الولاية

2012-04-29

أحمد عبد السلام

صفات الإمام القوام على أهل الإسلام و بعض أحكام  الإمامة العظمى

 تعريف الإمامة أو الولاية

في اللغة:

قال ابن الأثير: وكأن الولاية تشعر بالتدبير والقدرة والفعل، وما لم يجتمع ذلك فيها لم ينطلق عليه اسم الوالي.[1]

قال ابن سيده: ولي الشيء وولي عليه ولاية وولاية، وقيل: الولاية الخطة كالإمارة، والولاية المصدر.[2]

قال مرتضى الزبيدي:

  {الوَلِيُّ) الَّذِي يَلِيَ عَلَيك أَمْرَكَ.[3]

 وتقول: فلان وَلِيَ ووُلِيَ عليه، كما يقال: ساسَ وسيسَ عليه. ووَلاّهُ الأمير عملَ كذا، وتَوَلَّى العملَ، أي تقلّد. [4]

قال ابن منظور

قال ابن السكيت: الولاية، بالكسر، السلطان، والولاية والولاية النصرة. يقال: هم علي ولاية [ولاية] أي مجتمعون في النصرة[5]

فى الاصطلاح:

الْإِمَامَة: مَوْضُوعَةٌ لِخِلَافَةِ النُّبُوَّةِ فِي حِرَاسَةِ الدِّينِ وَسِيَاسَةِ الدُّنْيَا،[6]

قال النووى:

 والخلافة وإمارة المؤمنين مترادفة، والمراد بها الرياسة العامة في شئون الدين والدنيا.[7]

قال ابن تيمية:  . فَالْمَقْصُودُ الْوَاجِبُ بِالْوِلَايَاتِ: إصْلَاحُ دِينِ الْخَلْقِ الذيِ مَتَى فَاتَهُمْ خَسِرُوا خُسْرَانًا مُبِينًا، وَلَمْ يَنْفَعْهُمْ مَا نَعِمُوا بِهِ فِي الدُّنْيَا؛ وَإِصْلَاحُ مَا لَا يَقُومُ الدِّينُ إلَّا بِهِ مِنْ أَمْرِ دُنْيَاهُمْ. وَهُوَ نَوْعَانِ: قَسْمُ الْمَالِ بَيْنَ مُسْتَحِقِّيهِ؛ وعقوبات المعتدين، فَمَنْ لَمْ يَعْتَدِ أَصْلَحَ لَهُ دِينَهُ وَدُنْيَاهُ  [8]

قال أبو المعالى الجوينى :

 الْإِمَامَةُ رِيَاسَةٌ تَامَّةٌ، وَزَعَامَةٌ عَامَّةٌ، تَتَعَلَّقُ بِالْخَاصَّةِ وَالْعَامَّةِ، فِي مُهِمَّاتِ الدِّينِ وَالدُّنْيَا. مُهِمَّتُهَا حِفْظُ الْحَوْزَةِ، وَرِعَايَةُ الرَّعِيَّةِ، وَإِقَامَةُ الدَّعْوَةِ بِالْحُجَّةِ وَالسَّيْفِ، وَكَفُّ الْخَيْفِ وَالْحَيْفِ، وَالِانْتِصَافُ لِلْمَظْلُومِينَ مِنَ الظَّالِمِينَ، وَاسْتِيفَاءُ الْحُقُوقِ مِنَ الْمُمْتَنِعِينَ، وَإِيفَاؤُهَا عَلَى الْمُسْتَحِقِّينَ.[9]


 قال الخيربيتي:1/111

اعْلَم أَن الإِمَام اسْم لمن اؤتم بِهِ، وَالْمرَاد مِنْهُ: الْخلَافَة، وَهِي: رياسة عَامَّة فِي الدّين وَالدُّنْيَا، لَا عَن دَعْوَى النُّبُوَّة، فَيخرج النُّبُوَّة وَالْقَضَاء  

وبعضهم عرفها بأنها:

(سلطة شرعية لشخص في إدارة شأن من الشؤون، وتنفيذ إرادته فيه على الغير من فرد أو جماعة)[10]

وتنقسم الولايات إلى:

1- ولاية عامة وهي المقصودة في هذا البحث

2-وولاية خاصة ويمكن حصرها في ولاية الحضانة وولاية على النفس وولاية على المال وهذا النوع لا يدخل في هذا البحث.

أما الولاية العامة فإنها تتمثل فيما يقوم به الإمام أو نائبه من التصرفات

وتنبثق عنها ولايات عامة متعددة، وعلى هذا تكون أنواع الولاية العامة هي:

1- الإمامة العظمى.

2- الوزارة (سواء أكانت وزارة تفويض أو تنفيذ) .

3- الإمارة على البلدان (بنوعيها: العام، والخاص) .

4- الإمارة على الجهاد (إمارة على سياسة الجيش والجند، أو إمارة على

جميع أحكام الجهاد) .

5- الولاية على حروب المصالح (قتال أهل الردة والبغي والمحاربين).

6- ولاية القضاء.

7- ولاية المظالم.

8- ولاية النقابة على ذوي الأنساب.

9- الولاية على إمامة الصلوات.

10- الولاية على الحج.

11- ولاية الصدقات.

12- ولاية الفيء.

