أحكام اللقطة

2011-11-05

صلاح الدق

أحكام اللُّقَطَة

الحمدُ لله الذي خَلَقَ كُلَّ شيءٍ فقدره تقديراً، والصلاة والسلام على نبينا محمدٍ، الذي بعثه اللهُ هادياً ومبشراً نذيراً، وداعياً إلى الله تعالى بإذنه و سراجاً منيرا، أما بعد :

فإن اللقطة لها أحكام شرعية خاصة بها، أحببت أن أُذكر بها نفسي و إخواني الكرام، وقد تحدثت في هذه الرسالة عن معنى اللقطة، وحكم أخذها، و تعريفها، و ضياعها، و موت الملتقط، وأخذ مكافأة عليها، و ضالة الأغنام و الإبل و البقر، كما تحدثت عن لقطة الحرم، وزكاة اللقطة، و النفقة عليها، والاتجار فيها، ثم ختمت الرسالة بالحديث عن امتلاك اللقطة و التصدق بها.

أسأل اللَه تعالى بأسمائه الحسنى وصفاته أن يجعل هذا العمل خالصاً لوجهه الكريم، وأن ينفع به طلاب العلم. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين . وصلى الله وسلم على نبينا محمدٍ، وعلى آله، وصحبه، والتابعينَ لهم بإحسان إلى يوم الدين.

 صلاح نـجيب الدق

0109783716 / 2847990

 بلبيس – مسجد التوحيد

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

معنى اللُّقَطَة:

اللُّقَطةُ في اللغة :

اللَّقْطُ أَخْذُ الشيء من الأَرض لقَطَه يَلْقُطه لَقْطاً والتقَطَه أَخذه من الأَرض يُقالُ لِكُلِّ ساقِطةٍ لاقِطةٌ أَي لكل ما نَدَر من الكلام مَن يَسْمَعُها ويُذِيعُها .  (لسان العرب لابن منظور جـ1صـ 4060 )

اللُّقَطةُ في الشرع :

هي المال الضائع من صاحبه، يلتقطه غيره، أو الشيء الذي يجده الإنسان ملقى على الأرض .

وتطلق على ما ليس بحيوان، أما الحيوان، فيقال له : ضالة . فيأخذه أمانة عنده .( المغني لابن قدامة جـ8 صـ290 )

حكْم أخذ اللقطة :

يُستحبُ أخذُ اللُّقَطةِ، إذا تأكد المسلم أنه سوف يقوم بتعريفها، وإلا كان ترك اللقطة على الأرض أولى. ويحرم على الملتقط أن يأخذها لنفسه من البداية، لأنها في هذه الحالة تعتبر كالشيء المغصوب.

ويجب على المسلم أخذ اللقطة لتعريفها إذا خاف عليها من الضياع، لأن لمال المسلم حُرمةٌ، فلو ترك اللقطة حتى ضاعت كان آثماً. ( المبسوط للسرخسي جـ11 صـ2 ) ( بداع الصنائع للكاساني جـ6 صـ200 )

 تعريف اللُّقَطةِ :

يجب على المسلم أن يقوم بتعريف الشيء الذي التقطه إذا كان هذا الشيء له قيمة عند الناس .( المغني لابن قدامة جـ8 صـ292 )

مدة تعريف اللُّقَطةِ :

سنة هجرية كاملة، تبدأ من وقت التقاط الشيء، ويكون وقت التعريف نهاراً لأنه وقت اجتماع الناس، كان التعريف هو الأسواق وأبواب المساجد، وكل مكان يجتمع فيه الناس، لأن المقصود إشاعة ذكر اللقطة وإظهارها، ليجدها صاحبها . ( المغني لابن قدامة جـ8 صـ293 : صـ294 )

