فقه الطهارة

2011-11-12

صلاح الدق

بسم الله الرحمن الرحيم

تمهيد

الاختلاف الفقهي المشروع

أخي الكريم: سؤال هام يجب على كل طالب علم أن يعرف إجابته ألا وهو: متى الاختلاف في الأمور الفقهية مشروعاً ؟ فنقول وبالله تعالى التوفيق: يكون الاختلاف في الأمور الفقهية مشروعاً إذا توافر فيه شرطان:

الأول: أن يكون لكل من المختلفين دليل من كتاب الله تعالى وسنة رسوله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يصح الاحتجاج به.

الثاني: ألا يؤدي الأخذ بالمذهب المخالف إلى أمر محال أو بطال. ( أدب الاختلاف لطه فياض العلواني صـ106 )

أخي طالب العلم: اعلم، رحمني الله تعالى وإياك، أنه تجوز صلاة المأموم خلف إمام يخالفه في المذهب الفقهي، وهي صلاة صحيحة باتفاق الصحابة والتابعين لهم بإحسان، والأئمة الأربعة أبو حنيفة ومالك وإجماع سلف الأمة وأئمتها.

وَقَدْ كَانَ الصَّحَابَةُ وَالتَّابِعُونَ وَمَنْ بَعْدَهُمْ: مِنْهُمْ مَنْ يَقْرَأُ الْبَسْمَلَةَ وَمِنْهُمْ مَنْ لَا يَقْرَؤُهَا وَمِنْهُمْ مَنْ يَجْهَرُ بِهَا وَمِنْهُمْ مَنْ لَا يَجْهَرُ بِهَا وَكَانَ مِنْهُمْ مَنْ يَقْنُتُ فِي الْفَجْرِ وَمِنْهُمْ مَنْ لَا يَقْنُتُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَتَوَضَّأُ مِنْ الْحِجَامَةِ وَالرُّعَافِ وَالْقَيْءِ. وَمِنْهُمْ مَنْ لَا يَتَوَضَّأُ مِنْ ذَلِكَ وَمِنْهُمْ مَنْ يَتَوَضَّأُ مِنْ مَسِّ الذَّكَرِ وَمَسِّ النِّسَاءِ بِشَهْوَةِ وَمِنْهُمْ مَنْ لَا يَتَوَضَّأُ مِنْ ذَلِكَ وَمِنْهُمْ مَنْ يَتَوَضَّأُ مِنْ الْقَهْقَهَةِ فِي صَلَاتِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ لَا يَتَوَضَّأُ مِنْ ذَلِكَ. وَمِنْهُمْ مَنْ يَتَوَضَّأُ مِنْ أَكْلِ لَحْمِ الْإِبِلِ وَمِنْهُمْ مَنْ لَا يَتَوَضَّأُ مِنْ ذَلِكَ وَمَعَ هَذَا فَكَانَ بَعْضُهُمْ يُصَلِّي خَلْفَ بَعْضٍ: مِثْلَ مَا كَانَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ وَالشَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُمْ يُصَلُّونَ خَلْفَ أَئِمَّةِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مِنْ الْمَالِكِيَّةِ وَإِنْ كَانُوا لَا يَقْرَءُونَ الْبَسْمَلَةَ لَا سِرًّا وَلَا جَهْرًا وَصَلَّى أَبُو يُوسُفَ خَلْفَ الرَّشِيدِ وَقَدْ احْتَجَمَ وَأَفْتَاهُ مَالِكٌ بِأَنَّهُ لَا يَتَوَضَّأُ فَصَلَّى خَلْفَهُ أَبُو يُوسُفَ وَلَمْ يُعِدْ. وَكَانَ أَحْمَد بْنُ حَنْبَلٍ يَرَى الْوُضُوءَ مِنْ الْحِجَامَةِ وَالرُّعَافِ فَقِيلَ لَهُ: فَإِنْ كَانَ الْإِمَامُ قَدْ خَرَجَ مِنْهُ الدَّمُ وَلَمْ يَتَوَضَّأْ. تُصَلِّي خَلْفَهُ ؟ فَقَالَ: كَيْفَ لَا أُصَلِّي خَلْفَ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَمَالِكٍ.( مجموع فتاوى ابن تيمية جـ23 صـ373: صـ375 )

فاحرص أخي الكريم على احترام أراء الفقهاء المجتهدين من سلفنا الصالح والدعاء لهم بالخير والتماس العذر لهم، فيما جانبهم الصواب فيه، واعلم أنهم ما أرادوا إلا الوصول للحق.

وأخر دعونا أن الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه والتابعين لهم بإحسان إلي يوم الدين.

الأحكام التكليفية

تعريف الفقه:

الفقه في الغة: الفَهْم. أي فَهم الكلام على الوجه المطلوب.

قال تعالى: (وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسَانِي * يَفْقَهُوا قَوْلِي ) ( طه: 27 )

الفقه في الشرع: معرفة الأحكام الشرعية بأدلتها من القرآن والسنة بفهم سلف الأمة.

( الشرح الممتع لابن عثيمين جـ1 صـ14: صـ15 )

الأحكام التكليفية:

الحكم التكليفي: هو ما اقتضى طلب فعل من المسلم المكلف، أو كفّه عن فعل، أو تخييره بين فعل والكف عنه.( أصول الفقه لعبد الوهاب خلاف صـ101 )

تنقسم الأحكام التكليفية إلي خمسة أقسام هي:

(1) الواجب . (2) المندوب. (3) الحرام. (4) المباح. (5) المكروه.

أولاً: الواجب:

ويطلق عليه فرض ولازم وحتم.

الواجب: هو ما يُثاب فاعله امتثالاً لأوامر الله تعالى ولرسوله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ويعاقب تاركه.

مثال للواجب:

الصلوات الخمس المفروضة وصوم رمضان، والزكاة المفروضة والحج للقادر عليه.

ثانياً المندوب:

ويطلق عيه المسنون والمستحب والنقل والتطوع.

المندوب: هو ما يُثاب فاعله امتثالاً لأوامر الله تعالى ولرسوله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ولا يعاقب تاركه.

مثال للمندوب: السنن الراتبة مع صلاة الفريضة، وصوم يوم الاثنين والخميس، ويوم عرفه، وعاشوراء، وكتابة الدَّيْن، ودخول المسجد بالقدم اليمنى والخروج بالقدم اليسرى، وترديد الأذان خلف المؤذن.

ثالثاً: الحرام:

ويطلق عليه المحظور، والممنوع.

الحرام: هو ما يُثاب تاركه امتثالاً لأوامر الله تعالى ولرسوله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ويعاقب فاعله.

مثال للحرام: عقوق الوالدين، وشرب الخمر، ولعب الميسر، والتعامل بالربا، والتدخين، والكذب، والغيبة، والنميمة.

رابعاً: المباح:

ويطلق عليه الجائز، والحلال.

المباح: هو الفعل الذي لا يترتب عليه ثواب ولا عقاب.

مثال للمباح: الأكل والشرب، والنوم، وعقد الزواج في المساجد، ولبس خاتم الفضة للرجال.

خامساً: المكروه:

المكروه: هو ما يُثاب تاركه امتثالاً لأوامر الله تعالى ولرسوله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ولا يعاقب فاعله.

مثال للمكروه: دخول الخلاء بالقدم اليمنى والخروج بالقدم اليسرى. ( أصول الفقه لعبد الوهاب خلاف صـ105: صـ166 )

أحكام الطهارة

معنى الطهارة:

الطَّهَارَةُ فِي اللُّغَةِ: النَّزَاهَةُ عَنْ الْأَقْذَارِ.

الطَّهَارَةُ فِي الشَّرْعِ: رَفْعُ مَا يَمْنَعُ الصَّلَاةَ مِنْ حَدَثٍ أَوْ نَجَاسَةٍ بِالْمَاءِ، أَوْ رَفْعُ حُكْمِهِ بِالتُّرَابِ. (المغني لابن قدامة جـ1 صـ12 )

الطهارة واجبة بالكتاب والسُّنة.

قال تعالى: (وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا ) ( المائدة: 6 )

وقال سبحانه: (وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ ) ( المدثر: 4)

روى مسلمٌ عن ابْنِ عُمَرَ قَالَ: إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ:

 لَا تُقْبَلُ صَلَاةٌ بِغَيْرِ طُهُورٍ، وَلَا صَدَقَةٌ مِنْ غُلُولٍ. ( مسلم حديث 224 )

أنواع الطهارة:

تنقسم الطهارة إلي نوعين:

الأول: طهارة حقيقية: كالطهارة بالماء.

الثاني: طهارة حُكمية: كالطهارة بالتراب في التيمم. ( فقه السنة للسيد سابق جـ1 صـ16 )

أقسام المياه:

تشمل المياه على قسمين:

أولاًَ: الماء المطلق ( الطَّهُور ) وهو الماء الباقي على أصل خِلقته، ويتضمن كل ما نزل من السماء أو نبع من الأرض.

قال اللهُ تعالى: (وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ ) ( الأنفال: 11 )

ويدخل في هذا الماء المطلق مياه الأنهار، والأمطار، والبحار، والآبار، والينابيع، والثلج، والبَرَد، وماء زمزم. ( المغني لابن قدامة جـ1 صـ15 )

الماء الذي خالطه طاهر:

الماء المطلق الذي خالطه شيء طاهر كالصابون أو الزعفران أو الدقيق، فغير أحد أوصافه، كاللون أو الطعم أو الرائحة، يعتبر طاهراً ما دام حافظاً لإطلاقه. فإن خرج عن إطلاقه، كان طاهراً في نفسه، غير مطهر لغيره.

الماء المتغير بطول المكث أو بمخالطته ما لا ينفصل عنه غالباً كالطحالب وأوراق الشجر، فإن اسم الماء الطهور ينطبق عليه. ( المغني لابن قدامة جـ1 صـ20: صـ23 )

ثانياً: الماء النجس:

هو الماء الذي خالطته نجاسة فغيرت ريحه أو طعمه أو لونه، وحكمه أنه لا يجوز استخدامه في شيء من العبادات أو العادات. ( فتاوى ابن باز جـ10 صـ14: صـ15 )

الماء المستعمل: هو الماء المتساقط من أعضاء المتوضئ، وحكمه أنه طاهرٌ ومُطَهِرٌ،

 لغيره طالما لم تخالطه نجاسةٌ. ( المغني لابن قدامة جـ1 صـ31: صـ32 ) ( المحلى لابن حزم جـ1 صـ183 ) ( فتاوى ابن تيمية جـ20 صـ519 )

روى البخاريُّ عَنْ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ قال: وَإِذَا تَوَضَّأَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَادُوا يَقْتَتِلُونَ عَلَى وَضُوئِهِ. ( البخاري حديث 189 )

روى أبو داودَ عَنْ الرُّبَيِّعِ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَسَحَ بِرَأْسِهِ مِنْ فَضْلِ مَاءٍ كَانَ فِي يَدِهِ. ( حديث حسن ) ( صحيح أبي داود للألباني حديث 120 )

السُّؤْر: هو ما بقي في الإناء بعد الشرب وهو أنواع.

(1) سُّؤْر الإنسان: طاهرٌ، سواءٌ كان هذا الإنسان مسلماً أو غير مسلم.

أما قوله تعالى عن المشركين: (إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ ) ( التوبة: 28 )

 فالمراد به نجاستهم المعنوية من جهة اعتقادهم الباطل وشركهم بالله تعالى.

(2) سُّؤْر ما يؤكل لحمه: طاهر، لأن لعابه متولدٌ مِن لحمٍ طاهرٍ.

(3) سُّؤْر الهِرّة:

روى أبو داود عَنْ كَبْشَةَ بِنْتِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ وَكَانَتْ تَحْتَ ابْنِ أَبِي قَتَادَةَ أَنَّ أَبَا قَتَادَةَ دَخَلَ فَسَكَبَتْ لَهُ وَضُوءًا فَجَاءَتْ هِرَّةٌ فَشَرِبَتْ مِنْهُ فَأَصْغَى لَهَا الْإِنَاءَ حَتَّى شَرِبَتْ قَالَتْ كَبْشَةُ فَرَآنِي أَنْظُرُ إِلَيْهِ فَقَالَ أَتَعْجَبِينَ يَا ابْنَةَ أَخِي فَقُلْتُ نَعَمْ فَقَالَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ إِنَّهَا لَيْسَتْ بِنَجَسٍ إِنَّهَا مِنْ الطَّوَّافِينَ عَلَيْكُمْ وَالطَّوَّافَاتِ.( حديث حسن صحيح ) ( صحيح أبي داود للألباني حديث 78 )

(4) سُّؤْر البغال والحمير: طاهرٌ لأن النبيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وأصحابه كانوا يركبونهما، فلو كان سؤرهما نجساً لبين النبيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ذلك، ولأنهما مما لا يمكن التحرز منها لمقتنيهما، فأشبه الهرة. ( المغني لابن قدامة جـ1 صـ66: صـ68 )

قال ابنُ تيمية:

أَمَّا سُؤْرُ الْبَغْلِ وَالْحِمَارِ فَأَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ يُجَوِّزُونَ التَّوَضُّؤَ بِهِ. كَمَالِكِ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَد فِي إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْهُ.( فتاوى ابن تيمية جـ21 صـ620 )

(5) سُّؤْر الكلب والخنزير: نجس، لا يجوز استخدامه في شيء.

روى مسلمٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: إِذَا وَلَغَ الْكَلْبُ فِي إِنَاءِ أَحَدِكُمْ فَلْيُرِقْهُ ثُمَّ لِيَغْسِلْهُ سَبْعَ مِرَارٍ. ( مسلم حديث 279 )

وأما سُّؤْر الخنزير: فلقذارته ونجاسته. ( المغني لابن قدامة جـ1 صـ64: صـ73 )

(6) سُّؤْر سباع البهائم والطيور: سباع البهائم هي الحيوانات التي تأكل وتفترس، كالذئب، والأسد، والضبع، والنمر، والفهد، وابن آوى وما أشبه ذلك، وسباع الطير كالنسر. ( الشرح الممتع لابن عثيمين جـ1 صـ322 )

وبالنسبة لحكم آسار هذه السباغ نقول: إن كان الماء كثيراً لا يتغير بشربها منه فهو طهور، وإن كان الماء قليلاً وتغير بسبب شربها منه فإنه نجس. ( الشرح الممتع لابن عثيمين جـ1 صـ325 )

النجاسات وأنواعها:

معنى النجاسة: النجاسة هي القذارة التي يجب على المسلم أن يتنزه عنها، ويغسل ما أصاب جسده أو ثيابه منها.