13- ولاية الجزية والخراج.

14- ولاية الحسبة.[11]

ودرج على هذا التقسيم أغلب من صنف في السياسة الشرعية .

 

هل نصب الإمام فرض على الناس؟

قال ابن حزم: واتَّفقُوا على أَن الْإِمَامَة فرض وَأَنه لابد من إِمَام حاشا النجدات من الْخَوَارِج.

قال النووى:   

وأجمعوا على أنه يجب على المسلمين نصب خليفة ووجوبه بالشرع لا بالعقل وأما ما حكي عن الأصم أنه قال لا يجب وعن غيره أنه يجب بالعقل لا بالشرع فباطلان أما الأصم فمحجوج بإجماع من قبله ولا حجة له في بقاء الصحابة بلا خليفة في مدة التشاور يوم السقيفة وأيام الشورى بعد وفاة عمر رضي الله عنه لأنهم لم يكونوا تاركين لنصب الخليفة بل كانوا ساعين في النظر في أمر من يعقد له وأما القائل الآخر ففساد قوله ظاهر لأن العقل لا يوجب شيئا ولا يحسنه ولا يقبحه وإنما يقع ذلك بحسب العادة لا بذاته وفي هذا الحديث دليل أن النبي صلى الله عليه وسلم لم ينص على خليفة.[12]

قال الذهبي:

. اتفق أهل السنة والمعتزلة والمرجئة والخوارج والشيعة على وجوب الإمامة وأن الأمة فرض عليها الانقياد إلى إمام عدل، حاشا النجدية من الخوارج فقالوا لا تلزم الإمامة وإنما على الناس أن يتعاطوا الحق فيما بينهم، وهذا قول ساقط.[13]

قال الرملي:

وهي فرض كفاية كالقضاء[14]

 

قال أبوالحسن الاشعرى:       

   هل الإمامة واجبة؟ 

اختلفوا في وجوب الإمامة:

فقال الناس كلهم إلا الأصم: لا بد من إمام.

وقال الأصم: لو تكاف الناس عن التظالم لاستغنوا عن الإمام.

قال أبو المعالي:

  فَالَّذِي صَارَ إِلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَئِمَّةِ أَنَّ وُجُوبَ النَّصْبِ مُسْتَفَادٌ مِنَ الشَّرْعِ الْمَنْقُولِ، غَيْرُ مُتَلَقًّى مِنْ قَضَايَا الْعُقُولِ.

 وَذَهَبَتْ شِرْذِمَةٌ مِنَ الرَّوَافِضِ إِلَى أَنَّ الْعَقْلَ يُفِيدُ النَّاظِرَ الْعِلْمَ بِوُجُوبِ نَصْبِ الْإِمَامِ.[15]

قال :محمد رشيد رضا:  

أجمع سلف الْأمة، وَأهل السّنة، وَجُمْهُور الطوائف الْأُخْرَى على أَن نصب الإِمَام - أَي تَوليته على الْأمة - وَاجِب على الْمُسلمين شرعا لَا عقلا فَقَط كَمَا قَالَ بعض الْمُعْتَزلَة،[16]

فلابد للناس من إمام حتى تنتظم أحوالهم وكل شئون حياتهم

كما قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-: لَا بُدَّ لِلنَّاسِ مِنْ إمَارَةٍ: بَرَّةً كَانَتْ أَوْ فَاجِرَةً. فَقِيلَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ هَذِهِ الْبَرَّةُ قَدْ عَرَفْنَاهَا. فَمَا بَالُ الْفَاجِرَةِ؛ فَقَالَ: يُقَامُ بِهَا الْحُدُودُ، وَتَأْمَنُ بِهَا السُّبُلُ، وَيُجَاهَدُ بِهَا الْعَدُوُّ، وَيُقْسَمُ بِهَا الْفَيْءُ.[17]  

قال الجو يني: غياث الأمم في التياث الظلم (ص: 23)

وَلَوْ تُرِكَ النَّاسُ فَوْضَى لَا يَجْمَعُهُمْ عَلَى الْحَقِّ جَامِعٌ، وَلَا يَزْعُهُمْ وَازِعٌ، وَلَا يَرْدَعُهُمْ عَنِ اتِّبَاعِ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ رَادِعٌ، مَعَ تَفَنُّنِ الْآرَاءِ،وَتُفَرِّقِ الْأَهْوَاءِ لَانْتَثَرَ النِّظَامُ، وَهَلَكَ الْعِظَامُ، وَتَوَثَّبَتِ الطَّغَامُ وَالْعَوَامُّ، وَتَحَزَّبَتِ الْآرَاءُ الْمُتَنَاقِضَةُ، وَتَفَرَّقَتِ الْإِرَادَاتُ الْمُتَعَارِضَةُ، وَمَلَكَ الْأَرْذَلُونَ سَرَاةَ النَّاسِ، وَفُضَّتِ الْمَجَامِعُ، وَاتَّسَعَ الْخَرْقُ عَلَى الرَّاقِعِ، وَفَشَتِ الْخُصُومَاتُ، وَاسْتَحْوَذَ عَلَى أَهْلِ الدِّينِ ذَوُو الْعَرَامَاتِ، وَتَبَدَّدَتِ الْجَمَاعَاتُ، وَلَا حَاجَةَ إِلَى الْإِطْنَابِ بَعْدَ حُصُولِ الْبَيَانِ، وَمَا يَزَعُ اللَّهُ بِالسُّلْطَانِ أَكْثَرُ مِمَّا يَزَعُ بِالْقُرْآنِ.

