِّفْ عَنَّا يَوْمًا مِنَ الْعَذَابِ * قَالُوا أَوَلَمْ تَكُ تَأْتِيكُمْ رُسُلُكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا بَلَى قَالُوا فَادْعُوا وَمَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلَالٍ ) ( غافر : 49 : 50 )

وقال جل شانه : (وَمَا أَدْرَاكَ مَا سَقَرُ * لَا تُبْقِي وَلَا تَذَرُ * لَوَّاحَةٌ لِلْبَشَرِ * عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ * وَمَا جَعَلْنَا أَصْحَابَ النَّارِ إِلَّا مَلَائِكَةً وَمَا جَعَلْنَا عِدَّتَهُمْ إِلَّا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا لِيَسْتَيْقِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَيَزْدَادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيمَانًا ) ( المدثر : 27 : 31 )

روى مسلمٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: يُؤْتَى بِجَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ لَهَا سَبْعُونَ أَلْفَ زِمَامٍ مَعَ كُلِّ زِمَامٍ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ يَجُرُّونَهَا . ( مسلم حديث2842)

(12) ملائكة فتنة القبر :

روى البخاريُّ عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: الْعَبْدُ إِذَا وُضِعَ فِي قَبْرِهِ وَتُوُلِّيَ وَذَهَبَ أَصْحَابُهُ حَتَّى إِنَّهُ لَيَسْمَعُ قَرْعَ نِعَالِهِمْ أَتَاهُ مَلَكَانِ فَأَقْعَدَاهُ فَيَقُولَانِ لَهُ مَا كُنْتَ تَقُولُ فِي هَذَا الرَّجُلِ مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَيَقُولُ أَشْهَدُ أَنَّهُ عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ فَيُقَالُ انْظُرْ إِلَى مَقْعَدِكَ مِنْ النَّارِ أَبْدَلَكَ اللَّهُ بِهِ مَقْعَدًا مِنْ الْجَنَّةِ قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَيَرَاهُمَا جَمِيعًا وَأَمَّا الْكَافِرُ أَوْ الْمُنَافِقُ فَيَقُولُ لَا أَدْرِي كُنْتُ أَقُولُ مَا يَقُولُ النَّاسُ فَيُقَالُ لَا دَرَيْتَ وَلَا تَلَيْتَ ثُمَّ يُضْرَبُ بِمِطْرَقَةٍ مِنْ حَدِيدٍ ضَرْبَةً بَيْنَ أُذُنَيْهِ فَيَصِيحُ صَيْحَةً يَسْمَعُهَا مَنْ يَلِيهِ إِلَّا الثَّقَلَيْنِ . ( البخاري حديث 1338 )

(13) الملائكة السياحون :

إن الله تبارك وتعالى وَكَّلَ ملائكة لشهود مجالس العلم وحِلَق الذِّكْر .

روى الشيخانِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: إِنَّ لِلَّهِ مَلَائِكَةً يَطُوفُونَ فِي الطُّرُقِ يَلْتَمِسُونَ أَهْلَ الذِّكْرِ فَإِذَا وَجَدُوا قَوْمًا يَذْكُرُونَ اللَّهَ تَنَادَوْا هَلُمُّوا إِلَى حَاجَتِكُمْ قَالَ فَيَحُفُّونَهُمْ بِأَجْنِحَتِهِمْ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا. (البخاري حديث 6408 /مسلم حديث2689)

روى مسلمٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: وَمَا اجْتَمَعَ قَوْمٌ فِي بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ اللَّهِ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَيَتَدَارَسُونَهُ بَيْنَهُمْ إِلَّا نَزَلَتْ عَلَيْهِمْ السَّكِينَةُ وَغَشِيَتْهُمْ الرَّحْمَةُ وَحَفَّتْهُمْ الْمَلَائِكَةُ وَذَكَرَهُمْ اللَّهُ فِيمَنْ عِنْدَهُ . ( مسلم حديث 2699)

(14) ملائكة الدعاء :

العبد المسلم إذا دعا لأخيه بظهر الغيب وكَّلَ اللهُ تعالى له ملكاً يقول: آمين ولك بمثل ذلك .

روى مسلمٌ عن أبي الدرداء قَالَ:قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- : دَعْوَةُ الْمَرْءِ الْمُسْلِمِ لِأَخِيهِ بِظَهْرِ الْغَيْبِ مُسْتَجَابَةٌ عِنْدَ رَأْسِهِ مَلَكٌ مُوَكَّلٌ كُلَّمَا دَعَا لِأَخِيهِ بِخَيْرٍ قَالَ الْمَلَكُ الْمُوَكَّلُ بِهِ :آمِينَ وَلَكَ بِمِثْلٍ . ( مسلم حديث 2733 )

(15) ملائكة لحماية مكة والمدينة :