قال تعالى: (وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ ) ( المدثر: 4)

وقال سبحانه: (إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ ) ( البقرة: 222 )

روى مسلمٌ عَنْ أَبِي مَالِكٍ الْأَشْعَرِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: الطُّهُورُ شَطْرُ الْإِيمَانِ. ( مسلم حديث 223 )

والنجاسة نوعان: نجاسة حسية، ونجاسة معنوية.

ومن النجاسة المعنوية ما جاء في قوله تعالى: (إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ ) ( التوبة: 28 )، وذلك لفساد اعتقادهم، وشركهم بالله تعالى.

أنواع النجاسات الحسية:

(1) بول الإنسان وغائطه.

روى أبو داودَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: إِذَا وَطِئَ أَحَدُكُمْ بِنَعْلِهِ الْأَذَى فَإِنَّ التُّرَابَ لَهُ طَهُورٌ. ( حديث صحيح ) ( صحيح أبي داود للألباني حديث 834)

روى الشيخانِ عن أنسِ بنِ مالكٍ أَنَّ أَعْرَابِيًّا بَالَ فِي الْمَسْجِدِ فَثَارَ إِلَيْهِ النَّاسُ ليَقَعُوا بِهِ فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- دَعُوهُ وَأَهْرِيقُوا عَلَى بَوْلِهِ ذَنُوبًا مِنْ مَاءٍ أَوْ سَجْلًا مِنْ مَاءٍ فَإِنَّمَا بُعِثْتُمْ مُيَسِّرِينَ وَلَمْ تُبْعَثُوا مُعَسِّرِينَ. ( البخاري حديث 6025 / مسلم حديث 284 )

(2) المذي والودي:

المذي: ماء أبيض رقيق، لزج، يخرج عند الشهوة، بلا تدفق، ولا يعقبه فتور وربما لا يحس الإنسان بخروجه ويكون غالباً في الرجل والمرأة.

الودي: ماء أبيض غليظ يخرج عقب البول غالباً. ( فقه السنة للسيد سابق جـ1 صـ27 )

روى الشيخانِ عَنْ عَلِيٍّ بنِ أبي طالبٍ قَالَ: كُنْتُ رَجُلًا مَذَّاءً فَأَمَرْتُ رَجُلًا أَنْ يَسْأَلَ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لِمَكَانِ ابْنَتِهِ فَسَأَلَ فَقَالَ: تَوَضَّأْ وَاغْسِلْ ذَكَرَكَ. ( البخاري حديث 269 / مسلم حديث 303 )

روى البيهقيُّ عن عبد الله بن عباس قال: المني والودي والمذي.أما المني فهو الذي منه الغسل وأما الودي والمذي فقال اغسل ذكرك أو مذاكيرك، وتوضأ وضوءك للصلاة. (صحيح) (السنن الكبرى للبيهقي ـ1صـ170)

 (3) بول وروث مالا يؤكل لحمه:

روى البخاريُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بنِ مسعودٍ قال: أَتَى النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الْغَائِطَ فَأَمَرَنِي أَنْ آتِيَهُ بِثَلَاثَةِ أَحْجَارٍ فَوَجَدْتُ حَجَرَيْنِ وَالْتَمَسْتُ الثَّالِثَ فَلَمْ أَجِدْهُ فَأَخَذْتُ رَوْثَةً فَأَتَيْتُهُ بِهَا فَأَخَذَ الْحَجَرَيْنِ وَأَلْقَى الرَّوْثَةَ، وَقَالَ هَذَا رِكْسٌ( نجس) . ( البخاري حديث 156 )

هذا الحديث دليلٌ على أن روثة ما لا يؤكل لحمه نجسة.

(4) الميتة: وهي كل ما مات حتف أنفه من غير تزكية، أي قبل أن يذبح، ويدخل في ذلك ما قطع من الحيوان وهو حي.

روى أبو داودَ عَنْ أَبِي وَاقِدٍ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: مَا قُطِعَ مِنْ الْبَهِيمَةِ وَهِيَ حَيَّةٌ فَهِيَ مَيْتَةٌ. ( حديث صحيح ) ( صحيح أبي داود للألباني حديث 2485 )

ويستثنى من الميتة ما يلي:

(أ) السمك والجراد:

روى ابنُ ماجه عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: أُحِلَّتْ لَكُمْ مَيْتَتَانِ وَدَمَانِ فَأَمَّا الْمَيْتَتَانِ فَالْحُوتُ وَالْجَرَادُ وَأَمَّا الدَّمَانِ فَالْكَبِدُ وَالطِّحَالُ. ( حديث صحيح ) (صحيح ابن ماجه للألباني حديث 3679 )

(ب) ميتة ما لا دم له سائل: كالنمل والنحل والذباب ونحوها.

روى البخاريُّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ:

 إِذَا وَقَعَ الذُّبَابُ فِي إِنَاءِ أَحَدِكُمْ فَلْيَغْمِسْهُ كُلَّهُ ثُمَّ لِيَطْرَحْهُ، فَإِنَّ فِي أَحَدِ جَنَاحَيْهِ شِفَاءً وَفِي الْآخَرِ دَاءً. ( البخاري حديث 3320 )

(ج) عظام الميتة وقرونها وشعرها وريشها:

قال البخاريُّ: قَالَ حَمَّادٌ: لَا بَأْسَ بِرِيشِ الْمَيْتَةِ. وَقَالَ الزُّهْرِيُّ فِي عِظَامِ الْمَوْتَى نَحْوَ الْفِيلِ وَغَيْرِهِ أَدْرَكْتُ نَاسًا مِنْ سَلَفِ الْعُلَمَاءِ يَمْتَشِطُونَ بِهَا وَيَدَّهِنُونَ فِيهَا لَا يَرَوْنَ بِهِ بَأْسًا. وَقَالَ ابْنُ سِيرِينَ وَإِبْرَاهِيمُ وَلَا بَأْسَ بِتِجَارَةِ الْعَاجِ.(البخاري ـ كتاب الوضوء ـ باب 67)

(4) لعاب الكلب:

روى مسلمٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ:قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: طَهُورُ إِنَاءِ أَحَدِكُمْ إِذَا وَلَغَ فِيهِ الْكَلْبُ أَنْ يَغْسِلَهُ سَبْعَ مَرَّاتٍ، أُولَاهُنَّ بِالتُّرَابِ.(مسلم حديث 279)

(5) لحم الخنزير:

قال الله تعالى: ( قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقًا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَإِنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (الأنعام: 145)

(6) الجلالة:

هي الحيوانات والطيور التي تعيش على القاذورات معظم الوقت حتى يتغير ريحها بالنجاسة.

روى النسائيُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نَهَى يَوْمَ خَيْبَرَ عَنْ لُحُومِ الْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ وَعَنْ الْجَلَّالَةِ وَعَنْ رُكُوبِهَا وَعَنْ أَكْلِ لَحْمِهَا.( حديث صحيح ) ( صحيح النسائي للألباني جـ 3صـ 197)

روى النسائي عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ:نَهَى رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَنْ الْمُجَثَّمَةِ وَلَبَنِ الْجَلَّالَةِ وَالشُّرْبِ مِنْ فِي السِّقَاءِ ( حديث صحيح ) ( صحيح النسائي للألباني جـ 3صـ 197)

الْمُجَثَّمَةُ: هي كل حيوان يُنْصبُ ويُرمى ليُقتل، إلاَّ أنَّها تكْثر في الطَّير والأرانب وأشْباه ذلك، مما يَجْثِم في الأرض: أي يلزمُها ويلْتَصق بها وجَثَمَ الطائرُ جُثوما، وهو بمنزلة البُروك للإبل.

(النهاية في غريب الحديث والأثر لابن الأثير جـ 1صـ 232)

(7) الدم:

قال الله تعالى: ( قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقًا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَإِنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (الأنعام: 145)

روى الشيخانِ عَنْ أَسْمَاءَ قَالَتْ جَاءَتْ امْرَأَةٌ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَتْ أَرَأَيْتَ إِحْدَانَا تَحِيضُ فِي الثَّوْبِ كَيْفَ تَصْنَعُ قَالَ تَحُتُّهُ ثُمَّ تَقْرُصُهُ بِالْمَاءِ وَتَنْضَحُهُ وَتُصَلِّي فِيهِ.( البخاري حديث 227 / مسلم حديث 291 )

ويستثنى من الدم: الكبد والطحال.

روى ابن ماجه عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ أُحِلَّتْ لَكُمْ مَيْتَتَانِ وَدَمَانِ فَأَمَّا الْمَيْتَتَانِ فَالْحُوتُ وَالْجَرَادُ وَأَمَّا الدَّمَانِ فَالْكَبِدُ وَالطِّحَالُ. ( حديث صحيح ) (صحيح ابن ماجه للألباني حديث 3679 )

حُكم دم الإنسان:

دم الإنسان الخارج من غير السبيلين طاهر لما يلي:

(1) أمر النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بغسل دم الحيض فقط ولم يأمر بغسل غيره من الدماء التي تخرج من جروح الإنسان ونحوها، مع كثرة ما يحدث ذلك للصحابة، فلو كان نجساً لبينه. ( فتاوى ابن تيمية جـ21 صـ228 ) ( فتاوى ابن عثيمين جـ4 صـ200 )

(2) المسلمون لا يزالون يصلون في جراحاتهم منذ عهد الصحابة والتابعين.

(3) روى البخاري تعليقاً عن الْحَسَنُ قَالَ: مَا زَالَ الْمُسْلِمُونَ يُصَلُّونَ فِي جِرَاحَاتِهِمْ وَقَالَ طَاوُسٌ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ وَعَطَاءٌ وَأَهْلُ الْحِجَازِ لَيْسَ فِي الدَّمِ وُضُوءٌ وَعَصَرَ ابْنُ عُمَرَ بَثْرَةً (أي جرح ) فَخَرَجَ مِنْهَا الدَّمُ وَلَمْ يَتَوَضَّأْ وَبَزَقَ ابْنُ أَبِي أَوْفَى دَمًا فَمَضَى فِي صَلَاتِهِ وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ وَالْحَسَنُ فِيمَنْ يَحْتَجِمُ لَيْسَ عَلَيْهِ إِلَّا غَسْلُ مَحَاجِمِهِ.

وَيُذْكَرُ عَنْ جَابِرٍ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ فِي غَزْوَةِ ذَاتِ الرِّقَاعِ فَرُمِيَ رَجُلٌ بِسَهْمٍ فَنَزَفَهُ الدَّمُ فَرَكَعَ وَسَجَدَ وَمَضَى فِي صَلَاتِهِ. ( البخاري – كتاب الوضوء باب 34 )

تطهير النجاسات

(1) تطهير الثوب من بول الرضيع:

إذا بال الرضيع على الثوب، فإن كان الرضيع أنثى غسل مكان البول، وإن كان الرضيع ذكراً فإننا نرش الماء على المكان الذي بال عليه.

روى أبو داود عن أبي السَّمْحِ قَالَ كُنْتُ أَخْدِمُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَكَانَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَغْتَسِلَ قَالَ وَلِّنِي قَفَاكَ فَأُوَلِّيهِ قَفَايَ فَأَسْتُرُهُ بِهِ فَأُتِيَ بِحَسَنٍ أَوْ حُسَيْنٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فَبَالَ عَلَى صَدْرِهِ فَجِئْتُ أَغْسِلُهُ فَقَالَ يُغْسَلُ مِنْ بَوْلِ الْجَارِيَةِ وَيُرَشُّ مِنْ بَوْلِ الْغُلَامِ. ( حديث صحيح ) (صحيح أبي داود للألباني حديث 362 )

(2) تطهير ثوب المرأة من دم الحيض:

يكون بالغسل بالماء والصابون.

روى الشيخان عَنْ أَسْمَاءَ قَالَتْ جَاءَتْ امْرَأَةٌ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَتْ أَرَأَيْتَ إِحْدَانَا تَحِيضُ فِي الثَّوْبِ كَيْفَ تَصْنَعُ قَالَ تَحُتُّهُ ( تفركه وتقشره ثم تدلكه بأطراف الأصابع ) ثُمَّ تَقْرُصُهُ بِالْمَاءِ وَتَنْضَحُهُ وَتُصَلِّي فِيهِ. ( البخاري حديث 227 / مسلم حديث 291 )

(3) تطهير ذيل ثوب المرأة:

إذا أصاب ذيل ثوب المرأة نجاسة فإنها تسير في مكان طاهر، فيتطهر بالتراب، ويجوز لها أن تغسله بالماء.

روى أبو داود عَنْ أُمِّ وَلَدٍ لِإِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ أَنَّهَا سَأَلَتْ أُمَّ سَلَمَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَتْ إِنِّي امْرَأَةٌ أُطِيلُ ذَيْلِي وَأَمْشِي فِي الْمَكَانِ الْقَذِرِ فَقَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُطَهِّرُهُ مَا بَعْدَهُ. ( حديث صحيح ) ( صحيح أبي داود للألباني حديث 369)

(4) تطهير الثوب من المذي:

يكون برش الماء على مكان المذي.

روى أبو داودَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ قَالَ كُنْتُ أَلْقَى مِنْ الْمَذْيِ شِدَّةً وَكُنْتُ أُكْثِرُ مِنْ الِاغْتِسَالِ فَسَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ إِنَّمَا يُجْزِيكَ مِنْ ذَلِكَ الْوُضُوءُ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَكَيْفَ بِمَا يُصِيبُ ثَوْبِي مِنْهُ قَالَ يَكْفِيكَ بِأَنْ تَأْخُذَ كَفًّا مِنْ مَاءٍ فَتَنْضَحَ بِهَا مِنْ ثَوْبِكَ حَيْثُ تَرَى أَنَّهُ أَصَابَهُ. ( حديث حسن ) ( صحيح أبي داود للألباني حديث 195)

(5) تطهير أسفل النعل:

يكون بدلكه بالتراب.