قال محمد بن علي القلعي الشافعي:

لَو لم يكن للنَّاس  إِمَام مُطَاع لانثلم شرف الْإِسْلَام وَضاع لَو لم يكن للْأمة إِمَام قاهر لتعطلت المحاريب والمناظر وانقطعت السبل للوارد والصادر لَو خلا عصر من إِمَام لتعطلت فِيهِ الْأَحْكَام وضاعت الْأَيْتَام وَلم يحجّ الْبَيْت الْحَرَام لَوْلَا الْأَئِمَّة والقضاة والسلاطين والولاة لما نكحت الْأَيَامَى وَلَا كفلت الْيَتَامَى لَوْلَا السُّلْطَان لكَانَتْ النَّاس فوضى ولأكل بَعضهم بَعْضًا.

وَقَالَ عُثْمَان رَضِي الله عَنهُ: مَا يَزع الله بالسلطان أَكثر مِمَّا يَزع بِالْقُرْآنِ. وَمعنى يَزع أَي يمْنَع ويكف ويردع

  وَقَالَ عَمْرو بن الْعَاصِ: إِمَام عَادل خير من مطر وابل وَأسد حطوم خير من سُلْطَان غشوم وسلطان غشوم خير من فتْنَة تدوم

وَقَالَ كَعْب الْأَحْبَار: مثل الْإِسْلَام وَالسُّلْطَان مثل عَمُود وفسطاط فالفسطاط الْإِسْلَام والعمود السُّلْطَان والأوتاد النَّاس وَلَا يصلح بَعضهم إِلَّا بِبَعْض

كما قال الأفوه الأودي:

(لَا يصلح النَّاس فوضى لَا سراة لَهُم ... وَلَا سراة إِذا جهالهم سادوا)

(كالبيت لَا يبتنى إِلَّا لَهُ عمد ... وَلَا عَمُود إِذا لم ترسى أوتاد)

(فَإِن تجمع أوتاد وأعمدة ... وَسَاكن بلغُوا الْأَمر الَّذِي كَادُوا)

وَقَالَ ابْن المعتز: فَسَاد الرّعية بِلَا ملك كفساد الْجِسْم بِلَا روح.

  تهذيب الرياسة وترتيب السياسة (ص: 94)

قال النعماني:

واعلم: أنَّ جوْرَ السُّلطان عام واحِدٌ أقَلُّ أذاه كونُ النَّاسِ فَوْضَى لحظَةً واحدة. اللباب في علوم الكتاب (7/ 539)

وما أحسن قول عبد الله بن المبارك- رحمه الله تعالى

الله يدفع بالسّلطان معضلة ... عن ديننا وبه إصلاح دنيانا

لولا الأئمّة لم تأمن لنا سبل ... وكان أضعفنا نهبا لأقوانا.[18]


الأدلة على وجوب نصب الامام:

(الأول)وردت نصوص في الشرع تدل على وجوب نصب الأئمة وإليك بعض هذه الأدلة :

أولاً من القرآن:

قال تعالى" وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ " البقرة (30)

قال القرطبي:

هَذِهِ الْآيَةُ أَصْلٌ فِي نَصْبِ إِمَامٍ وَخَلِيفَةٍ يُسْمَعُ لَهُ وَيُطَاعُ، لِتَجْتَمِعَ بِهِ الْكَلِمَةُ، وَتَنْفُذُ بِهِ أَحْكَامُ الْخَلِيفَةِ. وَلَا خِلَافَ فِي وُجُوبِ ذَلِكَ بَيْنَ الْأُمَّةِ وَلَا بَيْنَ الْأَئِمَّةِ إِلَّا مَا رُوِيَ عَنِ الْأَصَمِّ  حَيْثُ كَانَ عَنِ الشَّرِيعَةِ أَصَمَّ. تفسير القرطبي (1/ 264)

قال الشنقيطي:مِنَ الْوَاضِحِ الْمَعْلُومِ مِنْ ضَرُورَةِ الدِّينِ أَنَّ الْمُسْلِمِينَ يَجِبُ عَلَيْهِمْ نَصْبُ إِمَامٍ تَجْتَمِعُ بِهِ الْكَلِمَةُ، وَتُنَفَّذُ بِهِ أَحْكَامُ اللَّهِ فِي أَرْضِهِ، وَلَمْ يُخَالِفْ فِي هَذَا إِلَّا مَنْ لَا يُعْتَدُّ بِهِ كَأَبِي بَكْرٍ الْأَصَمِّ الْمُعْتَزِلِيِّ، الَّذِي تَقَدَّمَ فِي كَلَامِ الْقُرْطُبِيِّ، وَكَضِرَارٍ وَهِشَامٍ الْفُوَطِيِّ وَنَحْوِهِمْ. أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن (1/ 22)

و قول الله تعالى "يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ" ص (26)

ثانياً من السنة:

قال الشوكاني:[19]

بَابُ وُجُوبِ نَصْبِ وِلَايَةِ الْقَضَاءِ وَالْإِمَارَةِ وَغَيْرِهِمَا

ثم ساق تحت هذا الباب حديث عَنْ أَبِي سَعِيدٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «إذَا خَرَجَ ثَلَاثَةٌ فِي سَفَرٍ فَلْيُؤَمِّرُوا عَلَيْهِمْ أَحَدَهُمْ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد.صححه الألباني.