روى الشيخانِ عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَسَأَلَهُ عَنْ اللُّقَطَةِ فَقَالَ: اعْرِفْ عِفَاصَهَا ( وعاء ) وَوِكَاءَهَا ( الخيط التي يربط به الكيس ) ثُمَّ عَرِّفْهَا سَنَةً فَإِنْ جَاءَ صَاحِبُهَا وَإِلَّا فَشَأْنَكَ بِهَا قَالَ فَضَالَّةُ الْغَنَمِ قَالَ : هِيَ لَكَ أَوْ لِأَخِيكَ أَوْ لِلذِّئْبِ قَالَ: فَضَالَّةُ الْإِبِلِ؟ قَالَ: مَا لَكَ وَلَهَا مَعَهَا سِقَاؤُهَا وَحِذَاؤُهَا تَرِدُ الْمَاءَ وَتَأْكُلُ الشَّجَرَ حَتَّى يَلْقَاهَا رَبُّهَا . ( البخاري حديث 2429 / مسلم حديث1722)

الإعلان عن اللقطة داخل المساجد:

لا يجوز الإعلان عن اللُّقَطةُ داخل المساجد لأنها لَمْ تُبْنَ لِهَذَا.

روى مسلمٌ عَنْ أَبي هُرَيْرَةَ قالَ:قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: مَنْ سَمِعَ رَجُلًا يَنْشُدُ ضَالَّةً فِي الْمَسْجِدِ فَلْيَقُلْ: لَا رَدَّهَا اللَّهُ عَلَيْكَ فَإِنَّ الْمَسَاجِدَ لَمْ تُبْنَ لِهَذَا.(مسلم حديث 568)

تأخير تعريف اللقطة :

إذا أخَّرَ المسلمُ تعريف اللُّقَطةِ عن العام الأول، مع قدرته على تعريفها كان آثماً، لأن النبي أمر بالتعريف، والأمر يقتضي الوجوب . ( المغني لابن قدامة جـ8 صـ297 )

الإشهاد على اللقطة :

يُستحبُ للمسلم الإشهاد على اللقطة، عندما يجدها، وَفَائِدَةُ الْإِشْهَادِ صِيَانَةُ نَفْسِهِ عَنْ الطَّمَعِ فِيهَا، وَكَتْمُهَا وَحِفْظُهَا مِنْ وَرَثَتِهِ إنْ مَاتَ، وَمِنْ غُرَمَائِهِ إنْ أَفْلَسَ .وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَكْتُبَ صِفَاتِهَا ؛ لِيَكُونَ أَثْبَتَ لَهَا مَخَافَةَ أَنْ يَنْسَاهَا إنْ اقْتَصَرَعَلَى حِفْظِهَا بِقَلْبِهِ، فَإِنَّ الْإِنْسَانَ عُرْضَةُ النِّسْيَانِ .( المغني لابن قدامة جـ8 صـ309 )

روى أبو داودَ عَنْ عِيَاضِ بْنِ حِمَارٍ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: مَنْ وَجَدَ لُقَطَةً فَلْيُشْهِدْ ذَا عَدْلٍ أَوْ ذَوِي عَدْلٍ وَلَا يَكْتُمْ وَلَا يُغَيِّبْ فَإِنْ وَجَدَ صَاحِبَهَا فَلْيَرُدَّهَا عَلَيْهِ وَإِلَّا فَهُوَ مَالُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ . ( حديث صحيح ) (صحيح أبي داود للألباني حديث 1503 )

صفة الإشهاد على اللقطة :

ويكون الإشهاد على اللُّقَطةِ بقول المسلم أمام جمع من الناس، إني وجدت لقطة، فأي إنسان طلبها، فدلوه على مكاني، ويذكر جنس اللقطة فقط . فيقول : من ضاع منه ذهب أو فضة أو ثياب، أو نحو ذلك .(المغني لابن قدامة جـ8 صـ308 : صـ309 )

تلف اللقطة وضياعها :

اللُّقَطَةُ فِي الْحَوْلِ أَمَانَةٌ فِي يَدِ الْمُلْتَقِطِ، إنْ تَلِفَتْ بِغَيْرِ تَفْرِيطِهِ أَوْ نَقَصَتْ، فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، كَالْوَدِيعَةِ .