روى مسلمٌ عن فَاطِمَةَ بِنْتَ قَيْسٍ من قصة تميم الداري ( حديث الجساسة ) أَنَا الْمَسِيحُ (أي الدجال) وَإِنِّي أُوشِكُ أَنْ يُؤْذَنَ لِي فِي الْخُرُوجِ فَأَخْرُجَ فَأَسِيرَ فِي الْأَرْضِ فَلَا أَدَعَ قَرْيَةً إِلَّا هَبَطْتُهَا فِي أَرْبَعِينَ لَيْلَةً غَيْرَ مَكَّةَ وَطَيْبَةَ فَهُمَا مُحَرَّمَتَانِ عَلَيَّ كِلْتَاهُمَا كُلَّمَا أَرَدْتُ أَنْ أَدْخُلَ وَاحِدَةً أَوْ وَاحِدًا مِنْهُمَا اسْتَقْبَلَنِي مَلَكٌ بِيَدِهِ السَّيْفُ صَلْتًا يَصُدُّنِي عَنْهَا وَإِنَّ عَلَى كُلِّ نَقْبٍ مِنْهَا مَلَائِكَةً يَحْرُسُونَهَا . ( مسلم حديث 2942 )

روى البخاريُّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: عَلَى أَنْقَابِ الْمَدِينَةِ مَلَائِكَةٌ لَا يَدْخُلُهَا الطَّاعُونُ وَلَا الدَّجَّالُ .( البخاري حديث 1880)

محبة الملائكة للمؤمنين :

روى الشيخانِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى إِذَا أَحَبَّ عَبْدًا نَادَى جِبْرِيلَ إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَبَّ فُلَانًا فَأَحِبَّهُ فَيُحِبُّهُ جِبْرِيلُ ثُمَّ يُنَادِي جِبْرِيلُ فِي السَّمَاءِ إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَبَّ فُلَانًا فَأَحِبُّوهُ فَيُحِبُّهُ أَهْلُ السَّمَاءِ وَيُوضَعُ لَهُ الْقَبُولُ فِي أَهْلِ الْأَرْضِ .( البخاري حديث 7485/ مسلم حديث 2637)

صلاة الملائكة على المؤمنين :

قال الله تعالى : (هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا ) (الأحزاب : 43 )

صَلَاةُ الْمَلَائِكَةِ: الدُّعَاءُ للمؤمنين بالخير والتوفيق والسداد.

الأعمال التي تصلي بها الملائكة على المؤمنين:

(1) أهل العلم :

 روى الترمذيُّ عن أبي أُمامة أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال : فَضْلُ الْعَالِمِ عَلَى الْعَابِدِ كَفَضْلِي عَلَى أَدْنَاكُمْ ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ وَأَهْلَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرَضِينَ حَتَّى النَّمْلَةَ فِي جُحْرِهَا وَحَتَّى الْحُوتَ لَيُصَلُّونَ عَلَى مُعَلِّمِ النَّاسِ الْخَيْرَ. (حديث صحيح ) (صحيح الترمذي للألباني حديث 2161)

(2) الذين يجلسون في المسجد انتظاراً للصلاة :

 روى مسلمٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ:قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-:إِنَّ الْمَلَائِكَةَ تُصَلِّي عَلَى أَحَدِكُمْ مَا دَامَ فِي مَجْلِسِهِ تَقُولُ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ، اللَّهُمَّ ارْحَمْهُ مَا لَمْ يُحْدِثْ، وَأَحَدُكُمْ فِي صَلَاةٍ مَا كَانَتْ الصَّلَاةُ تَحْبِسُهُ (مسلم حديث649)

(3) الذين يُصَلون في الصف الأول :

روى أحمدٌ عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ : إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى الصَّفِّ الْأَوَّلِ. ( حديث صحيح ) (مسند أحمد حديث جـ4صـ285حديث:1841)

(4) الذين يَصِلون الصفوف في الصلاة :

روى ابنُ ماجه عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى الَّذِينَ يَصِلُونَ الصُّفُوفَ وَمَنْ سَدَّ فُرْجَةً رَفَعَهُ اللَّهُ بِهَا دَرَجَةً .( حديث صحيح ) ( صحيح ابن ماجه للألباني حديث 814)

(5) الذين يصلون على النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- :

روى أحمدٌ عَنْ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: مَا صَلَّى عَلَيَّ أَحَدٌ صَلَاةً إِلَّا صَلَّتْ عَلَيْهِ الْمَلَائِكَةُ مَا دَامَ يُصَلِّي عَلَيَّ فَلْيُقِلَّ عَبْدٌ مِنْ ذَلِكَ أَوْ لِيُكْثِرْ . ( حديث حسن ) ( مسند أحمد جـ24 صـ457 حديث 15689 )

(6) الذين يعودون المرضى :

روى ابنُ حبان عن علي بن أبي طالب أن رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ :ما من امرئ مسلم يعود مسلماً إلا ابتعث الله سبعين ألف مَلك يُصَلون عليه في أي ساعات النهار كان حتى يمسي وأي ساعات الليل كان حتى يصبح . ( حديث صحيح ) ( صحيح الجامع للألباني حديث 5687 )

موت الملائكة :

الملائكة خَلْقٌ من خلْقِ الله تعالى تموت كما تموت جميع الخلائق من الجن والإنس والحيوانات والطيور .

قال تعالى : ( وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ ) ( الزمر : 68 ) وقال سبحانه : (كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ ) ( القصص : 88 )

أسأل الله تعالى بأسمائه الحسنى وصفاته العُلى أن يتقبل منى هذا العمل وأن ينفعَ به طلاب العِلم.

وآخر دعوانا أن الحمدُ لله ربِّ العالمين.

وصلى اللهُ على نبينا محمدٍ وعلى آلهِ وصحبهِ والتابعينَ لهم بإحسانٍ إلى يوم الدين .

عدد المشاهدات 11672