ثم قال رحمه الله: وَفِي ذَلِكَ دَلِيلٌ لِقَوْلِ مَنْ قَالَ: إنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ نَصْبُ الْأَئِمَّةِ وَالْوُلَاةِ وَالْحُكَّامِ.نيل الأوطار (8/294)

ووردت أحاديث في الصحيحين تدل على لزوم بيعة الإمام وطاعته في المعروف وتحريم الخروج عليه ولو جار أو ظلم وكل ذلك يدل أولاً على وجوب نصبه.

أخرج مسلم في صحيحه بإسناده(1851)   عن نافع، قال: جاء عبد الله بن عمر إلى عبد الله بن مطيع حين كان من أمر الحرة ما كان، زمن يزيد بن معاوية، فقال: اطرحوا لأبي عبد الرحمن وسادة، فقال: إني لم آتك لأجلس، أتيتك لأحدثك حديثا سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقوله: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «من خلع يداً من طاعة، لقي الله يوم القيامة لا حجة له، ومن مات وليس في عنقه بيعة، مات ميتة جاهلية»

وأخرج البخاري( 7053)  عن ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: «من كره من أميره شيئا فليصبر، فإنه من   خرج من السلطان شبرا مات ميتة جاهلية»

وأخرج البخاري أيضا (7143)

عن ابن عباس يرويه، قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «من رأى من أميره شيئا فكرهه فليصبر، فإنه ليس أحد يفارق الجماعة شبرا فيموت، إلا مات ميتة جاهلية»

وروى مسلم من حديث

 أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «من خرج من الطاعة، وفارق الجماعة فمات، مات ميتة جاهلية، ومن قاتل تحت راية عمية يغضب لعصبة، أو يدعو إلى عصبة، أو ينصر عصبة، فقتل، فقتلة جاهلية، ومن خرج على أمتي، يضرب برها وفاجرها، ولا يتحاشى من مؤمنها، ولا يفي لذي عهد عهده، فليس مني ولست منه»حديث رقم (1848)

وفى صحيح مسلم من حديث حذيفة  قلت: يا رسول الله، فما ترى إن أدركني ذلك؟ قال: «تلزم جماعة المسلمين وإمامهم»مسلم برقم (1847)

وعند مسلم من حديث عرفجة، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول: «من أتاكم وأمركم جميع على رجل واحد، يريد أن يشق عصاكم، أو يفرق جماعتكم، فاقتلوه»(1852)

وقال البخاري في صحيحه: باب قول الله تعالى و {أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم} [النساء: 59]ثم ساق تحت هذا الباب  حديثين يدلان بمفهومهما وربما بلفظهما على وجوب نصب الإمام

 منها حديث أبى هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: «من أطاعني فقد أطاع الله، ومن عصاني فقد عصى الله، ومن أطاع أميري فقد أطاعني، ومن عصى أميري فقد عصاني»(خ 7137)

وحديث  عبد الله بن عمر، رضي الله عنهما: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: «ألا كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته، فالإمام الذي على الناس راع وهو مسئول عن رعيته، والرجل راع على أهل بيته، وهو مسئول عن رعيته، والمرأة راعية على أهل بيت زوجها، وولده وهي مسئولة عنهم، وعبد الرجل راع على مال سيده وهو مسئول عنه، ألا فكلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته»(خ 7138)

(الثاني) الْإِجْمَاع و المُرَاد إِجْمَاع الصَّحَابَة حَتَّى قدموه على دفن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم

وقد تقدم نقل الإجماع  قريبا عن غير واحد من السلف فيما يغنى عن إعادته مرة أخرى.

(الثَّالث) أَنه لَا يتم إِلَّا بِهِ مَا وَجب من إِقَامَة الْحُدُود وسد الثغور وَنَحْو ذَلِك مِمَّا يتَعَلَّق بِحِفْظ النظام

وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب.

قال سراج الدين النعماني في تفسير قول الله " وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِنَ اللَّهِ

وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ " المائدة :38

احْتَجُّوا بهذه الآيةِ على أنَّهُ يجبُ على الأمَّة أن يُنَصِّبوا لأنفسهم إماماً مُعَيَّناً، لأنَّهُ تعالى أوْجبَ بهذه الآيَة إقامَةَ

الحدِّ على السُّرَّاق والزُّنَاةِ فلا بُدَّ مِنْ شَخْصٍ يكُونُ مُخَاطَباً بهذا الخطابِ، وأجْمعتِ الأمةُ على أنَّه ليسَ لآحادِ

الرعيَّةِ إقامةُ الحدودِ على الأحْرارِ الجُنَاةِ إلاَّ الإمامَ، فلمَّا كان هذا تَكْلِيفاً جازِماً، ولا يمكنُ الخروجُ مِنْ عُهْدَتِه،

 إلا بِوُجودِ وجبَ نَصْبُهُ؛ لأنَّ ما لا يَأتي الواجبُ إلا به، وكانَ مقدوراً للمُكلَّفِ فهو واجبٌ.[20]