روى أبو داودَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ:بَيْنَمَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُصَلِّي بِأَصْحَابِهِ إِذْ خَلَعَ نَعْلَيْهِ فَوَضَعَهُمَا عَنْ يَسَارِهِ فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ الْقَوْمُ أَلْقَوْا نِعَالَهُمْ فَلَمَّا قَضَى رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- صَلَاتَهُ قَالَ مَا حَمَلَكُمْ عَلَى إِلْقَاءِ نِعَالِكُمْ قَالُوا رَأَيْنَاكَ أَلْقَيْتَ نَعْلَيْكَ فَأَلْقَيْنَا نِعَالَنَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِنَّ جِبْرِيلَ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَتَانِي فَأَخْبَرَنِي أَنَّ فِيهِمَا قَذَرًا أَوْ قَالَ أَذًى وَقَالَ إِذَا جَاءَ أَحَدُكُمْ إِلَى الْمَسْجِدِ فَلْيَنْظُرْ فَإِنْ رَأَى فِي نَعْلَيْهِ قَذَرًا أَوْ أَذًى فَلْيَمْسَحْهُ وَلْيُصَلِّ فِيهِمَا. ( حديث صحيح ) ( صحيح أبي داود للألباني حديث 605)

(6) تطهير الأرض:

يكون بصب الماء عليها أو تركها حتى تجف وتذهب أثر النجاسة.

روى الشيخان عن أبي هُرَيْرَةَ قَالَ قَامَ أَعْرَابِيٌّ فَبَالَ فِي الْمَسْجِدِ فَتَنَاوَلَهُ النَّاسُ فَقَالَ لَهُمْ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- دَعُوهُ وَهَرِيقُوا عَلَى بَوْلِهِ سَجْلًا مِنْ مَاءٍ أَوْ ذَنُوبًا مِنْ مَاءٍ فَإِنَّمَا بُعِثْتُمْ مُيَسِّرِينَ وَلَمْ تُبْعَثُوا مُعَسِّرِينَ. ( البخاري حديث 279 / مسلم حديث 284 )

(7) تطهير جلد الميتة:

يكون بالدباغ.

روى مسلم عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ إِذَا دُبِغَ الْإِهَابُ فَقَدْ طَهُرَ. ( مسلم حديث 366 )

(8) تطهير الإناء إذا ولغ فيه الكلب:

يغسل سبع مرات أولاهن بالتراب.

روى مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- طَهُورُ إِنَاءِ أَحَدِكُمْ إِذَا وَلَغَ فِيهِ الْكَلْبُ أَنْ يَغْسِلَهُ سَبْعَ مَرَّاتٍ أُولَاهُنَّ بِالتُّرَابِ. ( مسلم حديث 279 )

(9) تطهير الجلالة:

يكون بحبسها وإطعامها طعاماً طاهراًَ مدة من الزمن حتى تتغير رائحة النجاسة وذلك بسؤال أهل الخبرة.

(10) تطهير السمن ونحوه:

يكون بإزالة النجاسة وما حولها إذا كان جامداً، وأما إذا كان مائعاً وغيرت النجاسة أحد أوصافه من اللون أو الطعم أو الرائحة تركنا كله.

روى البخاري عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ مَيْمُونَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سُئِلَ عَنْ فَأْرَةٍ سَقَطَتْ فِي سَمْنٍ فَقَالَ أَلْقُوهَا وَمَا حَوْلَهَا فَاطْرَحُوهُ وَكُلُوا سَمْنَكُمْ. ( البخاري حديث 235 )

تنبيهات هامة:

(1) إذا خفي علينا موضع النجاسة في ثوب ما، وجب غسله أو استبداله بثوب آخر.

( المغني لابن قدامة جـ2 صـ489 )

(2) يجزئ تطهير النجاسات بكل ما يزيل النجاسة ولا يُشترط الماء فقط.

أحكام الاستنجاء

معنى الاستنجاء لغة:

هو استفعال من نجوب الشجرة أي قطعتها، فكأنه قطع الأذى عن نفسه، ويطلق عليه أيضاً (الاستطابة ) لأنه يطيب الجسد بإزالة الخبث عنه.

ويطلق عليه كذلك ( الاستجمار ) وذلك لاستخدام الجمار وهي الحجارة الصغيرة في إزالة الأذى عن الجسم.

وقال ابن قُتيبة: الاستنجاء مأخوذ من النَّجوة، وهي ما ارتفع من الأرض، لأن من أراد قضاء الحاجة استتر بها.

الاستنجاء شرعاً: إزالة كل ما يخرج من السبيلين ( القُبل والدبر ) بالماء أو الحجارة ونحوهما. ( المغني لابن قدامة جـ1 صـ205 )

حُكمُ الاستنجاء: الاستنجاء واجب.

روى أبو داود عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ إِذَا ذَهَبَ أَحَدُكُمْ إِلَى الْغَائِطِ فَلْيَذْهَبْ مَعَهُ بِثَلَاثَةِ أَحْجَارٍ يَسْتَطِيبُ بِهِنَّ فَإِنَّهَا تُجْزِئُ عَنْهُ. ( حديث حسن ) ( صحيح أبي داود للألباني حديث 31 )

والأمر في هذا الحديث للوجوب.

وقوله: (فَإِنَّهَا تُجْزِئُ عَنْهُ ) إنما يُستعمل في الواجب.

وسائل الاستنجاء يكون باستخدام الماء أو الحجارة.

أولاً: الماء:

روى الشيخان عن أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَدْخُلُ الْخَلَاءَ فَأَحْمِلُ أَنَا وَغُلَامٌ إِدَاوَةً مِنْ مَاءٍ وَعَنَزَةً.( البخاري حديث 151 / مسلم حديث 270 )

 العنزة هي: العصا.

ثانياً: الحجارة: ونحوها مما يزيل النجاسة كالورق ( غير المكتوب عليه ) والخشب، والقماش، وكل ما يحصل بها إزالة النجاسة.

روى أبو داود عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ إِذَا ذَهَبَ أَحَدُكُمْ إِلَى الْغَائِطِ فَلْيَذْهَبْ مَعَهُ بِثَلَاثَةِ أَحْجَارٍ يَسْتَطِيبُ بِهِنَّ فَإِنَّهَا تُجْزِئُ عَنْهُ. ( حديث حسن ) ( صحيح أبي داود للألباني حديث 31 )

عددُ الجمار المستخدمة في الاستنجاء: ثلاثة جمار، لا تقل عن هذا العدد، فإن لم يتم الإنقاء بها وجب الزيادة على هذا العدد.

روى مسلم عَنْ سَلْمَانَ قَالَ قَالَ لَنَا الْمُشْرِكُونَ إِنِّي أَرَى صَاحِبَكُمْ يُعَلِّمُكُمْ حَتَّى يُعَلِّمَكُمْ الْخِرَاءَةَ فَقَالَ أَجَلْ إِنَّهُ نَهَانَا أَنْ يَسْتَنْجِيَ أَحَدُنَا بِيَمِينِهِ أَوْ يَسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةَ وَنَهَى عَنْ الرَّوْثِ وَالْعِظَامِ وَقَالَ لَا يَسْتَنْجِي أَحَدُكُمْ بِدُونِ ثَلَاثَةِ أَحْجَارٍ. ( مسلم حديث 262 )

الاستنجاء بالروث والعظام:

لا يجوز استخدام العظام والروث، كالبعر ونحوه في الاستنجاء.

روى الترمذي عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَا تَسْتَنْجُوا بِالرَّوْثِ وَلَا بِالْعِظَامِ فَإِنَّهُ زَادُ إِخْوَانِكُمْ مِنْ الْجِنِّ. ( حديث صحيح ) ( صحيح الترمذي للألباني حديث 17 )

الاستنجاء عند خروج الريح:

ليس في خروج الريح استنجاء، ولا يشترط الاستنجاء قبل الوضوء.

آداب الاستنجاء:

الاستنجاء له آداب، ينبغي على المسلم أن يحرص عليها، ويمكن أن نوجزها فيما يلي:

(1) التسمية والاستعاذة.

روى الترمذي عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ سَتْرُ مَا بَيْنَ أَعْيُنِ الْجِنِّ وَعَوْرَاتِ بَنِي آدَمَ إِذَا دَخَلَ أَحَدُهُمْ الْخَلَاءَ أَنْ يَقُولَ بِسْمِ اللَّهِ. (حديث صحيح ) ( صحيح الترمذي للألباني حديث 496 )

روى الشيخان عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ كَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِذَا دَخَلَ الْخَلَاءَ قَالَ اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ الْخُبُثِ وَالْخَبَائِثِ. ( البخاري حديث 142 / مسلم حديث 375 )

(2) عدم اصطحاب شيء فيه اسم الله تعالى: كالخاتم وما شابهه من حِلية النساء وغيرها، إلا عند الضرورة،كأن يخاف الإنسان على هذا الشيء من السرقة أو الضياع، فلا حرج أن يدخل به إلى الخلاء مع المحافظة على عدم سقوطه داخل دورة المياه.

(3) الدخول إلى الخلاء بالقدم اليسرى والخروج بالقدم اليمنى.

(4) عدم استقبال القبلة أو استدبارها لغير ضرورة.

روى الشيخان عَنْ أَبِي أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيِّ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ إِذَا أَتَيْتُمْ الْغَائِطَ فَلَا تَسْتَقْبِلُوا الْقِبْلَةَ وَلَا تَسْتَدْبِرُوهَا وَلَكِنْ شَرِّقُوا أَوْ غَرِّبُوا قَالَ أَبُو أَيُّوبَ فَقَدِمْنَا الشَّأْمَ فَوَجَدْنَا مَرَاحِيضَ بُنِيَتْ قِبَلَ الْقِبْلَةِ فَنَنْحَرِفُ وَنَسْتَغْفِرُ اللَّهَ تَعَالَى. ( البخاري حديث 394 / مسلم حديث 264 )

روى الشيخان عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ إِنَّ نَاسًا يَقُولُونَ إِذَا قَعَدْتَ عَلَى حَاجَتِكَ فَلَا تَسْتَقْبِلْ الْقِبْلَةَ وَلَا بَيْتَ الْمَقْدِسِ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ لَقَدْ ارْتَقَيْتُ يَوْمًا عَلَى ظَهْرِ بَيْتٍ لَنَا فَرَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى لَبِنَتَيْنِ مُسْتَقْبِلًا بَيْتَ الْمَقْدِسِ لِحَاجَتِهِ وَقَالَ لَعَلَّكَ مِنْ الَّذِينَ يُصَلُّونَ عَلَى أَوْرَاكِهِمْ فَقُلْتُ لَا أَدْرِي وَاللَّهِ. ( البخاري حديث 145 / مسلم حديث 266 )

يتضح من هذا الحديث أن النهي عن استقبال القبلة أو استدبارها خاص بالصحراء دون البنيان وذلك عند الضرورة.

(5) عدم الكلام مطلقاً إلا لضرورة.

روى مسلم عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَجُلًا مَرَّ وَرَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَبُولُ فَسَلَّمَ فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْه.( مسلم حديث 370 )

ومن المعلوم أن رد السلام واجب، وترك النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رد السلام عل الرجل يدل على تحريم الكلام إذا كان فيه ذكر لله تعالى.

(6) عدم مس الذكر باليد اليمنى.

روى الشيخان عَنْ أَبِي قَتَادَةَ عَنْ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ إِذَا بَالَ أَحَدُكُمْ فَلَا يَأْخُذَنَّ ذَكَرَهُ بِيَمِينِهِ وَلَا يَسْتَنْجِي بِيَمِينِهِ وَلَا يَتَنَفَّسْ فِي الْإِنَاءِ. ( البخاري حديث 153 / مسلم حديث 267 )

(7) عدم قضاء الحاجة في طريق الناس:

يحرم قضاء الحاجة في الطريق الذي اعتاد الناس السير فيه أو يستظلون به.

روى مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ اتَّقُوا اللَّعَّانَيْنِ قَالُوا وَمَا اللَّعَّانَانِ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ الَّذِي يَتَخَلَّى فِي طَرِيقِ النَّاسِ أَوْ فِي ظِلِّهِمْ. ( مسلم حديث 68 )

(8) عدم قضاء الحاجة في الماء الراكد:

الماء الراكد هو الماء الثابت الذي لا يتحرك ولا يجري.

روى مسلم عَنْ جَابِرٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنَّهُ نَهَى أَنْ يُبَالَ فِي الْمَاءِ الرَّاكِدِ.( مسلم حديث 281 )

(9) عند الخروج من الخلاء: يقول: غفرانك.

روى الترمذي عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ كَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِذَا خَرَجَ مِنْ الْخَلَاءِ قَالَ غُفْرَانَكَ. ( حديث صحيح ) ( صحيح الترمذي حديث 7 )

(10) غسل اليد بعد الخروج من الخلاء:

روى أبو داود عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ كَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِذَا أَتَى الْخَلَاءَ أَتَيْتُهُ بِمَاءٍ فِي تَوْرٍ(وعاء ) أَوْ رَكْوَةٍ ( إناء )فَاسْتَنْجَى قَالَ أَبُو دَاوُد فِي حَدِيثِ وَكِيعٍ ثُمَّ مَسَحَ يَدَهُ عَلَى الْأَرْضِ ثُمَّ أَتَيْتُهُ بِإِنَاءٍ آخَرَ فَتَوَضَّأَ. ( حديث حسن ) ( صحيح أبي داود للألباني حديث 35 )

حُكم البول قائماً:

يجوز التبول قائماً بشرطين: (1) ستر العورة. (2) اجتناب التلوث بالبول.