وَمَتَى جَاءَ صَاحِبُهَا، فَوَجَدَهَا أَخَذَهَا بِزِيَادَتِهَا الْمُتَّصِلَةِ وَالْمُنْفَصِلَةِ ؛ لِأَنَّهَا نَمَاءُ مِلِكِهِ .وَإِنْ أَتْلَفَهَا الْمُلْتَقِطُ، أَوْ تَلِفَتْ بِتَفْرِيطِهِ، ضَمِنَهَا بِمِثْلِهَا إنْ كَانَتْ مِنْ ذَوَاتِ الْأَمْثَالِ، وَبِقِيمَتِهَا إنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا مِثْلٌ .وَإِنْ تَلِفَتْ بَعْدَ الْحَوْلِ، ثَبَتَ فِي ذِمَّتِهِ مِثْلُهَا أَوْ قِيمَتُهَا بِكُلِّ حَالٍ ؛ لِأَنَّهَا دَخَلَتْ فِي مِلِكِهِ، وَتَلِفَتْ مِنْ مَالِهِ، وَسَوَاءٌ فَرَّطَ فِي حِفْظِهَا أَوْ لَمْ يُفَرِّطْ .وَإِنْ وَجَدَ الْعَيْنَ نَاقِصَةً، وَكَانَ نَقْصُهَا بَعْدَ الْحَوْلِ، أَخَذَ الْعَيْنَ وَثمنَ نَقْصِهَا ؛ لِأَنَّ جَمِيعَهَا مَضْمُونٌ إذَا تَلِفَتْ، فَكَذَلِكَ إذَا نَقَصَتْ . ( المغني لابن قدامة جـ8 صـ313 )

وَإِنْ ضَاعَتْ اللُّقَطَةُ مِنْ مُلْتَقِطِهَا بِغَيْرِ تَفْرِيطٍ، فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ ؛ لِأَنَّهَا أَمَانَةٌ فِي يَدِهِ، فَأَشْبَهَتْ الْوَدِيعَةَ .

فَإِنْ الْتَقَطَهَا آخَرُ، فَعَرَفَ أَنَّهَا ضَاعَتْ مِنْ الْأَوَّلِ، فَعَلَيْهِ رَدُّهَا إلَيْهِ ؛ لِأَنَّهُ قَدْ ثَبَتَ لَهُ حَقُّ التَّمَوُّلِ وَوِلَايَةُ التَّعْرِيفِ وَالْحِفْظِ، فَلَا يَزُولُ ذَلِكَ بِالضَّيَاعِ .فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ الثَّانِي بِالْحَالِ حَتَّى عَرَّفَهَا حَوْلًا، مَلَكَهَا ؛ لِأَنَّ سَبَبَ الْمِلْكِ وُجِدَ مِنْهُ مِنْ غَيْرِ عُدْوَانٍ، فَيَثْبُتُ الْمِلْكُ بِهِ كَالْأَوَّلِ، وَلَا يَمْلِكُ الْأَوَّلُ انْتِزَاعَهَا ؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ مُقَدَّمٌ عَلَى حَقِّ التَّمَلُّكِ، وَإِذَا جَاءَ صَاحِبُهَا فَلَهُ أَخْذُهَا مِنْ الثَّانِي، وَلَيْسَ لَهُ مُطَالَبَةُ الْأَوَّلِ ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُفَرِّطْ . ( المغني لابن قدامة جـ8 صـ316 )

لقطة الشيء اليسير :

إذا وجد المسلم لقطةً، لا قيمة لها، وتأكد الملتقط أن صاحبها لا يطلبها، جاز للمتلقط الانتفاع بها .( فتح القدير لابن الهمام جـ6 صـ122 )

روى الشيخانِ عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: مَرَّ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِتَمْرَةٍ فِي الطَّرِيقِ قَالَ: لَوْلَا أَنِّي أَخَافُ أَنْ تَكُونَ مِنْ الصَّدَقَةِ لَأَكَلْتُهَا . ( البخاري حديث 2431 / مسلم حديث 1071 )

حكْمُ اللقطة التي لا تبقى عاماً :