قال ابن تيمية : يجب أن يعرف أن ولاية أمر النَّاسِ مِنْ أَعْظَمِ وَاجِبَاتِ الدِّينِ بَلْ لَا قيام للدين ولا للدنيا إلَّا بِهَا. فَإِنَّ بَنِي آدَمَ لَا تَتِمُّ مَصْلَحَتُهُمْ إلَّا بِالِاجْتِمَاعِ لِحَاجَةِ بَعْضِهِمْ إلَى بَعْضٍ، وَلَا بُدَّ لَهُمْ عِنْدَ الِاجْتِمَاعِ مِنْ رَأْسٍ حَتَّى قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إذَا خَرَجَ ثَلَاثَةٌ فِي سَفَرٍ فَلْيُؤَمِّرُوا أَحَدَهُمْ» . رَوَاهُ أَبُو دَاوُد، مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ.

وَرَوَى الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِي الْمُسْنَدِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لَا يَحِلُّ لِثَلَاثَةٍ يَكُونُونَ بِفَلَاةٍ مِنْ الْأَرْضِ إلَّا أَمَّرُوا عَلَيْهِمْ أَحَدَهُمْ» . فَأَوْجَبَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَأْمِيرَ الْوَاحِدِ فِي الِاجْتِمَاعِ القليل العارض في السفر، تنبيها بذلك عَلَى سَائِرِ أَنْوَاعِ الِاجْتِمَاعِ. وَلِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَوْجَبَ الْأَمْرَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيَ عَنْ الْمُنْكَرِ، وَلَا يَتِمُّ ذَلِكَ إلَّا بِقُوَّةٍ وَإِمَارَةٍ. وَكَذَلِكَ سَائِرُ مَا أَوْجَبَهُ مِنْ الْجِهَادِ وَالْعَدْلِ وَإِقَامَةِ الْحَجِّ وَالْجُمَعِ وَالْأَعْيَادِ وَنَصْرِ الْمَظْلُومِ. وَإِقَامَةِ الْحُدُودِ لَا تَتِمُّ إلَّا بِالْقُوَّةِ وَالْإِمَارَةِ. [21]

(الرابع) أَن فِيهِ جلب مَنَافِع وَدفع مضار لَا تحصى وَذَلِكَ وَاجِب إِجْمَاعًا .

قال ابن خلدون :

 ثمّ إنّ نصب الإمام واجب قد عرف وجوبه في الشّرع بإجماع الصّحابة والتّابعين لأنّ أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عند وفاته بادروا إلى بيعة أبي بكر رضي الله عنه وتسليم النّظر إليه في أمورهم وكذا في كلّ عصر من بعد ذلك ولم تترك النّاس فوضى في عصر من الأعصار واستقرّ ذلك إجماعا دالا على وجوب نصب الإمام.[22]

قال الخيربيتي

لَا بُد للنَّاس من نصب إِمَام يقوم بمصالحهم، من إنصاف الْمَظْلُوم من الظَّالِم، وتنفيذ الْأَحْكَام، وتزويج الْأَيْتَام، وَقطع الْمُنَازعَة بَين الْأَنَام، وَإِقَامَة الأعياد وَالْجمع وَالْحُدُود، وَأخذ العشور وَالزَّكَاة وَالصَّدقَات، وصرفها إِلَى مصارفها بِمُوجب الشَّرْع، وقهر المتغلبة والمتلصصة وقطاع الطَّرِيق، وَقبُول الشَّهَادَات الْقَائِمَة على الْحُقُوق، وَإِقَامَة السياسة على الْعَوام، والحراسة لبيضة الْإِسْلَام، وتجهيز جيوشهم، وتقسيم غنائمهم، وَحفظ أَمْوَال بَيت المَال، وأموال الْغَانِمين، وأموال الْيَتَامَى، وَإِقَامَة هَذِه الْأُمُور وَاجِبَة، وَمَا لَا يُمكن إِقَامَة الْوَاجِب إِلَّا بِهِ يكون وَاجِبا. [23]

قال ابن جماعة:

وَيجب نصب إِمَام بحراسة الدّين، وسياسة أُمُور الْمُسلمين، وكف أَيدي الْمُعْتَدِينَ، وإنصاف المظلومين من الظَّالِمين، وَيَأْخُذ الْحُقُوق من مواقعها، ويضعها جمعا وصرفاً فِي موَاضعهَا، فَإِن بذلك صَلَاح الْبِلَاد وَأمن الْعباد، وَقطع مواد الْفساد، لِأَن الْخلق لَا تصلح أَحْوَالهم إِلَّا بسُلْطَان يقوم بسياستهم، ويتجرد لحراستهم. [24]

طرق تولي الإمامة

وَتَنْعَقِدُ الْإِمَامَةُ بِثَلَاثَةِ طُرُقٍ: الْأُولَى بِبَيْعَةِ أَهْلِ الْحَلِّ وَالْعَقْدِ مِنْ الْعُلَمَاءِ، وَوُجُوهِ النَّاسِ الْمُتَيَسِّرِ اجْتِمَاعُهُمْ فَلَا يُعْتَبَرُ فِيهَا عَدَدٌ وَيُعْتَبَرُ اتِّصَافُ الْمُبَايِعِ بِصِفَةِ الشُّهُودِ.