( فتاوى ابن باز جـ10 صـ35 )

روى الشيخان عنْ حُذَيْفَةَ قَالَ كُنْتُ مَعَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَانْتَهَى إِلَى سُبَاطَةِ (مكان تجمع فيه فضلات المنزل ) قَوْمٍ فَبَالَ قَائِمًا. ( البخاري حديث 226 / مسلم حديث 273 )

الوَسْوسة عقب التبول:

إذا اعتاد المسلم الشك في نزول البول بعد الوضوء، فعليه أن ينضح ثوبه بالماء بعد الاستنجاء.

روى أبو داودَ عن الحكمِ بنِ سُفْيَانُ قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَالَ ثُمَّ نَضَحَ فَرْجَهُ. ( حديث صحيح ) ( صحيح أبي داود للألباني حديث 152، 153، 154 )

حُكم سلس البول وخروج الريح باستمرار:

المصاب بسلس البول، يجب عليه أن يستنجى ويتوضأ عقب دخول وقت كل صلاة، ولا حرج عليه، فيما ينزل بعد ذلك. وكذلك المصاب بخروج الريح باستمرار، يتوضأ بعد دخول وقت كل فريضة.

قال تعالى: (يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ ) ( البقرة: 185 )

( فتاوى دار الإفتاء المصرية جـ5 صـ1637: صـ1640 )

( فتاوى ابن تيمية جـ21 صـ107، صـ220: صـ221 )

سنن الفطرة

لقد اختار الله تعالى سنناً للأنبياء عليهم الصلاة والسلام، وأمرنا بالاقتداء بهم، وجعل هذه السنن من قبيل الشعائر التي يكثر وقوعها، ليعرف بها اتباع الأنبياء ويتميزوا بها عن غيرهم، وهذه الخصال تسمى سنن الفطرة. ( فقه السنة للسيد سابق جـ1 صـ42 )

روى الشيخانِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال: سَمِعْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ الْفِطْرَةُ خَمْسٌ الْخِتَانُ وَالِاسْتِحْدَادُ وَقَصُّ الشَّارِبِ وَتَقْلِيمُ الْأَظْفَارِ وَنَتْفُ الْآبَاطِ. ( البخاري حديث 5889/ مسلم حديث 257)

روى مسلم عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَشْرٌ مِنْ الْفِطْرَةِ قَصُّ الشَّارِبِ وَإِعْفَاءُ اللِّحْيَةِ وَالسِّوَاكُ وَاسْتِنْشَاقُ الْمَاءِ وَقَصُّ الْأَظْفَارِ وَغَسْلُ الْبَرَاجِمِ وَنَتْفُ الْإِبِطِ وَحَلْقُ الْعَانَةِ وَانْتِقَاصُ الْمَاءِ قَالَ زَكَرِيَّاءُ قَالَ مُصْعَبٌ وَنَسِيتُ الْعَاشِرَةَ إِلَّا أَنْ تَكُونَ الْمَضْمَضَةَ. ( مسلم حديث 261 )

(1) الختان

معنى الختان:

الختان بالنسبة للذكور هو قطع الجلدة التي تغطي الحَشَفَة ( رأسُ الذَكَر ) بحيث تنكشف الحَشَفَة كلها. والختان بالنسبة للإناث: قطع جزء صغير من الجلدة الموجودة فوق فَرْج المرأة ( مخرج البول ) بدون مبالغة في قطعها، وبدون استئصالها تماماً. ( تحفة المودود لابن القيم صـ95 )

ختان الرجال والإناث شريعة ربانية:

 اتفق الفقهاء على مشروعية الختان للرجال والإناث.و سوف نذكر بعض الأدلة على ذلك:

(1)روى الشيخانِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال: سَمِعْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ الْفِطْرَةُ خَمْسٌ الْخِتَانُ وَالِاسْتِحْدَادُ وَقَصُّ الشَّارِبِ وَتَقْلِيمُ الْأَظْفَارِ وَنَتْفُ الْآبَاطِ. ( البخاري حديث 5889/ مسلم حديث 257)

ومعلوم أن الختان يطلق على موضع القطع في الذكر والأنثى.

(2) روى مسلمٌ عن عائشة قالت: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِذَا جَلَسَ بَيْنَ شُعَبِهَا الْأَرْبَعِ وَمَسَّ الْخِتَانُ الْخِتَانَ فَقَدْ وَجَبَ الْغُسْلُ.(مسلم حديث 349 )

(3) روى أبو داودَ عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ الْأَنْصَارِيَّةِ أَنَّ امْرَأَةً كَانَتْ تَخْتِنُ بِالْمَدِينَةِ فَقَالَ لَهَا النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَا تُنْهِكِي فَإِنَّ ذَلِكَ أَحْظَى لِلْمَرْأَةِ وَأَحَبُّ إِلَى الْبَعْلِ .( حديث صحيح ) (صحيح أبي داود للألباني حديث 4391)

 لا تُنهكي: أي لا تبالغي في استقصاء الختان.( النهاية لابن الأثير جـ5 صـ137)

(4)روى الطبرانيُّ في معجمه الأوسط عن أنس بن مالك، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأم عطية: « إذا خفضت فأشمي ولا تُنهكي، فإنه أسرى للوجه، وأحظى عند الزوج. (حديث حسن ) ( صحيح الجامع للألباني حديث 509)

أشمي ولا تنهكي: قال ابن الأثير: شبة القطع اليسير ( من البظر) بإشمام الرائحة، والنهك: المبالغ فيه، أي اقطعي بعض النواة ولا تستأصليها.( النهاية لابن الأثير جـ2 صـ503)

حِكْمَةُ الختان الشرعية:

 إن للختان حِكماً شرعية كثيرة، يمكن أن نوجزها فيما يلي:

(1) الختان إقرار بالعبودية لله تعالى، وامتثال لأوامرة سبحانه وخضوع لحكمه وسلطانه.

(2) الختان من خصال الفطرة السليمة وشعار الإسلام.

(3) الختان يميز بين المسلم وغيره من أتباع الديانات الأخرى.

( تحفة المودود لابن القيم صـ113: 115)

فوائد الختان الصحية:

يُمكن أن نوجز فوائد الختان الصحية كما ذكرها الأطباء فيما يلي:

(1) الختان يُعدل الشهوة ويهذبها، لأن الشهوة الإنسانية إذا أُفرطت ألحقت الإنسان بالحيوانات، وإذا عُدمت الشهوة، ألحقت الإنسان بالجمادات، فالختان يُهذبه ولهذا تجد غير المختون من الرجال ومن النساء لا يشبعُ من الجِماع.

(2) إن قطع القُلفة يخلص الإنسان من الإفرازات الدهنية، ويخلص من السيلان الشحمى المقزز للنفس.

(3) إن قطع القُلفة يخلص الإنسان من خطر انحباس الحشفة أثناء التمدد.

(4) يقلل الختان من إمكانية الإصابة بالسرطان، وقد ثبت أن هذا السرطان كثير الحدوث في الأشخاص المتضيقة قُلفتهم، في حين أنه نادرُُ جداً في الشعوب التي توجب عليهم شرائعهم الختان.

(5) الختان يُجنب الأطفال الإصابة بسلس البول الليلي.

(6) الختان يخفف من كثرة استعمال العادة السرية لدى البالغين وهذه العادة السرية حرام، ويترتب عليها : أضرار خطيرة.( تربية الأولاد لعبد الله ناصح علوان جـ1 صـ116: 117)

هذه بعض فوائد الختان الصحية، يدركها كل ذي عقل وبصيرة، ويتدبرها كل من يريد أن يعرف محاسن الإسلام وأسرار الشريعة.

حكْم الختان:

الختان واجب في حق الذكور، وسنة في حق الإناث اللاتي في حاجة إلي الختان. وبالنسبة للإناث يعرف ذلك عن طريق طبيبة مسلمة، ذات خبرة بختان الإناث . ( المغني لابن قدامة جـ1 صـ115 ) ( فتاوى دار الإفتاء المصرية جـ2 رقم 212 صـ449 ) (فتاوى دار الافتاء المصرية جـ9 رقم 1202 صـ3119: صـ3125)

(2) حُكم حلق اللحية وتقصيرها:

حد اللحية من العظمتين المرتفعتين بحذاء صماغي الأذن إلى آخر الوجه، ومنها الشعر النابت على الخدين.

لا يجوز حلق اللحية لأنه مخالف لأوامر النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بإعفائها.

روى الشيخان عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- انْهَكُوا الشَّوَارِبَ وَأَعْفُوا اللِّحَى. ( البخاري حديث 5893 / مسلم حديث 259 )

روى مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- جُزُّوا الشَّوَارِبَ وَأَرْخُوا اللِّحَى خَالِفُوا الْمَجُوسَ . ( مسلم حديث 260 )

قال الإمام النووي -رضى الله عنه-:

جاء في اللحية خمس روايات: أعفوا وأوفوا وأرخوا وأرجوا ووفروا، ومعناها كلها: تركها على حالها.

وقال النووي أيضاً: وَالْمُخْتَار تَرْك اللِّحْيَة عَلَى حَالهَا وَأَلَّا يَتَعَرَّضَ لَهَا بِتَقْصِيرِ شَيْء أَصْلًا.

( مسلم بشرح النووي جـ2 صـ153: صـ154 )

فائدة هامة:

ثبت عن عبد الله بن عمر أنه أخذ من لحيته ما زاد عن القبضة في عمرته وحجه، وهذا تأويلاً منه -رضى الله عنه- لقوله تعالى: (مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ ) ( الفتح: 27 )

وقد خالف الصحابة ابن عمر في ذلك، ولم يثبت أنهم كانوا يأخذون شيئاً من لحاهم مع كثرة ذهابهم إلى الحج والعمرة.

(3) السواك:

روى النسائيُّ عن عَائِشَةَ عَنْ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ السِّوَاكُ مَطْهَرَةٌ لِلْفَمِ مَرْضَاةٌ لِلرَّبِّ. ( حديث صحيح ) ( صحيح النسائي للألباني جـ1 حديث 14 )

يستحب استخدام السواك في جميع الأوقات،و يتأكد استخدامه في الأوقات التالية:

(1) عند الوضوء. (2) عند الصلاة. (3) عند قراءة القرآن. (4) عند دخول البيت.

(5) عند إلقاء دروس العلم. (6) عند خطبة الجمعة. (7) عند تغير رائحة الفم. (8) عند النوم.

تقليم الأظافر وقص الشارب ونتف الإبط وحلق العانة:

هذه الخصال ليس لها وقت معين لفعلها وإنما تكون عند الحاجة. ويكره تركها أكثر من أربعين يوماً.

روى مسلم عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: وُقِّتَ لَنَا فِي قَصِّ الشَّارِبِ وَتَقْلِيمِ الْأَظْفَارِ وَنَتْفِ الْإِبِطِ وَحَلْقِ الْعَانَةِ أَنْ لَا نَتْرُكَ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً.( مسلم حديث 257 )

أحكامُ الوُضُوء

الوُضُوءُ لغة:

الوُضُوءُ من الوَضَاءة، وهي الحُسْنُ والنظافةُ والنضَارةُ، وسُّمي وُضُوء الصلاة وُضوءً لأنه ينظف المتوضئ ويُحَسِّنه.

الوُضُوُءُ: بضم الواو الأولى : الفعلُ الخاصُ بغسل الأعضاء.

الوَضُوُءُ: بفتح الواو الأولى: الماءُ المستخدمُ في الطهارة.

الوُضُوءُ شرعاً: استعمال ماءٍ طهورٍ لأعضاء مخصوصةٍ وهي: الوجه و الىدين والرأس والرِّجلين. ( نيل الأوطار للشوكاني جـ1 صـ251 )

حكْمُ الوُضُوء: الوُضُوءُ واجبٌ لمن أراد الصلاة والطواف حول الكعبة ونحوهما.

قال تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ ) ( المائدة: 6 )

روى الشيخانِ عن أَبي هُرَيْرَةَ أن رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- َقَالَ: لَا تُقْبَلُ صَلَاةُ أَحَدِكُمْ إِذَا أَحْدَثَ حَتَّى يَتَوَضَّأَ.( البخاري حديث 135 / مسلم حديث 225 )

فضائلُ الوُضُوء:

إن للوضوء فضائل كثيرة، يمكن أن نوجزها فيما يلي:

(1) الوُضُوءُ يمحو اللهُ تعالى به الذنوب:

روى مسلمٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ:إِذَا تَوَضَّأَ الْعَبْدُ الْمُسْلِمُ أَوْ الْمُؤْمِنُ فَغَسَلَ وَجْهَهُ خَرَجَ مِنْ وَجْهِهِ كُلُّ خَطِيئَةٍ نَظَرَ إلىهَا بِعَيْنَيْهِ مَعَ الْمَاءِ أَوْ مَعَ آخِرِ قَطْرِ الْمَاءِ فَإِذَا غَسَلَ يَدَيْهِ خَرَجَ مِنْ يَدَيْهِ كُلُّ خَطِيئَةٍ كَانَ بَطَشَتْهَا يَدَاهُ مَعَ الْمَاءِ أَوْ مَعَ آخِرِ قَطْرِ الْمَاءِ فَإِذَا غَسَلَ رِجْلَيْهِ خَرَجَتْ كُلُّ خَطِيئَةٍ مَشَتْهَا رِجْلَاهُ مَعَ الْمَاءِ أَوْ مَعَ آخِرِ قَطْرِ الْمَاءِ حَتَّى يَخْرُجَ نَقِيًّا مِنْ الذُّنُوبِ. ( مسلم حديث 244 )

(2) الوُضُوءُ يرفع درجات العبد في الجنة:

روى مسلمٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: أَلَا أَدُلُّكُمْ عَلَى مَا يَمْحُو اللَّهُ بِهِ الْخَطَايَا وَيَرْفَعُ بِهِ الدَّرَجَاتِ قَالُوا بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ إِسْبَاغُ الوُضُوء عَلَى الْمَكَارِهِ وَكَثْرَةُ الْخُطَا إِلَى الْمَسَاجِدِ وَانْتِظَارُ الصَّلَاةِ بَعْدَ الصَّلَاةِ فَذَلِكُمْ الرِّبَاطُ فَذَلِكُمْ الرِّبَاطُ.(مسلم حديث 251 )