قال ابنُ قدامة : إِذَا الْتَقَطَ مَا لَا يَبْقَى عَامًا، فَذَلِكَ نَوْعَانِ ؛ أَحَدُهُمَا مَا لَا يَبْقَى بِعِلَاجٍ وَلَا غَيْرِهِ، كَالطَّبِيخِ، وَالْبِطِّيخِ، وَالْفَاكِهَةِ الَّتِي لَا تُجَفَّفُ، وَالْخَضْرَاوَاتِ .فَهُوَ مُخَيَّرٌ بَيْنَ أَكْلِهِ، وَبَيْعِهِ وَحِفْظِ ثَمَنِهِ، وَلَا يَجُوزُ إبْقَاؤُهُ ؛ لِأَنَّهُ يَتْلَفُ .فَإِنْ تَرَكَهُ حَتَّى تَلِفَ، فَهُوَ مِنْ ضَمَانِهِ ؛ لِأَنَّهُ فَرَّطَ فِي حِفْظِهِ، فَلَزِمَهُ ضَمَانُهُ، كَالْوَدِيعَةِ .فَإِنْ أَكَلَهُ ثَبَتَتْ الْقِيمَةُ فِي ذِمَّتِهِ، عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ فِي لُقَطَةِ الْغَنَمِ .وَإِنْ بَاعَهُ وَحَفِظَ ثَمَنَهُ، جَازَ . ( المغني لابن قدامة جـ8 صـ341 )

موت الملتقط :

إذَا مَاتَ الملتقطُ، وَاللُّقَطَةُ مَوْجُودَةٌ بِعَيْنِهَا، قَامَ وَارِثُهُ مَقَامَهُ فِي إتْمَامِ تَعْرِيفِهَا إنْ مَاتَ قَبْلَ الْحَوْلِ، وَيَمْلِكُهَا بَعْدَ إتْمَامِ التَّعْرِيفِ، فَإِنْ مَاتَ بَعْدَ الْحَوْلِ، وِرْثَهَا الْوَارِثُ، كَسَائِرِ أَمْوَالِ الْمَيِّتِ، وَمَتَى جَاءَ صَاحِبُهَا، أَخَذَهَا مِنْ الْوَارِثِ، كَمَا يَأْخُذُهَا مِنْ الْمَوْرُوثِ، فَإِنْ كَانَتْ مَعْدُومَةَ الْعَيْنِ، فَصَاحِبُهَا غَرِيمٌ لِلْمَيِّتِ بِمِثْلِهَا إنْ كَانَتْ مِنْ ذَوَاتِ الْأَمْثَالِ، أَوْ بِقِيمَتِهَا إنْ لَمْ تَكُنْ كَذَلِكَ، فَيَأْخُذُ ذَلِكَ مِنْ تَرِكَتِهِ إنْ اتَّسَعَتْ لِذَلِكَ، وَإِنْ ضَاقَتْ التَّرِكَةُ زَاحَمَ الْغُرَمَاءُ بِبَدَلِهَا، سَوَاءٌ تَلِفَتْ بَعْدَ الْحُلُولِ بِفِعْلِهِ أَوْ بِغَيْرِ فِعْلِهِ ؛ لِأَنَّهَا قَدْ دَخَلَتْ فِي مِلْكِهِ بِمُضِيِّ الْحَوْلِ وَإِنْ عَلِمَ أَنَّهَا تَلِفَتْ قَبْلَ الْحَوْلِ بِغَيْرِ تَفْرِيطِهِ، فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، وَلَا شَيْءَ لِصَاحِبِهَا ؛ لِأَنَّهَا أَمَانَةٌ فِي يَدِهِ تَلِفَتْ بِغَيْرِ تَفْرِيطِهِ، فَلَمْ يَضْمَنْهَا، كَالْوَدِيعَةِ، وَكَذَلِكَ إنْ تَلِفَتْ بَعْدَ الْحَوْلِ قَبْلَ تَمَلُّكِهَا مِنْ غَيْرِ تَفْرِيطٍ . (المغني لابن قدامة جـ8 صـ322 )

أخذ مكافأة على اللقطة :

إذا حدد صاحبُ اللُّقَطةِ مبلغاً من المال كمكافأة عند رَدِّ ضالته، فاجتهد شخص ما للبحث عنها، حتى وجدها، جاز له أخذ المكافأة.

وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ : ( وَلِمَنْ جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ ) .(يوسف:72)

 وَلِأَنَّ الْحَاجَةَ تَدْعُو إلَى ذَلِكَ، فَإِنَّ الْعَمَلَ قَدْ يَكُونُ مَجْهُولًا، كَرَدِّ الضَّالَّةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَالْحَاجَةُ دَاعِيَةٌ إلَى رَدِّهِا، وَقَدْ لَا يَجِدُ مَنْ يَتَبَرَّعُ بِهِ، فَدَعَتْ الْحَاجَةُ إلَى إبَاحَةِ المكافأة. ( المغني لابن قدامة جـ8 صـ323 )

وأما إذا وجد الضالة أولاً، ثم عرف بعد ذلك بأمر المكافأة، فردها لصاحبها للحصول على المكافأة، لم يجز له أخذها. ( المغني لابن قدامة جـ8 صـ332 )

لقطة الحرم :

لا يجوز التقاط لقطة الحرم إلا لتعريفها فقط.ولا يجوز تملك اللقطة بعد سنة كغيرها، وإنما يحفظها المتلقط لصاحبها للأبد . ( المغني لابن قدامة جـ8 صـ305 : صـ306 )

روى البخاريُّ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا

أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَ مَكَّةَ فَلَمْ تَحِلَّ لِأَحَدٍ قَبْلِي وَلَا تَحِلُّ لِأَحَدٍ بَعْدِي وَإِنَّمَا أُحِلَّتْ لِي سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ لَا يُخْتَلَى خَلَاهَا وَلَا يُعْضَدُ شَجَرُهَا وَلَا يُنَفَّرُ صَيْدُهَا وَلَا تُلْتَقَطُ لُقَطَتُهَا إِلَّا لِمُعَرِّفٍ .(البخاري حديث:1833)

ضالة الأغنام:

ضالة الأغنام، والحيوانات الضعيفة، التي لا تستطيع أن تحمي نفسها من صغار السباع، يُباحُ التقاطها، ويضمنها الملتقط لصاحبها.( المغني لابن قدامة جـ8 صـ337 )

روى الشيخانِ عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ:جَاءَ أَعْرَابِيٌّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَسَأَلَهُ عَمَّا يَلْتَقِطُهُ؟ فَقَالَ عَرِّفْهَا سَنَةً ثُمَّ احْفَظْ عِفَاصَهَا وَوِكَاءَهَا فَإِنْ جَاءَ أَحَدٌ يُخْبِرُكَ بِهَا وَإِلَّا فَاسْتَنْفِقْهَا قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ فَضَالَّةُ الْغَنَمِ؟ قَالَ: لَكَ أَوْ لِأَخِيكَ أَوْ لِلذِّئْبِ قَالَ: فَضَالَّةُ الْإِبِلِ؟ قَالَ: مَا لَكَ وَلَهَا مَعَهَا سِقَاؤُهَا وَحِذَاؤُهَا تَرِدُ الْمَاءَ وَتَأْكُلُ الشَّجَرَ حَتَّى يَلْقَاهَا رَبُّهَا . ( البخاري حديث 2427 / مسلم حديث 1722 )

ضالة الإبل والبقر:

كُلَّ حَيَوَانٍ يَقْوَى عَلَى حماية نفسه مِنْ صِغَارِ السِّبَاعِ، و يستطيع أن يصل إلى الْمَاءِ، لَا يَجُوزُ الْتِقَاطُهُ، وَلَا التَّعَرُّضُ لَهُ، سَوَاءٌ كَانَ لِكِبَرِ جسمه، كَالْإِبِلِ، وَالْخَيْلِ، وَالْبَقَرِ، أَوْ لِطَيَرَانِهِ كَالطُّيُورِ كُلِّهَا، أَوْ لِسُرْعَتِهِ، كَالظِّبَاءِ.

( المغني لابن قدامة جـ8 صـ343 )

روى الشيخانِ عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ:جَاءَ أَعْرَابِيٌّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَسَأَلَهُ عَمَّا يَلْتَقِطُهُ فَقَالَ عَرِّفْهَا سَنَةً ثُمَّ احْفَظْ عِفَاصَهَا وَوِكَاءَهَا فَإِنْ جَاءَ أَحَدٌ يُخْبِرُكَ بِهَا وَإِلَّا فَاسْتَنْفِقْهَا قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ فَضَالَّةُ الْغَنَمِ؟ قَالَ: لَكَ أَوْ لِأَخِيكَ أَوْ لِلذِّئْبِ قَالَ: ضَالَّةُ الْإِبِلِ؟ فَتَمَعَّرَ وَجْهُ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: مَا لَكَ وَلَهَا، مَعَهَا حِذَاؤُهَا وَسِقَاؤُهَا تَرِدُ الْمَاءَ وَتَأْكُلُ الشَّجَرَ . ( البخاري حديث 2427 / مسلم حديث 1722 )