 وَالثَّانِيَةُ: بِاسْتِخْلَافِ الْإِمَامِ من عينه فِي حَيَاتِهِ كَمَا عَهِدَ أَبُو بَكْرٍ لِعُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أو أن يجعل  الْأَمْرَ فِي الْخِلَافَةِ تَشَاوُرًا بَيْنَ جَمْعٍ، كَمَا جَعَلَ عُمَرُ الْأَمْرَ شُورَى بَيْنَ سِتَّةٍ عَلِيٍّ وَالزُّبَيْرِ، وَعُثْمَانَ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، وَسَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ وَطَلْحَةَ فَاتَّفَقُوا عَلَى عُثْمَانَ.

 وَالثَّالِثَةُ : بِاسْتِيلَاءِ شَخْصٍ مُتَغَلِّبٍ عَلَى الْإِمَامَةِ وَلَوْ غَيْرَ أَهْلٍ لَهَا.

 وفي المجموع شرح المهذب(19/ 192) :

فإن الإمامة لا نتعقد إلا بأن يستخلفه الإمام الذي كان قبله.

 أو بأن لم يكن هناك إمام فيقهر الناس بالغلبة والصولة.

 أو بأن تنعقد له الإمامة باختيار أهل الحل والعقد له.

وإليك تفصيل هذه الطرق وكيف تتم؟

الطَّرِيق الأول : بيعَة أهل العقد والحل

قال ابن جماعة :

 الطَّرِيق الأول : بيعَة أهل العقد والحل: من الْأُمَرَاء وَالْعُلَمَاء، والرؤساء، ووجوه النَّاس الَّذِي يَتَيَسَّر حضورهم بِبَلَد الإِمَام عِنْد الْبيعَة، كبيعة أبي بكر رَضِي الله عَنهُ يَوْم السَّقِيفَة.

كيفية مبايعة الإمام

لقد أجمع المسلمون ما عدا الشيعة الإمامية على أن تعيين الخليفة يتم بالبيعة، أي الاختيار والاتفاق بين الأمة وشخص الخليفة، فهي عقد حقيقي من العقود التي تتم بإرادتين على أساس الرضا.

قال الماوردي:

فَإِذَا اجْتَمَعَ أَهْلُ الْعَقْدِ وَالْحَلِّ لِلِاخْتِيَارِ تَصَفَّحُوا أَحْوَالَ أَهْلِ الْإِمَامَةِ الْمَوْجُودَةِ فِيهِمْ شُرُوطُهَا، فَقَدَّمُوا لِلْبَيْعَةِ مِنْهُمْ أَكْثَرَهُمْ فَضْلًا وَأَكْمَلَهُمْ شُرُوطًا، وَمَنْ يُسْرِعُ النَّاسُ إلَى طَاعَتِهِ، وَلَا يَتَوَقَّفُونَ عَنْ بَيْعَتِهِ، فَإِذَا تَعَيَّنَ لَهُمْ مِنْ بَيْنِ الْجَمَاعَةِ مَنْ أَدَّاهُمْ الِاجْتِهَادُ إلَى اخْتِيَارِهِ عَرَضُوهَا عَلَيْهِ، فَإِنْ أَجَابَ إلَيْهَا بَايَعُوهُ عَلَيْهَا، وَانْعَقَدَتْ بِبَيْعَتِهِمْ لَهُ الْإِمَامَة، فَلَزِمَ كَافَّةَ

الْأُمَّةِ الدُّخُولُ فِي بَيْعَتِهِ وَالِانْقِيَادُ لِطَاعَتِهِ، وَإِنِ امْتَنَعَ مِنَ الْإِمَامَةِ وَلَمْ يُجِبْ إلَيْهَا لَمْ يُجْبَرْ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّهَا عَقْدُ مُرَاضَاةٍ وَاخْتِيَارٍ لَا يَدْخُلُهُ إكْرَاهٌ وَلَا إجْبَارٌ، وَعُدِلَ عَنْهُ إلَى مَنْ سِوَاهُ مِنْ مُسْتَحِقِّيهَا.الأحكام السلطانية للماوردي (ص: 25)

وأهل الحل والعقد يمثلون الأمة في اختيارهم الخليفة ، باعتبار أن نصب الإمام من الفروض الكفائية على الأمة بمجموعها.

وَلَا يشْتَرط فِي أهل الْبيعَة عدد مَخْصُوص، بل من تيَسّر حُضُوره عِنْد عقدهَا، وَلَا تتَوَقَّف صِحَّتهَا على مبايعة أهل الْأَمْصَار، بل مَتى بَلغهُمْ لَزِمَهُم الْمُوَافقَة إِذا كَانَ الْمَعْقُود لَهُ أَهلا لَهَا. تحرير الأحكام في تدبير أهل الإسلام (ص: 52)

فأهل الحل والعقد هم : العلماء المختصون (أي المجتهدون) والرؤساء ووجوه الناس الذين يقومون باختيار الإمام نيابة عن الأمة.