(3) الوُضُوءُ سبيلُ الجنة:

روى الشيخانِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ لِبِلَالٍ عِنْدَ صَلَاةِ الْفَجْرِ: يَا بِلَالُ حَدِّثْنِي بِأَرْجَى عَمَلٍ عَمِلْتَهُ فِي الْإِسْلَامِ فَإِنِّي سَمِعْتُ دَفَّ نَعْلَيْكَ بَيْنَ يَدَيَّ فِي الْجَنَّةِ قَالَ مَا عَمِلْتُ عَمَلًا أَرْجَى عِنْدِي أَنِّي لَمْ أَتَطَهَّرْ طَهُورًا فِي سَاعَةِ لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ إِلَّا صَلَّيْتُ بِذَلِكَ الطُّهُورِ مَا كُتِبَ لِي أَنْ أُصَلِّيَ. ( البخاري حديث 1149 / مسلم حديث 2458 )

(4) الوُضُوءُ نورً للمسلم يوم القيامة:

روى مسلمٌ عن أَبِي هُرَيْرَةَ أن رسولَ الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: تَبْلُغُ الْحِلْيَةُ مِنْ الْمُؤْمِنِ حَيْثُ يَبْلُغُ الوُضُوء. ( مسلم حديث 250 )

(5) الوُضُوءُ يَحِلُّ عُقَدَ الشيطان:

روى الشيخانِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: يَعْقِدُ الشَّيْطَانُ عَلَى قَافِيَةِ رَأْسِ أَحَدِكُمْ إِذَا هُوَ نَامَ ثَلَاثَ عُقَدٍ يَضْرِبُ كُلَّ عُقْدَةٍ عَلَيْكَ لَيْلٌ طَوِيلٌ فَارْقُدْ فَإِنْ اسْتَيْقَظَ فَذَكَرَ اللَّهَ انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ فَإِنْ تَوَضَّأَ انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ فَإِنْ صَلَّى انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ فَأَصْبَحَ نَشِيطًا طَيِّبَ النَّفْسِ وَإِلَّا أَصْبَحَ خَبِيثَ النَّفْسِ كَسْلَانَ.( البخاري حديث 1142 / مسلم حديث 776 )

(6) الوُضُوءُ يميِّز الأمة المحمدية عن غيرها يوم القيامة:

روى مسلمٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَتَى الْمَقْبُرَةَ فَقَالَ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ دَارَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللَّهُ بِكُمْ لَاحِقُونَ وَدِدْتُ أَنَّا قَدْ رَأَيْنَا إِخْوَانَنَا قَالُوا أَوَ لَسْنَا إِخْوَانَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ أَنْتُمْ أَصْحَابِي وَإِخْوَانُنَا الَّذِينَ لَمْ يَأْتُوا بَعْدُ فَقَالُوا كَيْفَ تَعْرِفُ مَنْ لَمْ يَأْتِ بَعْدُ مِنْ أُمَّتِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ رَجُلًا لَهُ خَيْلٌ غُرٌّ مُحَجَّلَةٌ بَيْنَ ظَهْرَيْ خَيْلٍ دُهْمٍ بُهْمٍ أَلَا يَعْرِفُ خَيْلَهُ قَالُوا بَلَى يَا رَسُولَ اللهِِ قَالَ فَإِنَّهُمْ يَأْتُونَ غُرًّا مُحَجَّلِينَ مِنْ الوُضُوء وَأَنَا فَرَطُهُمْ عَلَى الْحَوْضِ أَلَا لَيُذَادَنَّ رِجَالٌ عَنْ حَوْضِي كَمَا يُذَادُ الْبَعِيرُ الضَّالُّ أُنَادِيهِمْ أَلَا هَلُمَّ فَيُقَالُ إِنَّهُمْ قَدْ بَدَّلُوا بَعْدَكَ فَأَقُولُ سُحْقًا سُحْقًا. ( مسلم حديث 234 )

(7) الوُضُوءُ نِصْفُ الإيمان:

روى مسلمٌ عَنْ أَبِي مَالِكٍ الْأَشْعَرِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: الطُّهُورُ شَطْرُ الْإِيمَانِ. ( مسلم حديث 223 )

شروطُ صحة الوُضُوء:

سوف نتحدث عن الفرق بين الشرط والركن:

أولاً: الشرطُ: أمرٌ خارج عن حقيقة الشيء، وليس من أجزائه، ويتوقف وجود الحكم على وجوده، ولا يستلزم وجوده وجود الشيء.

مثالٌ: الوُضُوءُ شرط لصحة إقامة الصلاة، فإذا لم يوجد وضوء لا تصح إقامة الصلاة، ولا يستلزم من وجود الوُضُوء إقامة الصلاة.

مثالٌ آخر: الشاهدان شرط لصحة عقد الزواج لأنهما ليسا من أجزاء العقد.

ثانياً: الركنُ: جُزءٌ من حقيقة الشيء،يتوقف وجود الحكم على وجوده.

مثالٌ: الركوعُ ركنٌ من أركان الصلاة لأنه جزء من حقيقة الصلاة.

مثالٌ آخر: العاقدان وصيغة عقد الزواج من أركان العقد لأنهما أجزاؤه.

( أصول الفقه لعبد الوهاب خلاف صـ118: صـ119 )

يُشترطُ لصحة الوُضُوء الشروط التالية:

(1) الإسلامُ: لأن الكافر لا تصح عبادته، والوُضُوءُ عبادةٌ فرضها اللهُ تعالى قبل الدخول في الصلاة.

(2) العقلُ: لأنه أساس التكليف في جميع العبادات.

روى أبو داودَ عَنْ عَلِيٍّ بنِ أبي طَالِبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلَاثَةٍ عَنْ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ وَعَنْ الصَّبِيِّ حَتَّى يَحْتَلِمَ وَعَنْ الْمَجْنُونِ حَتَّى يَعْقِلَ. ( حديث صحيح ) ( صحيح أبي داود للألباني حديث 3703 )

(3) وجودُ الماء الطَّهور: فلا يصح الوُضُوء بماء غير طَهور.

(4) إزالةُ ما يمنع وصول الماء إلى بشرة الجسم، كالعجين، والدهانات التي لها قشرة، كوسائل التجميل التي تضعها النساء على أظافر الأيدي والأقدام.

(5) النية: وهي عَزْمٌ بالقلب على فعل الوُضُوء طاعة لله تعالى ولرسوله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، والنية شرط لصحة كل عبادة.

روى البخاريُّ عن عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى. ( البخاري حديث 1 )

والنيةُ محلها القلب، ولا علاقة للسان بها، والتلفظ بالنية غير مشروع في جميع العبادات. فالله تعالى يعلم نية كل إنسان وما يفكر فيه.قال تعالى: ( أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ).(الملك: 14 )

وقال سبحانه: (يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ ) ( غافر: 19 )

ولأن التلفظ بالنية لم يثبت عن نبينا -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.

أركانُ الوُضُوء:

إن للوضوء أركاناً يتكون منها، بحيث لو نقص ركن منها عمداً، كان الوُضُوء باطلاً.

وأصل أركان الوُضُوء قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ ) ( المائدة: 6 )

أركانُ الوُضُوء هي:

(1) غسلُ جميع الوجه:

وَحَدُّ الوجه: من أعلى الجبهة إلى أسفل اللحيين طولاً، ومن شحمة الأذن اليمنى إلى شحمة الأذن اليسرى عرضاً، ويشمل غسل الوجه: المضمضة والاستنشاق والاستنثار.

( نيل الأوطار للشوكاني جـ1 صـ265 ) ( الشرح الممتع لابن عثيمين جـ1 صـ126 )

المضمضة: جَعْلُ الماء في الفم مع تحريكه ثم إخراجه.

الاستنشاق: إدخالُ الماء إلى الأنف.

الاستنثار: إخراجُ الماء من الأنف بعد الاستنشاق.( نيل الأوطار للشوكاني جـ1 صـ262 )

روى أبو داودَ عَنْ لَقِيطِ بْنِ صَبْرَةَ أن رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: إِذَا تَوَضَّأْتَ فَمَضْمِضْ ) ( حديث صحيح ) ( صحيح أبي داود للألباني حديث 131 )

روى مسلمٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قال: قَالَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: إِذَا تَوَضَّأَ أَحَدُكُمْ فَلْيَسْتَنْشِقْ.( مسلم – كتاب الطهارة حديث 21 )

روى مسلمٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ يَبْلُغُ بِهِ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ إِذَا اسْتَجْمَرَ أَحَدُكُمْ فَلْيَسْتَجْمِرْ وِتْرًا وَإِذَا تَوَضَّأَ أَحَدُكُمْ فَلِيَجْعَلْ فِي أَنْفِهِ مَاءً ثُمَّ لِيَنْتَثِرْ ( مسلم حديث 237 )

(2) غسلُ الىدين إلى المرفقين: المرفق هو المفصل الذي بين العضد والساعد مع إدخال المرفقين في الغسل.

(3) مسحُ الرأس: والأذنان من الرأس، يجب مسحهما.

روى ابن ماجه عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: الْأُذُنَانِ مِنْ الرَّأْسِ. ( حديث صحيح ) ( صحيح ابن ماجه للألباني حديث 357 )

(4) غسلُ الرجلين إلى الكعبين: الكعبان هما العظمتان البارزتان على جانبي أسفل القدم.

(5) الترتيبُ: لأن الله تعالى قد ذكر هذه الأعضاء مرتبة، ولم يثبت عن النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خلاف هذا الترتيب.

(6) الموالاةُ: وهي المتابعة بين أعضاء الوُضُوء في الغسل، بحيث لا يجف العضو قبل غسل العضو الذي يليه.

روى مسلمٌ عن عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّ رَجُلًا تَوَضَّأَ فَتَرَكَ مَوْضِعَ ظُفُرٍ عَلَى قَدَمِهِ فَأَبْصَرَهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: ارْجِعْ فَأَحْسِنْ وُضُوءَكَ فَرَجَعَ ثُمَّ صَلَّى. ( مسلم حديث 232 )

سُّنَنُ الوُضُوء:

إن للوضوء سنناً فَعَلها نبينا -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وحثنا على فعلها، من غير إلزام. هذه السنن النبوية المباركة ترفع من قّدْر الوُضُوء، وتزيد من حسنات فاعلها، ولا حرج ولا إثم على من تركها، ويمكن أن نُجملَ سننَ الوُضُوء فيما يلي:

(1) التسمية في أول الوُضُوء.(2) السواك.(3) غسل الكفين في أول الوُضُوء.

(4) المبالغة في المضمضة والاستنشاق لغير الصائم.(5) تخليل اللحية.(6) تخليل أصابع الأيدي والأقدام.

(7) غسل الأعضاء ثلاثاً. (8) البدء بغسل الذراع والقدم اليمنى قبل اليسرى .

(9) دَلْكُ أعضاء الوضوء.(10) الاقتصاد في الماء.

(11) الدعاءُ بعد الوُضُوء.

روى مسلمٌ عَنْ عمرَ بن الخطاب قَالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ يَتَوَضَّأُ فَيُبْلِغُ أَوْ فَيُسْبِغُ الْوَضُوءَ ثُمَّ يَقُولُ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ إِلَّا فُتِحَتْ لَهُ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ الثَّمَانِيَةُ يَدْخُلُ مِنْ أَيِّهَا شَاءَ. ( مسلم حديث 234 )

 (12) صلاة ركعتين بعد الوُضُوء.

روى البخاريُّ عن عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- تَوَضَّأَ نَحْوَ وَضُوئِي هَذَا ثُمَّ قَالَ:مَنْ تَوَضَّأَ وُضُوئِي هَذَا ثُمَّ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ لَا يُحَدِّثُ نَفْسَهُ فِيهِمَا بِشَيْءٍ إِلَّا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ. ( البخاري حديث 164 ) ( المغني لابن قدامة جـ1 صـ133: صـ155 )

صِفةُ الوُضُوءِ:

روى مسلمٌ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ الزُّهْرِي أَنَّ عَطَاءَ بْنَ يَزِيدَ اللَّيْثِيَّ أَخْبَرَهُ أَنَّ حُمْرَانَ مَوْلَى عُثْمَانَ أَخْبَرَهُ أَنَّ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ دَعَا بِوَضُوءٍ فَتَوَضَّأَ فَغَسَلَ كَفَّيْهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ ثُمَّ مَضْمَضَ و اسْتَنْثَرَ ثُمَّ غَسَلَ وَجْهَهُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ ثُمَّ غَسَلَ يَدَهُ الىمْنَى إِلَى الْمِرْفَقِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ ثُمَّ غَسَلَ يَدَهُ إلىسْرَى مِثْلَ ذَلِكَ ثُمَّ مَسَحَ رَأْسَهُ ثُمَّ غَسَلَ رِجْلَهُ الىمْنَى إِلَى الْكَعْبَيْنِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ ثُمَّ غَسَلَ الىسْرَى مِثْلَ ذَلِكَ ثُمَّ قَالَ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- تَوَضَّأَ نَحْوَ وُضُوئِي هَذَا ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: مَنْ تَوَضَّأَ نَحْوَ وُضُوئِي هَذَا ثُمَّ قَامَ فَرَكَعَ رَكْعَتَيْنِ لَا يُحَدِّثُ فِيهِمَا نَفْسَهُ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ.

قَالَ ابْنُ شِهَابٍ الزُّهْرِي: وَكَانَ عُلَمَاؤُنَا يَقُولُونَ هَذَا الوُضُوء أَسْبَغُ مَا يَتَوَضَّأُ بِهِ أَحَدٌ لِلصَّلَاةِ.

( مسلم حديث 226 )

فائدة هامة:

لا توجد أذكار يقولها المسلم عند غسل الأعضاء أثناء الوُضُوء، لأن ذلك لم يثبت عن نبينا محمدٍ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.و الدعاء المنسوب لنبينا -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عند غسل الأعضاء أثناء الوُضُوء لا أصل له.