الطفل الذي يجد اللقطة :

الصَّبِيَّ وَالْمَجْنُونَ وَالسَّفِيهَ، إذَا الْتَقَطَ أَحَدُهُمْ لُقَطَةً، ثَبَتَتْ يَدُهُ عَلَيْهَا ؛ لِعُمُومِ الْأَخْبَارِ، وَلِأَنَّ هَذَا تَكَسُّبٌ، فَصَحَّ مِنْهُ، كَالِاصْطِيَادِ وَالِاحْتِطَابِ .وَإِنْ تَلِفَتْ فِي يَدِهِ بِغَيْرِ تَفْرِيطٍ، فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ ؛ لِأَنَّهُ أَخَذَ مَا لَهُ أَخْذُهُ .

وَإِنْ تَلِفَتْ بِتَفْرِيطِهِ، ضَمِنَهَا فِي مَالِهِ .وَإِذَا عَلِمَ بِهَا وَلِيُّهُ، لَزِمَهُ أَخْذُهَا ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الْحِفْظِ وَالْأَمَانَةِ، فَإِنْ تَرَكَهَا فِي يَدِهِ ضَمِنَهَا ؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُهُ حِفْظُ مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ حَقُّ الصَّبِيِّ .وَهَذَا يَتَعَلَّقُ بِهِ حَقُّهُ، فَإِذَا تَرَكَهَا فِي يَدِهِ كَانَ مُضَيِّعًا لَهَا، وَإِذَا أَخَذَهَا الْوَلِيُّ، عَرَّفَهَا ؛ لِأَنَّ وَاجِدَهَا لَيْسَ مِنْ أَهْلِ التَّعْرِيفِ، فَإِذَا انْقَضَتْ مُدَّةُ التَّعْرِيفِ، دَخَلَتْ فِي مِلْكِ وَاجِدِهَا ؛ لِأَنَّ سَبَبَ الْمِلْكِ تَمَّ شَرْطُهُ، فَيَثْبُتُ الْمِلْكُ لَهُ، كَمَا لَوْ اصْطَادَ صَيْدًا .( المغني لابن قدامة جـ8 صـ333 )

زَكَاةُ اللُّقَطَةِ :

اللُّقَطَةُ الَّتِي لاَ يَعْرِفُ عَنْهَا صَاحِبُهَا شَيْئًا لاَ يَجِبُ عَلَيْهِ زَكَاتُهَا خِلاَل فَتْرَةِ فَقْدِهَا وَضَيَاعِهَا، لأَِنَّ مِلْكَهُ لَهَا لَيْسَ تَامًّا إِذْ إِنَّهَا لَيْسَتْ تَحْتَ يَدِهِ حَتَّى يَتَصَرَّفَ فِيهَا، وَلاَ يُزَكِّيهَا الْمُلْتَقِطُ فِي عَامِ التَّعْرِيفِ لأَِنَّهُ لاَ يَمْلِكُهَا خِلاَل هَذِهِ الْمُدَّةِ، فَإِذَا جَاءَ صَاحِبُ اللُّقَطَةِ خِلاَل حَوْل التَّعْرِيفِ زَكَّاهَا لِلْحَوْل الَّذِي كَانَ الْمُلْتَقِطُ مَمْنُوعًا مِنْهَا إِنْ بَلَغَتِ النِّصَابَ . ( الموسوعة الفقهية الكويتية جـ5 صـ309 )

النفقة على اللقطة :

اللُّقَطةُ خلال مدة التعريف، إما أن تحتاج إلى نفقة للإبقاء عليها، كما هو الحال بالنسبة للإبل والبقر والغنم، مثل، نفقة الطعام والشراب، وأجرة الراعي، وإما لا تحتاج إلى نفقة، كما في النقود، وإما أن تحتاج إلى بعض النفقة كما في حمل الأمتعة، فكل ما أنفقه الملتقط من مال على اللقطة، فإنه يسترده من صاحبها، إلا إذا كانت النفقة على اللقطة، مقابل الانتفاع بالركوب عليها أو الحصول على لبنها . ( المدونة الكبرى لسحنون جـ6 صـ176 )