  وهم الطليعة الواعية والفئة المستنيرة من أهل الاجتهاد من الأمة هم الجديرون باختيار الإمام لأنهم سيحملون وزره إذا لم يتحروا في اختياره الصواب، وسيكونون شركاءه في مآثمه ومظالمه. المجموع شرح المهذب (19/ 193)

ما هي الصفات التي ينبغي أن تتوفر في أهل الحل والعقد؟

أولاً ـ العدالة الجامعة لشروطها. والعدالة: هي ملكة تحمل صاحبها على ملازمة التقوى والمروءة، والمراد بالتقوى: امتثال المأمورات الشرعية، واجتناب المنهيات الشرعية.

ثانياً ـ العلم الذي يتوصل به إلى معرفة من يستحق الإمامة على الشروط المعتبرة فيها.

ثالثاً ـ الرأي والحكمة المؤديان إلى اختيار من هو للإمامة أصلح، وبتدبير المصالح أقوى وأعرف.الأحكام السلطانية(1/8)مع بعض الزيادات.

رابعا- أن يكون من ذوي الشوكة الذين يتبعهم الناس، ويصدرون عن رأيهم؛ ليحصل بهم مقصود الولاية.غياث الأمم (1/70)

خامسا - الإخلاص والنصيحة للمسلمين.(حجة الله البالغة للدهلوى:738)

فبعد النظر في هذه الشروط  نلاحظ أن مصطلح أهل الحل والعقد في السياسة لا يقتصر على (المجتهدين) الذي يتولون مهمة استنباط الأحكام الشرعية من مصادرها، وإنما يشمل فئات أخرى لها ميزاتها في المجتمع.


هل يدخل في البيعة النساء والعوام  والعبيد وأهل الذمة؟

 قال الجوينى:

فَمَا نَعْلَمُهُ قَطْعًا أَنَّ النِّسْوَةَ لَا مَدْخَلَ لَهُنَّ فِي تَخَيُّرِ الْإِمَامِ وَعَقْدِ الْإِمَامَةِ، فَإِنَّهُنَّ مَا رُوجِعْنَ قَطُّ، وَلَوِ اسْتُشِيرَ فِي هَذَا الْأَمْرِ امْرَأَةٌ ; لَكَانَ أَحْرَى النِّسَاءِ وَأَجْدَرُهُنَّ بِهَذَا الْأَمْرِ فَاطِمَةَ - عَلَيْهَا السَّلَامُ - ثُمَّ نِسْوَةَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ، وَنَحْنُ بِابْتِدَاءِ الْأَذْهَانِ نَعْلَمُ أَنَّهُ مَا كَانَ لَهُنَّ فِي هَذَا الْمَجَالِ مَخَاضٌ فِي مُنْقَرَضِ الْعُصُورِ وَمَكَرِّ الدُّهُورِ.

وَكَذَلِكَ لَا يُنَاطُ هَذَا الْأَمْرُ بِالْعَبِيدِ، وَإِنْ حَوَوْا قَصَبَ السَّبْقِ فِي الْعُلُومِ.

وَلَا تَعَلُّقَ لَهُ بِالْعَوَامِّ الَّذِينَ لَا يُعَدُّونَ مِنَ الْعُلَمَاءِ وَذَوِي الْأَحْلَامِ.

وَلَا مَدْخَلَ لِأَهْلِ الذِّمَّةِ فِي نَصْبِ الْأَئِمَّةِ فَخُرُوجُ هَؤُلَاءِ عَنْ مَنْصِبِ الْحَلِّ وَالْعَقْدِ لَيْسَ بِهِ خَفَاءٌ. غياث الأمم في التياث الظلم (ص: 62)

وعلل لذلك قائلا:

 وَلَوْ لَمْ يَكُنِ الْمُعَيِّنُ الْمُتَخَيِّرُ عَالِمًا بِصِفَاتِ مَنْ يَصْلُحُ لِهَذَا الشَّأْنِ – لَأَوْشَكَ أَنْ يَضَعَهُ فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ، وَيَجُرَّ إِلَى الْمُسْلِمِينَ ضِرَارًا بِسُوءِ اخْتِيَارِهِ ; وَلِهَذَا لَمْ يَدْخُلْ فِي ذَلِكَ الْعَوَامُّ، وَمَنْ لَا يُعَدُّ مِنْ أَهْلِ الْبَصَائِرِ.

وَالنِّسْوَانُ لَازِمَاتٌ خُدُورَهُنَّ، مُفَوِّضَاتٌ أُمُورَهُنَّ إِلَى الرِّجَالِ الْقَوَّامِينَ عَلَيْهِنَّ، لَا يَعْتَدْنَ مُمَارَسَةَ الْأَحْوَالِ، وَلَا يَبْرُزْنَ فِي مُصَادَمَةِ الْخُطُوبِ بُرُوزَ الرِّجَالِ. غياث الأمم في التياث الظلم (ص: 63)

عدد من تنعقد بهم الإمامة من أهل الحل والعقد:

اختلف العلماء في عدد من تنعقد بهم الإمامة من أهل الحل والعقد على مذاهب شتى

 قال الماوردى: فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: لَا تَنْعَقِدُ إلَّا بِجُمْهُورِ أَهْلِ الْعَقْدِ وَالْحَلِّ مِنْ كُلِّ بَلَدٍ؛ لِيَكُونَ الرِّضَاءُ بِهِ عَامًّا وَالتَّسْلِيمُ لِإِمَامَتِهِ إجْمَاعًا،   وَهَذَا مَذْهَبٌ مَدْفُوعٌ بِبَيْعَةِ أَبِي بَكْرٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- عَلَى الْخِلَافَةِ بِاخْتِيَارِ مَنْ حَضَرَهَا وَلَمْ يَنْتَظِرْ بِبَيْعَتِهِ قُدُومَ غَائِبٍ عَنْهَا.