قال الإمام النووي (الدعوات على أعضاء الوضوء فيقول عند الوجه اللهم بيض وجهي يوم تبيض وجوه وتسود وجوه وعند اليد اليمنى اللهم أعطني كتابي بيميني وحاسبني حسابا يسيرا وعند اليسرى اللهم لا تعطني كتابي بشمالي ولا من وراء ظهري وعند الرأس اللهم حرم شعري وبشري على النار وعند الأذنين اللهم اجعلني من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه وعند الرجلين اللهم ثبت قدمي على الصراط يوم تزل الأقدام).

(هذا الدعاء لا أصل له ولم يذكره الشافعي والجمهور والله أعلم).

( روضة الطالبين للنووي جـ1 صـ 62)

نَوَاقِضُ الوُضُوء:

للوضوء نواقض تبطله وهي:

(1) كل ما خرج من السبيلين ( القُبُل والدُّبر ). وهذا يشمل: البول والغائط، والمَني، والمذي، والودي، والريح.

قال الله تعالى: (أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ ) ( المائدة: 6 )

والغائط: كناية عن قضاء الحاجة من بول أو غائط.

روى الشيخانِ عن أبي هُرَيْرَةَ قال: قَالَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: لَا تُقْبَلُ صَلَاةُ مَنْ أَحْدَثَ حَتَّى يَتَوَضَّأَ قَالَ رَجُلٌ مِنْ حَضْرَمَوْتَ مَا الْحَدَثُ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ فُسَاءٌ أَوْ ضُرَاطٌ.

( البخاري حديث 135 / مسلم حديث 225 )

(2) النوم المستغرق الذي لا يبقى معه إدراك:

روى النسائي عن صَفْوَانَ بْنَ عَسَّالٍ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَأْمُرُنَا إِذَا كُنَّا مُسَافِرِينَ أَنْ نَمْسَحَ عَلَى خِفَافِنَا وَلَا نَنْزِعَهَا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ مِنْ غَائِطٍ وَبَوْلٍ وَنَوْمٍ إِلَّا مِنْ جَنَابَةٍ.

( حديث حسن ) ( صحيح النسائي للألباني جـ1 صـ50 )

3) زوال العقل بإغماء أو تناول الخمر أو بالجنون:

وهذا إجماع بين أهل العلم قديماً وحديثاً.

(4) الارتداد عن الإسلام.

(5) مَسُّ الفَرْج عمداً بدون حائل.

روى أبو داودَ عن عُرْوَةَ قال: دَخَلْتُ عَلَى مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ فَذَكَرْنَا مَا يَكُونُ مِنْهُ الوُضُوء فَقَالَ مَرْوَانُ: وَمِنْ مَسِّ الذَّكَرِ فَقَالَ عُرْوَةُ مَا عَلِمْتُ ذَلِكَ فَقَالَ مَرْوَانُ: أَخْبَرَتْنِي بُسْرَةُ بِنْتُ صَفْوَانَ أَنَّهَا سَمِعَتْ رَسُولَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: مَنْ مَسَّ ذَكَرَهُ فَلْيَتَوَضَّأْ. (حديث صحيح) (صحيح أبي داود للألباني حديث:166)

(6) أكل لحم الجزور.

 روى مسلمٌ عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: أَأَتَوَضَّأُ مِنْ لُحُومِ الْغَنَمِ ؟ قَالَ إِنْ شِئْتَ فَتَوَضَّأْ وَإِنْ شِئْتَ فَلَا تَوَضَّأْ قَالَ أَتَوَضَّأُ مِنْ لُحُومِ الْإِبِلِ قَالَ: نَعَمْ فَتَوَضَّأْ مِنْ لُحُومِ الْإِبِلِ. قَالَ: أُصَلِّي فِي مَرَابِضِ الْغَنَمِ ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: أُصَلِّي فِي مَبَارِكِ الْإِبِلِ؟ قَالَ: لَا. (مسلم حديث: 360) المغني لابن قدامة جـ 1 صـ 256:230)

قال الإمام النووي(رحمه اللهُ تعالى): وَهَذَا الْمَذْهَب أَقْوَى دَلِيلًا وَإِنْ كَانَ الْجُمْهُور عَلَى خِلَافه. وَقَدْ أَجَابَ الْجُمْهُور عَنْ هَذَا الْحَدِيث بِحَدِيثِ جَابِر كَانَ آخِر الْأَمْرَيْنِ مِنْ رَسُول اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- تَرْك الْوُضُوء مِمَّا مَسَّتْ النَّار، وَلَكِنْ هَذَا الْحَدِيث عَامٌّ، وَحَدِيث الْوُضُوء مِنْ لُحُوم الْإِبِل خَاصٌّ، وَالْخَاصُّ مُقَدَّم عَلَى الْعَامِّ.(مسلم بشرح النووي جـ 1صـ 284)

أمور لا تنقض الوُضُوء:

(1) لمس المرأة الأجنبية: لمس المرأة الأجنبية حرامٌ، ولكنه لا ينقض الوُضُوء، بشرط ألا يخرج من فَرْجِ الرجل شيئاً.

وأما قوله تعالى: (أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ ) ( المائدة: 6 ) فالمقصود بذلك الجماع.

قال ابنٍ عباس: اللمس" و"المس" و"المباشرة"، الجماع، ولكن الله يكني بما شاءَ. ( تفسير الطبري جـ5 صـ102 )

(2) تقبيل الرجل لزوجته بدون إنزال.

روى أبو داودَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَبَّلَهَا وَلَمْ يَتَوَضَّأْ.( حديث صحيح) ( صحيح أبي داود للألباني حديث 164 )

(3) خروج الدم من غير السبيلين ( القبل أو الدبر ).

سواء كان بجرح أو حجامة أو نزيف من الأنف، سواء كان قليلاً أم كثيراً.

قَالَ الْحَسَنُ البصري مَا زَالَ الْمُسْلِمُونَ يُصَلُّونَ فِي جِرَاحَاتِهِمْ.وَقَالَ طَاوُسٌ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ وَعَطَاءٌ وَأَهْلُ الْحِجَازِ لَيْسَ فِي الدَّمِ وُضُوءٌ. وَعَصَرَ ابْنُ عُمَرَ بَثْرَةً فَخَرَجَ مِنْهَا الدَّمُ وَلَمْ يَتَوَضَّأْ.وَبَزَقَ ابْنُ أَبِي أَوْفَى دَمًا فَمَضَى فِي صَلَاتِهِ. وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ وَالْحَسَنُ فِيمَنْ يَحْتَجِمُ لَيْسَ عَلَيْهِ إِلَّا غَسْلُ مَحَاجِمِهِ. ( البخاري - كتاب الوُضُوء باب: 34 )

(4) القيء: سواء أكان قليلاً أم كثيراً.

(5) شك المتوضئ في الحدث.

روى الشيخانِ عَنْ عَبَّادِ بْنِ تَمِيمٍ عَنْ عَمِّهِ ( عبد الله بن زيد ) أَنَّهُ شَكَا إِلَى رَسُولِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الرَّجُلُ الَّذِي يُخَيَّلُ إلىهِ أَنَّهُ يَجِدُ الشَّيْءَ فِي الصَّلَاةِ فَقَالَ: لَا يَنْفَتِلْ أَوْ لَا يَنْصَرِفْ حَتَّى يَسْمَعَ صَوْتًا أَوْ يَجِدَ رِيحًا. ( البخاري حديث 137 / مسلم حديث 361 )

أمور يجب لها الوُضُوء:

(1) الصلاة مطلقاً، فرضاً أو نفلاً، أو صلاة جنازة: قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ ) (المائدة: 6 )

روى مسلمٌ عن ابْنِ عُمَرَ قَالَ إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: لَا تُقْبَلُ صَلَاةٌ بِغَيْرِ طُهُورٍ وَلَا صَدَقَةٌ مِنْ غُلُولٍ.( مسلم حديث 224 )

(2) الطواف حول الكعبة:

روى الترمذيُّ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: الطَّوَافُ حَوْلَ الْبَيْتِ مِثْلُ الصَّلَاةِ إِلَّا أَنَّكُمْ تَتَكَلَّمُونَ فِيهِ فَمَنْ تَكَلَّمَ فِيهِ فَلَا يَتَكَلَّمَنَّ إِلَّا بِخَيْرٍ.( حديث صحيح ) ( صحيح الترمذي للألباني حديث 767 )

أمور يُستحبُ لها الوُضُوء:

(1) عند ذكر الله تعالى:

روى أبو داود عَنْ الْمُهَاجِرِ بْنِ قُنْفُذٍ أَنَّهُ أَتَى النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهُوَ يَبُولُ فَسَلَّمَ عَلَيْهِ فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِ حَتَّى تَوَضَّأَ ثُمَّ اعْتَذَرَ إلىهِ فَقَالَ: إِنِّي كَرِهْتُ أَنْ أَذْكُرَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ إِلَّا عَلَى طُهْرٍ أَوْ قَالَ عَلَى طَهَارَةٍ.( حديث صحيح ) ( صحيح أبي داود للألباني حديث 13 )

(2) عند النوم:

روى الشيخانِ عن الْبَرَاءِ بْنُ عَازِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِذَا أَتَيْتَ مَضْجَعَكَ فَتَوَضَّأْ وَضُوءَكَ لِلصَّلَاةِ ثُمَّ اضْطَجِعْ عَلَى شِقِّكَ الْأَيْمَنِ وَقُلْ اللَّهُمَّ أَسْلَمْتُ نَفْسِي إلىكَ وَفَوَّضْتُ أَمْرِي إلىكَ وَأَلْجَأْتُ ظَهْرِي إلىكَ رَهْبَةً وَرَغْبَةً إلىكَ لَا مَلْجَأَ وَلَا مَنْجَا مِنْكَ إِلَّا إلىكَ آمَنْتُ بِكِتَابِكَ الَّذِي أَنْزَلْتَ وَبِنَبِيِّكَ الَّذِي أَرْسَلْتَ فَإِنْ مُتَّ مُتَّ عَلَى الْفِطْرَةِ فَاجْعَلْهُنَّ آخِرَ مَا تَقُولُ فَقُلْتُ أَسْتَذْكِرُهُنَّ وَبِرَسُولِكَ الَّذِي أَرْسَلْتَ قَالَ لَا وَبِنَبِيِّكَ الَّذِي أَرْسَلْتَ.( البخاري حديث 247 / مسلم حديث 2710 )

(3) الجُنُب إذا أراد الطعام أو الشراب أو الجماع أو النوم:

روى الشيخانِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِذَا كَانَ جُنُبًا فَأَرَادَ أَنْ يَأْكُلَ أَوْ يَنَامَ تَوَضَّأَ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ.( البخاري حديث 288 / مسلم حديث 305 )

روى مسلمٌ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: إِذَا أَتَى أَحَدُكُمْ أَهْلَهُ ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يَعُودَ فَلْيَتَوَضَّأْ.( مسلم حديث 308 )

(4) الوُضُوء قبل الاغتسال:

سواءٌ كان الغسل واجباً أم مستحباً.

روى الشيخانِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِذَا اغْتَسَلَ مِنْ الْجَنَابَةِ يَبْدَأُ فَيَغْسِلُ يَدَيْهِ ثُمَّ يُفْرِغُ بِيَمِينِهِ عَلَى شِمَالِهِ فَيَغْسِلُ فَرْجَهُ ثُمَّ يَتَوَضَّأُ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ ثُمَّ يَأْخُذُ الْمَاءَ فَيُدْخِلُ أَصَابِعَهُ فِي أُصُولِ الشَّعْرِ حَتَّى إِذَا رَأَى أَنْ قَدْ اسْتَبْرَأَ حَفَنَ عَلَى رَأْسِهِ ثَلَاثَ حَفَنَاتٍ ثُمَّ أَفَاضَ عَلَى سَائِرِ جَسَدِهِ ثُمَّ غَسَلَ رِجْلَيْهِ.( البخاري حديث 248 / مسلم حديث 316)

(5) تجديد الوُضُوء لكل صلاة:

روى البخاريُّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَتَوَضَّأُ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ قُلْتُ كَيْفَ كُنْتُمْ تَصْنَعُونَ قَالَ يُجْزِئُ أَحَدَنَا الوُضُوء مَا لَمْ يُحْدِثْ. (البخاري حديث 214 )

(6) الوُضُوء عقب كل ناقض للوضوء:

روى الترمذيُّ عن بُرَيْدَةَ قَالَ: أَصْبَحَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَدَعَا بِلَالًا فَقَالَ يَا بِلَالُ بِمَ سَبَقْتَنِي إِلَى الْجَنَّةِ مَا دَخَلْتُ الْجَنَّةَ قَطُّ إِلَّا سَمِعْتُ خَشْخَشَتَكَ أَمَامِي دَخَلْتُ الْبَارِحَةَ الْجَنَّةَ فَسَمِعْتُ خَشْخَشَتَكَ أَمَامِي فَأَتَيْتُ عَلَى قَصْرٍ مُرَبَّعٍ مُشْرِفٍ مِنْ ذَهَبٍ فَقُلْتُ لِمَنْ هَذَا الْقَصْرُ فَقَالُوا لِرَجُلٍ مِنْ الْعَرَبِ فَقُلْتُ أَنَا عَرَبِيٌّ لِمَنْ هَذَا الْقَصْرُ قَالُوا لِرَجُلٍ مِنْ قُرَيْشٍ قُلْتُ أَنَا قُرَشِيٌّ لِمَنْ هَذَا الْقَصْرُ قَالُوا لِرَجُلٍ مِنْ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ قُلْتُ أَنَا مُحَمَّدٌ لِمَنْ هَذَا الْقَصْرُ قَالُوا لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فَقَالَ بِلَالٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا أَذَّنْتُ قَطُّ إِلَّا صَلَّيْتُ رَكْعَتَيْنِ وَمَا أَصَابَنِي حَدَثٌ قَطُّ إِلَّا تَوَضَّأْتُ عِنْدَهَا وَرَأَيْتُ أَنَّ لِلَّهِ عَلَيَّ رَكْعَتَيْنِ فَقَالَ رَسُولُ اللهِِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: بِهِمَا. ( حديث صحيح) ( صحيح الترمذي للألباني حديث 2912 )

أحكام المسح عَلَى الْخُفَّيْنِ و الجوربين

تعريف الخُف: الخُف: نعل من جلد يغطي الكعبين.