الاتجار في اللقطة :

ذهب الفقهاء إلى أن يد الملتقط على اللُّقَطةِ يد أمانة وحفظ خلال عام التعريف، ولذلك لا يجوز له الاتجار فيها خلال هذه المدة لأن في ذلك تعريضاً للهلاك أو الضياع أو النقص بفعل من الملتقط عن مصير من التجارة، تحتمل الربح و الخسارة، والملتقط ممنوع من تعريض ما التقطه للهلاك أو الضياع أو النقصان، وإذا اتجر فيها خلال عام التعريف، فهو ضامن لها، وإذا ربحت خلال عام التعريف، فهو ضامن لها، وإذا ربحت خلال عام التعريف،وجاء صاحبها، وجب على الملتقط ردها غليه مع الزيادة . ( المدونة الكبرى لسحنون جـ6 صـ175 ) ( روضة الطالبين للنووي جـ5 صـ415 )

امتلاك اللقطة :

إذَا عَرَّفَ الملتقطُ اللُّقَطَةَ حَوْلًا، فَلَمْ تُعْرَفْ، مَلَكَهَا مُلْتَقِطُهَا، وَصَارَتْ مِنْ مَالِهِ، كَسَائِرِ أَمْوَالِهِ، غَنِيًّا كَانَ الْمُلْتَقِطُ أَوْ فَقِيرًا .

 فإذا جاء صاحبها بعد ذلك، فعلى الملتقط أن يرد إليه اللقطة إن كانت موجودة، أو قيمتها إن لم تكن موجودة.

( المغني لابن قدامة جـ8 صـ299 : صـ305 )

روى مسلمٌ عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ قالَ:سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَنْ اللُّقَطَةِ الذَّهَبِ أَوْ الْوَرِقِ(الفضة) فَقَالَ: اعْرِفْ وِكَاءَهَا وَعِفَاصَهَا ثُمَّ عَرِّفْهَا سَنَةً فَإِنْ لَمْ تَعْرِفْ فَاسْتَنْفِقْهَا وَلْتَكُنْ وَدِيعَةً عِنْدَكَ فَإِنْ جَاءَ طَالِبُهَا يَوْمًا مِنْ الدَّهْرِ فَأَدِّهَا إِلَيْهِ وَسَأَلَهُ عَنْ ضَالَّةِ الْإِبِلِ فَقَالَ: مَا لَكَ وَلَهَا دَعْهَا فَإِنَّ مَعَهَا حِذَاءَهَا وَسِقَاءَهَا تَرِدُ الْمَاءَ وَتَأْكُلُ الشَّجَرَ حَتَّى يَجِدَهَا رَبُّهَا وَسَأَلَهُ عَنْ الشَّاةِ فَقَالَ خُذْهَا فَإِنَّمَا هِيَ لَكَ أَوْ لِأَخِيكَ أَوْ لِلذِّئْبِ.

 ( مسلم ـ كتاب اللقطة ـ حديث: 5 )

الاشتراك في اللقطة :

إذا التقط اللُّقَطةَ اثنان أو أكثر، ملكاها جميعاً، وإن رآها أحدهما، وأخذها الآخر، ملكها من أخذها دون من رآها، لأن استحقاق اللقطة، يكون بالأخذ من الأرض، لا بالرؤية، كالاصطياد . ( المغني لابن قدامة جـ8 صـ301 )

التصدق باللقطة :

يجوز التصدق باللُّقَطةِ، إذا عَرَّفها الملتقط عاماً هجرياً، ولم يحضر صاحبها خلال مدة التعريف . (فتح القدير لابن الهمام جـ6 صـ123 )

ختاماً:أسأل اللَه تعالى بأسمائه الحسنى وصفاته أن يجعل هذا العمل خالصاً لوجهه الكريم، وأن ينفع به طلاب العلم.

 وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .

 وصلى الله وسلم على نبينا محمدٍ، وعلى آله، وصحبه، والتابعينَ لهم بإحسان إلى يوم الدين.

عدد المشاهدات 11839