الكعبان: العظمتان البارزتان في القدم. ( نيل الأوطار للشوكاني جـ1 صـ322 )

مشروعية المسح على الخفين:

قال النووي: أَجْمَع مَنْ يُعْتَدّ لَهُ فِي الْإِجْمَاع عَلَى جَوَاز الْمَسْح عَلَى الْخُفَّيْنِ، فِي السَّفَر وَالْحَضَر، سَوَاء كَانَ لِحَاجَةٍ أَوْ لِغَيْرِهَا حَتَّى يَجُوز لِلْمَرْأَةِ الْمُلَازِمَة بَيْتهَا وَالزَّمِن الَّذِي لَا يَمْشِي، وَإِنَّمَا أَنْكَرَتْهُ الشِّيعَة وَالْخَوَارِج وَلَا يُعْتَدّ بِخِلَافِهِمْ.

قَالَ الْحَسَن الْبَصْرِيّ - رَحِمَهُ اللَّه تَعَالَى -: حَدَّثَنِي سَبْعُونَ مِنْ أَصْحَاب رَسُول اللَّه -صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنَّ رَسُول اللَّه -صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ يَمْسَح عَلَى الْخُفَّيْنِ. ( مسلم بشرح النووي جـ2 صـ170 )

روى مسلم عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ هَمَّامٍ قَالَ بَالَ جَرِيرٌ ثُمَّ تَوَضَّأَ وَمَسَحَ عَلَى خُفَّيْهِ فَقِيلَ تَفْعَلُ هَذَا فَقَالَ نَعَمْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَالَ ثُمَّ تَوَضَّأَ وَمَسَحَ عَلَى خُفَّيْهِ.

( مسلم حديث 272 )

تعريف الجَوْرب:

الجورب هو كل ما يلبسه الإنسان في قدميه، سواء كان مصنوعاً من الصوف أو القطن أو الكتان أو ما شابه ذلك.

مشروعية المسح على الجوربين:

يجوز المسح على الجوربين.

روى أبو داود عَنْ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- تَوَضَّأَ وَمَسَحَ عَلَى الْجَوْرَبَيْنِ وَالنَّعْلَيْنِ. ( حديث صحيح ) ( صحيح أبي داود للألباني حديث 143 )

شروط المسح على الخفين:

يشترط للمسح على الخفين أو الجوربين شرطان:

(1) أن يلبسهما المسلم بعد الوضوء الكامل.

(2) أن يكونا ساترين للكعبين. ( المغني لابن قدامة جـ1 صـ361: صـ372 )

مدة المسح على الخفين:

للمقيم يوم وليلة، وللمسافر ثلاثة أيام بلياليهن. وتبدأ من أول مَسْح لعد انقضاء الوضوء.

روى مسلم عن بْنِ أَبِي طَالِبٍ قَالَ جَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَلَيَالِيَهُنَّ لِلْمُسَافِرِ وَيَوْمًا وَلَيْلَةً لِلْمُقِيمِ. ( مسلم حديث 276 )

المسح على الخف أو الجورب المخَرَّق:

يجوز المسح على الخف أو الجورب المخرق خرقاً يسيراً في عُرف الناس.

( انظر: المدونة لسحنون جـ1 صـ40 ) ( الأوسط لابن المنذر جـ1 صـ448: صـ450)

( المحلى لابن حزم جـ2 صـ200 ) ( المبسوط للسرخسي جـ1 صـ100 )

( مجموع فتاوى ابن تيمية جـ21 صـ172: صـ176، صـ212: صـ213 )

من المعلوم أن الإذن في المسح على الخفين عام، يدخل فيه كل ما يطلق عليه اسم الخف، ولو كان الخرق اليسير يمنع من المسح على الخف لبينه نبينا -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لأن معظم الصحابة كانوا فقراء، والغالب أن خفاقهم لا تخلو من خروق.

صفة المسح على الخفين:

عندما يريد المسلم أن يمسح على الخفين أو الجوربين فإنه يبل يديه بالماء ثم يُمرر على أطراف أصابع القدم إلى ساقه فقط مرة واحدة، ويكون المسح باليدين جميعاً على القدمين جميعاً في وقت واحد، بمعنى أن اليد اليمنى تمسح على القدم اليمنى، واليد اليسرى تمسح على القدم اليسرى في نفس الوقت، والمشروع أن يكون المسح من أعلى الخفين أو الجوربين، ولا يكون من أسفلهما، لأن ذلك مخالف للسنة.

روى أبو داود عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ لَوْ كَانَ الدِّينُ بِالرَّأْيِ لَكَانَ أَسْفَلُ الْخُفِّ أَوْلَى بِالْمَسْحِ مِنْ أَعْلَاهُ وَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَمْسَحُ عَلَى ظَاهِرِ خُفَّيْهِ.

( حديث صحيح ) ( صحيح أبي داود للألباني حديث 147 )

نواقض المسح على الخفين:

(1) انقضاء مدة المسح.

(2) الجنابة.

(3) نزع الخفين او الجوربين أو أحدهما عمداً أثناء مدة المسح. ( المغني لابن قدامة جـ1 صـ366: صـ389 )

الشك في ابتداء المسح على الخفين:

إذا انتهت مدة المسح على الخفين أو الجوربين يبقى المسلم على طهارته ما لم يحدث، لأن انتهاء مدة المسح لا ينقض الوضوء، ولكنه ينقض المسح على الخفين.

حُكم الوضوء بعد انتهاء مدة المسح على الخفين أو الجوربين:

إذا انتهت مدة المسح على الخفين ثم صلى المسلم بعدها، فإن كان أحدث ( أي انتقض وضوءه) بعد انتهاء مدة المسح، وجب عليه إعادة الوضوء كاملاً، وذلك الصلاة، وأما إذا انتهت المدة وبقى على طهارته فصلاته صحيح، لأن انتهاء المدة لا ينقض الوضوء. ( فتاوى ابن عثيمين جـ4 صـ176: صـ180 )

حُكم من لبس جورباً فوق آخر ومسح عليهما:

من لبس جوربين أحدهما فوق الآخر بعد الوضوء، ثم نزع الجورب الأعلى، جاز له إتمام مدة المسح على الجورب الأسفل، لأنه يصدق عليه أنه أدخلهما طاهرتين.

وأما إذا لبس جورباً واحداً بعد الوضوء ومسح عليه ثم لبس فوقه جورباً آخر، فلا يجوز له أن يمسح على الثاني لأنه في هذه الحالة لا يصدق عليه أنه أدخلهما طاهرتين. ( المدونة لسحنون جـ1 صـ40 )

المسح على العِمامة والخمار

العِمامة: كل ما يُعمم به رأس الرجل. يجوز المسح على العمامة بدل المسح على الرأس عند الوضوء، في أي وقت، مع مراعاة مسح جزء من ناصية الرأس.

( المحلى لابن حزم جـ صـ58 ) ( المغني لابن قدامة جـ1 صـ379 ) ( فتاوى ابن تيمية جـ21 صـ184 )

روى البخاري عن عَمْرِو بْنِ أُمَيَّةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ رَأَيْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَمْسَحُ عَلَى عِمَامَتِهِ وَخُفَّيْهِ. (البخاري حديث 205 )

مسح المرأة على خمارها:

الخِمار: هو ما يُعطي به الشيء. وخمار المرأة هو ما تغطي به المرأة رأسها.

قال ابن تيمية:

إنْ خَافَتْ الْمَرْأَةُ مِنْ الْبَرْدِ وَنَحْوِهِ مَسَحَتْ عَلَى خِمَارِهَا ؛ فَإِنَّ أُمَّ سَلَمَةَ كَانَتْ تَمْسَحُ خِمَارَهَا وَيَنْبَغِي أَنْ تَمْسَحَ مَعَ هَذَا بَعْضَ شَعْرِهَا. ( مجموع فتاوى ابن تيمية جـ21 صـ218 )

قال ابن عثيمين:

إذا كان هناك مشقة، إما لبرودة الجو، أو لمشقة النزع واللف مرة أخرى في مثل هذا لا بأس به، وإلا فالأولى ألا تمسح. ( الشرح الممتع لابن عثيمين جـ1 صـ165 )

الطهارة عند العمامة والخمار:

لا يُشترط لبس العمامة أو الخمار على طهارة لأن ذلك لم يثبت عن النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-. ( المحلى لابن حزم جـ2صـ64: صـ65 ) ( نيل الأوطار للشوكاني جـ1 صـ298 )

المسح على الجبيرة:

تعريف الجبيرة:

هي كل ما يُوضع على موضع الطهارة لحاجته مثل الجبس، الذي يكون على العظام المكسورة، أو اللزقة التي تكون على الجُرح، أو على الألم في الظهر أو ما أشبه ذلك. (فتاوى ابن عثيمين جـ4 صـ171 )

المسح على الجبيرة

يجوز المسح على الجبيرة، ويُجزئ عن الغسل، وتكون هذه طهارة كاملة، فإذا نزع الإنسان هذه الجبيرة أو اللزقة، فإن طهارته لا تنتقض لأنها تمت على وجه شرعي، ولا يجب الجمع بين المسح على الجبيرة والتيمم لعضو واحد، لأن إيجاب طهارتين لعضو واحد مخالف لقواعد الشريعة، ولا يكلف الله عبداً بعبادتين سببهما واحد. ( فتاوى ابن عثيمين جـ4 صـ172: صـ173 )

مبطلات المسح على الجبيرة:

يبطل المسح على الجبيرة بنزعها عن مكانها عمداً أوبراءة موضعها وإن لم تسقط. ( فقه السنة للسيد سابق جـ1 صـ101 )

أحكام الغُسل

تعريف الغسل:

هم تعميم البدن بالماء، وهو مشروع لقوله تعالى: (وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا ) ( المائدة: 43 )

موجبات الغسل:

(1) خروج المني بشهوة في النوم أو اليقظة:

روى الشيخان عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ أَنَّهَا قَالَتْ جَاءَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ امْرَأَةُ أَبِي طَلْحَةَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي مِنْ الْحَقِّ هَلْ عَلَى الْمَرْأَةِ مِنْ غُسْلٍ إِذَا هِيَ احْتَلَمَتْ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نَعَمْ إِذَا رَأَتْ الْمَاءَ.(البخاري حديث 282 / مسلم حديث 313 )

 (2) عند التقاء الختانين ولو لم يحصل إنزال:

روى مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ إِذَا جَلَسَ بَيْنَ شُعَبِهَا الْأَرْبَعِ ثُمَّ جَهَدَهَا فَقَدْ وَجَبَ عَلَيْهِ الْغُسْلُ وَإِنْ لَمْ يُنْزِلْ. ( مسلم حديث 348 )

(3) عند انقطاع دم الحيض والنفاس:

قال الله تعالى: (وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ ) ( البقرة: 222 )

روى البخاري عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ أَبِي حُبَيْشٍ كَانَتْ تُسْتَحَاضُ فَسَأَلَتْ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ ذَلِكِ عِرْقٌ وَلَيْسَتْ بِالْحَيْضَةِ فَإِذَا أَقْبَلَتْ الْحَيْضَةُ فَدَعِي الصَّلَاةَ وَإِذَا أَدْبَرَتْ فَاغْتَسِلِي وَصَلِّي. ( البخاري حديث 228 )

(4) عند إسلام الكافر:

روى أبو داود عن قَيْسِ بْنِ عَاصِمٍ قَالَ أَتَيْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أُرِيدُ الْإِسْلَامَ فَأَمَرَنِي أَنْ أَغْتَسِلَ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ. (حديث صحيح ) ( صحيح أبي داود للألباني حديث 342 )

(5) عند موت المسلم:

إذا مات المسلم وجب تغسيله بإجماع أهل العلم. ( المغني لابن قدامة جـ1 صـ265: صـ279 ) ( نيل الأوطار للشوكاني جـ1 صـ381: صـ392 )

أركان الغسل:

(1) النية: لأنها هي التي تميز العبادات عن العادات.

(2) غسل جميع أعضاء الجسم.

سنن الغسل:

إن للغسل سنناً أن نوجزها فيما يلي:

(1) يبدأ المسلم بغسل يديه ثلاثاً ثم يغسل فرجه.

(2) يتوضأ وضوءاً كاملاً، ويجوز أن يؤخر غسل رجليه حتى ينتهي من الغسل.

(3) يفيض الماء على رأسه ثلاثاً، تخليل الشعر، ليصل الماء إلى أصوله.

(4) يفيض الماء على سائر البدن: بادئاً بالشق الأيمن ثم الأيسر مع تعاهد الإبطين، وداخل الأذن، والسُّرة، وأصابع الرجلين مع دلك ما يمكن دلكه من البدن. ( البخاري حديث 248، 258، 259 ) ( مسلم حديث 317: 318 ) ( فقه السنة للسيد سابق جـ1 صـ90: صـ91 )

فوائد هامة تتعلق بالغسل:

(1) من اغتسل من الجنابة، ولم يكن قد توضأ، فإن الغسل يغني عن الوضوء.

روى أبو داود عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَغْتَسِلُ وَيُصَلِّي الرَّكْعَتَيْنِ وَصَلَاةَ الْغَدَاةِ وَلَا أَرَاهُ يُحْدِثُ وُضُوءًا بَعْدَ الْغُسْلِ.

(2) غسل المرأة كغسل الرجل، ولا يلزم المرأة أن تحل ضفائرها ولكن يجب أن تتأكد من وصول الماء إلى أصول شعرها. ( مسلم حديث 330 )

(3) يجوز للرجل أن يغتسل ببقية الماء الذي اغتسلت منه امرأته والعكس. ( صحيح أبي داود للألباني حديث 61 )

(4) يجزئ غسل واحد عن حيض وجناية أو عن جمعة وعيد أو عن جنابة وجمعة إذا نوى كل ذلك لقوله: (إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ ). ( البخاري حديث 1 )

الأغسال المستحبة

(1) غسل الجمعة:

روى الترمذي عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدَبٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَنْ تَوَضَّأَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَبِهَا وَنِعْمَتْ وَمَنْ اغْتَسَلَ فَالْغُسْلُ أَفْضَلُ.

(2) غسل العيدين ويوم عرفة: ( حديث صحيح ) ( صحيح الترمذي للألباني حديث 411 )

روى البيهقي من طريق الشافعي عن زاذان قال: سأل رجل عليا رضي الله عنه عن الغسل ؟ قال: اغتسل كل يوم إن شئت فقال: لا الغسل الذي هو الغسل قال: يوم الجمعة ويوم عرفة ويوم النحر. ويوم النحر،ويوم الفطر.( حديث صحيح ) ( إرواء الغليل للألباني جـ1 حديث 176 )

(3) الاغتسال للإحرام بالحج والعمرة:

روى الترمذي عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ رَأَى النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- تَجَرَّدَ لِإِهْلَالِهِ وَاغْتَسَلَ. ( حديث صحيح ) ( صحيح الترمذي للألباني حديث 664 )

(4) الاغتسال لدخول مكة.

روى الشيخانِ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ لَا يَقْدَمُ مَكَّةَ إِلَّا بَاتَ بِذِي طَوًى حَتَّى يُصْبِحَ وَيَغْتَسِلَ ثُمَّ يَدْخُلُ مَكَّةَ نَهَارًا وَيَذْكُرُ عَنْ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنَّهُ فَعَلَهُ.( البخاري حديث 1573 / مسلم حديث 1259 )

(5) الاغتسال عند تعدد جماع الزوجة:

روى أبو داود عَنْ أَبِي رَافِعٍ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- طَافَ ذَاتَ يَوْمٍ عَلَى نِسَائِهِ يَغْتَسِلُ عِنْدَ هَذِهِ وَعِنْدَ هَذِهِ قَالَ قُلْتُ لَهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلَا تَجْعَلُهُ غُسْلًا وَاحِدًا قَالَ هَذَا أَزْكَى وَأَطْيَبُ وَأَطْهَرُ. ( حديث صحيح ) ( صحيح أبي داود للألباني حديث 203 )

(6) الاغتسال من غُسل الميت:

روى ابن ماجه عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَنْ غَسَّلَ مَيِّتًا فَلْيَغْتَسِلْ. ( حديث صحيح ) ( صحيح ابن ماجه للألباني حديث 1195 )

أحكام التيمم

معنى التيمم:

التيمم لغة: القصد.

قال الله تعالى: (وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ ) ( البقرة: 167 )

وقال سبحانه: (فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا ) ( المائدة: 6 )

التيمم شرعاً: مسح الوجه واليدين بشيء من الصعيد ( وجه الأرض ).

( المغني لابن قدامة جـ1 صـ310 )

التيمم مشروع بدليل الكتاب والسنة والإجماع.

أما في القرآن: فقوله تعالى: (فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ ) ( المائدة: 6 )

أما في السنة:

روى الشيخان عن عِمْرَان بْنِ حُصَيْنٍ الْخُزَاعِيُّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رَأَى رَجُلًا مُعْتَزِلًا لَمْ يُصَلِّ فِي الْقَوْمِ فَقَالَ يَا فُلَانُ مَا مَنَعَكَ أَنْ تُصَلِّيَ فِي الْقَوْمِ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَصَابَتْنِي جَنَابَةٌ وَلَا مَاءَ قَالَ عَلَيْكَ بِالصَّعِيدِ فَإِنَّهُ يَكْفِيكَ. ( البخاري حديث 348 / مسلم حديث 1535 )

وأما الإجماع: فقد أجمعت الأمة على جواز التيمم. ( المغني لابن قدامة جـ1 صـ310 )

الأسباب المبيحة للتيمم:

يشرع التيمم لمن لم يجد الماء بعد أن يبذل قصارى جهده في طلبه، أو لمن وجد الماء ولكنه يخاف من استخدامه بسبب جراحه أو مرضه أو تأخر الشفاء أو إذا كان الماء شديد البرودة ولا يستطيع تسخينه، أو كان معه ماء ولكنه يحتاج إليه في طعامه وشرابه. ( فقه السنة للسيد سابق جـ1 صـ96: صـ98 ) ( منهاج المسلم صـ157 )

الصعيد الذي يتيمم به:

يجوز التيمم بالتراب الطاهر، وكل ما كان من جنس الأرض، كالرمل، والحجر. ( الاستذكار لابن عبد البر جـ3 صـ157 ) ( فتاوى ابن تيمية جـ21 صـ364 )

صفة التيمم:

روى الشيخان عن عَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ قال أَجْنَبْتُ فَلَمْ أُصِبْ الْمَاءَ فَأَمَّا أَنْتَ فَلَمْ تُصَلِّ وَأَمَّا أَنَا فَتَمَعَّكْتُ ( تمرغت ) فَصَلَّيْتُ فَذَكَرْتُ لِلنَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِنَّمَا كَانَ يَكْفِيكَ هَكَذَا فَضَرَبَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِكَفَّيْهِ الْأَرْضَ وَنَفَخَ فِيهِمَا ثُمَّ مَسَحَ بِهِمَا وَجْهَهُ وَكَفَّيْهِ. ( البخاري حديث 347 / مسلم حديث 368 )

ما يُباح به التيمم:

التيمم بدل الوضوء والغسل عند عدم الماء فيباح به ما يباح بهما، من الصلاة ومس المصحف والطواف حول الكعبة، وغير ذلك، ولا يشترط لصحة التيمم دخول وقت صلاة الفريضة، فيجوز التيمم قبل وقت الصلاة. ( المغني لابن قدامة جـ1 صـ330 )

نواقض التيمم:

(1) ينقض التيمم كل ما ينقض الوضوء إذا هو بدل عنه.

(2) وجود الماء لمن فقده والقدرة على استعماله لمن عجز عنه، قبل أد يدخل في الصلاة أو أثنائها. وأما إذا فرغ من الصلاة، فقد صحت صلاته ولا إعادة عليه. ( المغني لابن قدامة جـ1 صـ347 ) ( المحلى لابن حزم جـ2 صـ126 )

روى أبو داود عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ خَرَجَ رَجُلَانِ فِي سَفَرٍ فَحَضَرَتْ الصَّلَاةُ وَلَيْسَ مَعَهُمَا مَاءٌ فَتَيَمَّمَا صَعِيدًا طَيِّبًا فَصَلَّيَا ثُمَّ وَجَدَا الْمَاءَ فِي الْوَقْتِ فَأَعَادَ أَحَدُهُمَا الصَّلَاةَ وَالْوُضُوءَ وَلَمْ يُعِدْ الْآخَرُ ثُمَّ أَتَيَا رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَذَكَرَا ذَلِكَ لَهُ فَقَالَ لِلَّذِي لَمْ يُعِدْ أَصَبْتَ السُّنَّةَ وَأَجْزَأَتْكَ صَلَاتُكَ وَقَالَ لِلَّذِي تَوَضَّأَ وَأَعَادَ لَكَ الْأَجْرُ مَرَّتَيْنِ. ( حديث صحيح ) ( صحيح أبي داود للألباني حديث 327 )

حُكم من كان عنده ماء ولكن لا يكفي لغسل كل الأعضاء:

وجب عليه أن يستعمل الماء الموجود فيما يكفي من الأعضاء ويتمم لما بقي لقوله تعالى: (فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ ) ( التغابن: 16 ). ( المحلى لابن حزم جـ2 صـ137 ) ( فتاوى اللجنة الدائمة جـ5 صـ337: صـ338 ) ( المغني لابن قدامة جـ1 صـ337 )

روى الشيخان عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ دَعُونِي مَا تَرَكْتُكُمْ إِنَّمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ بِسُؤَالِهِمْ وَاخْتِلَافِهِمْ عَلَى أَنْبِيَائِهِمْ فَإِذَا نَهَيْتُكُمْ عَنْ شَيْءٍ فَاجْتَنِبُوهُ وَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ. ( البخاري حديث 7288 / مسلم حديث 1337 )

حُكم التيمم للجنب إذا خشي خروج الوقت:

من استيقظ وعليه جنابة وجب عليه أن يغتسل ويصلي ولو بعد خروج الوقت، ولذلك لأن النائم يكون وقت الصلاة في حقه هو وقت استيقاظه من النوم. ( مجموع فتاوى ابن تيمية جـ21 صـ469 )

حُكم التيمم بالنسبة للميت:

إذا مات مسلم وعُدم الماء فإننا نيممه، لأن غسله واجب، والتراب طهور إذا عُدم الماء أو عجزنا عن استخدامه. ( المحلى لابن حزم جـ2 صـ158 )

أحكام الحيض والنفاس

تعريف الحيض والنفاس:

الحيض هو: الدم المعروف عند النساء، وليس هناك حد لأقله وأكثره، وإنما يرجع فيه إلى العادة.

النفاس: هو الدم الخارج من المرأة بسبب الولادة، وإن كان المولود سقطاً، ولا حد لأقل النفاس فيتحقق بلحظة، فإذا ولدت وانقطع دمها عقب الولادة، أو وضعت بلا دم لزمها ما يلزم الطاهرات من الصلاة والصوم وغيرهما، وأما أكثره فأربعون يوماً.

روى أبو داود عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ كَانَتْ النُّفَسَاءُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- تَقْعُدُ بَعْدَ نِفَاسِهَا أَرْبَعِينَ يَوْمًا أَوْ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً وَكُنَّا نَطْلِي عَلَى وُجُوهِنَا الْوَرْسَ تَعْنِي مِنْ الْكَلَفِ.

( حديث حسن ) ( صحيح أبي داود للألباني حديث 304 ) ( المغني لابن قدامة جـ1 صـ427: صـ429 )

وإذا رأت المرأة الطُّهْرَ قبل الأربعين، اغتسلت ولزمها ما يلزم الطاهرات من العبادات.

أمور تحرم على الحائض والنفساء:

الصلاة والصيام والطواف حول الكعبة، والمكث في المسجد، والجماع، وحمل المصحف، وكذلك قراءة القرآن عن ظهر قلب إلا في حالات الضرورة كأن تكون معلمة او طالبة عند الاختبار أو تخشى نسيانه. ( المغني لابن قدامة جـ1 صـ199: صـ201 ) ( فتاوى اللجنة الدائمة جـ4 صـ74: صـ75 ) ( فتاوى ابن عثيمين جـ4 صـ273 )

روى البخاري عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِذَا أَقْبَلَتْ الْحَيْضَةُ فَدَعِي الصَّلَاةَ وَإِذَا أَدْبَرَتْ فَاغْسِلِي عَنْكِ الدَّمَ وَصَلِّي. (البخاري حديث 228 )

روى الشيخان عَنْ مُعَاذَةَ قَالَتْ سَأَلْتُ عَائِشَةَ فَقُلْتُ مَا بَالُ الْحَائِضِ تَقْضِي الصَّوْمَ وَلَا تَقْضِي الصَّلَاةَ فَقَالَتْ أَحَرُورِيَّةٌ أَنْتِ قُلْتُ لَسْتُ بِحَرُورِيَّةٍ وَلَكِنِّي أَسْأَلُ قَالَتْ كَانَ يُصِيبُنَا ذَلِكَ فَنُؤْمَرُ بِقَضَاءِ الصَّوْمِ وَلَا نُؤْمَرُ بِقَضَاءِ الصَّلَاةِ. (البخاري حديث 335 / مسلم حديث 321 )

وقال سبحانه: (وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ ) ( البقرة: 222 )

وقال تعالى عن القرآن: (لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ ) ( الواقعة: 79 )

حُكم جماع الزوجة الحائض:

يحرم على الزوج أن يجامع زوجته في مدة الحيض أو النفاس، وله أن يستمتع بما شاء من جسدها، فإن جامعها، وجبت عليه التوبة والاستغفار، ووجبت عليه كذلك التصدق بمبلغ من المال قيمته جرامان وربع من الذهب كفارة لهذا الفعل الحرام، ويجب هذا على الزوجة أيضاً إذا كانت راضية عن ذلك، وأما إنذا كان زوجها قد أجبرها، فلا شيء عليها. (فتاوى اللجنة الدائمة جـ19 صـ274 )

روى أبو داودَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي الَّذِي يَأْتِي امْرَأَتَهُ وَهِيَ حَائِضٌ قَالَ يَتَصَدَّقُ بِدِينَارٍ أَوْ نِصْفِ دِينَارٍ. ( حديث صحيح ) ( صحيح أبي داود للألباني حديث 237 )

أحكام الاستحاضة

الاستحاضة: دم يخرج من المرأة في غير أوقات الحيض أو النفاس أو منفصلاً بهما،

 والمرأة المستحاضة لها ثلاثة أحوال:

(1) أن تكون مدة الحيض معروفة لها قبل الاستحاضة، وفي هذه الحالة تعتبر هذه المدة المعلومة لها هي مدة الحيض، والباقي استحاضة.

(2) أن تكون للمرأة القدرة على أن تميز بين دم الحيض ودم الاستحاضة، فدم الحيض أسود، وذو رائحة كريهة، وأما دم الاستحاضة فلونه أحمر، فإذا رأت الدم الأسود فهو وقت الحيض والباقي استحاضة.

(3) أن يستمر الدم بالمرأة ولم يكن لها أيام حيض معروفة أو نسيت عادتها أو قد بلغت وهي مستحاضة أو لا تستطيع أن تيمز بين دم الحيض ودم الاستحاضة.

وفي هذه الحالة تكون فترة حيضها ستة أيام أو سبعة أيام حسب عادة أغلب النساء، وتبدأ هذه المدة عند أول رؤيتها للدم.

المرأة المستحاضة لا يحرم علها الأمور التي تحرم عليها في مدة الحيض، فتفعل كل ما يفعله الطاهرات، إلا أنها تتحفظ من نزول الدم وتتوضأ بعد دخول وقت كل صلاة فريضة.

( نيل الأوطار للشوكاني جـ1 صـ322: صـ328 ) ( فتاوى دار الإفتاء المصرية جـ8 صـ2723: صـ2725 ) ( فتاوى ابن تيمية جـ21 صـ22: صـ23 )

عدد المشاهدات 12142