وَقَالَتْ طَائِفَةٌ أُخْرَى: أَقَلُّ مَنْ تَنْعَقِدُ بِهِ مِنْهُمُ الْإِمَامَةُ خَمْسَةٌ يَجْتَمِعُونَ عَلَى عَقْدِهَا، أَوْ يَعْقِدُهَا أَحَدُهُمْ بِرِضَا الْأَرْبَعَةِ اسْتِدْلَالًا بِأَمْرَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: إنَّ بَيْعَةَ أَبِي بَكْرٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- انْعَقَدَتْ بِخَمْسَةٍ اجْتَمَعُوا عَلَيْهَا، ثُمَّ تَابَعَهُمْ النَّاسُ فِيهَا، وَهُمْ: عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَأَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ، وَأُسَيْدُ بْنُ حُضَيْرٍ، وَبِشْرُ بْنُ سَعْدٍ، وَسَالِم مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ.

وَالثَّانِي: عُمَرُ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- جَعَلَ الشُّورَى فِي سِتَّةٍ لِيُعْقَدَ لِأَحَدِهِمْ بِرِضَا الْخَمْسَةِ، وَهَذَا قَوْلُ أَكْثَرِ الْفُقَهَاءِ وَالْمُتَكَلِّمِينَ مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ.

وَقَالَ آخَرُونَ مِنْ عُلَمَاءِ الْكُوفَةِ: تَنْعَقِدُ بِثَلَاثَةٍ يَتَوَلَّاهَا أَحَدُهُمْ بِرِضَا الِاثْنَيْنِ لِيَكُونُوا حَاكِمًا وَشَاهِدَيْنِ، كَمَا يَصِحُّ عَقْدُ النِّكَاحِ بِوَلِيٍّ وَشَاهِدَيْنِ.

وَقَالَتْ طَائِفَةٌ أُخْرَى: تَنْعَقِدُ بِوَاحِدٍ؛ لِأَنَّ الْعَبَّاسَ قَالَ لِعَلِيٍّ -رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمَا: اُمْدُدْ يَدَكَ أُبَايِعْكَ، فَيَقُولُ النَّاسُ: عَمُّ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَايَعَ ابْنَ عَمِّهِ، فَلَا يَخْتَلِفُ عَلَيْكَ اثْنَانِ، وَلِأَنَّهُ حُكْمٌ وَحُكْمُ وَاحِدٍ نَافِذٌ.الأحكام السلطانية(1/9)

والخلاصة:أنه لا دليل من نص أو إجماع على ما قال هؤلاء جميعاً في تحديد العدد، والقضية مجرد اجتهاد، فيعتبر مذهب أهل السنة هو أولى الآراء بالا تباع، وهو أن تحديد العدد فيه تعسف. وينبغي مراعاة مبدأ الاختيار والشورى من الأمة، فإذا عقد البيعة شخص واحد لا تنعقد حتى تتم موافقة الأمة ورضاها.

قال ابن تيمية:  منهاج السنة النبوية (1/ 526)

وَإِنْ كَانَ بَعْضُ أَهْلِ الْكَلَامِ يَقُولُونَ: إِنَّ الْإِمَامَةَ تَنْعَقِدُ بِبَيْعَةِ أَرْبَعَةٍ، كَمَا قَالَ بَعْضُهُمْ: تَنْعَقِدُ بِبَيْعَةِ اثْنَيْنِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: تَنْعَقِدُ بِبَيْعَةِ وَاحِدٍ، فَلَيْسَتْ هَذِهِ أَقْوَالَ أَئِمَّةِ السُّنَّةِ , بَلِ الْإِمَامَةُ عِنْدَهُمْ تَثْبُتُ بِمُوَافَقَةِ أَهْلِ الشَّوْكَةِ عَلَيْهَا، وَلَا يَصِيرُ الرَّجُلُ إِمَامًا حَتَّى يُوَافِقَهُ أَهْلُ الشَّوْكَةِ عَلَيْهَا الَّذِينَ يَحْصُلُ بِطَاعَتِهِمْ لَهُ مَقْصُودُ الْإِمَامَةِ، فَإِنَّ الْمَقْصُودَ مِنَ الْإِمَامَةِ إِنَّمَا يَحْصُلُ بِالْقُدْرَةِ وَالسُّلْطَانِ، فَإِذَا بُويِعَ بَيْعَةً حَصَلَتْ بِهَا الْقُدْرَةُ وَالسُّلْطَانُ صَارَ إِمَامًا.

قال ابن قدامة:

 مَنْ اتَّفَقَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى إمَامَتِهِ وَبَيْعَتِهِ، ثَبَتَتْ إمَامَتُهُ، وَوَجَبَتْ مَعُونَتُهُ. المغني لابن قدامة (8/ 526)

قال الغزالي في بيعة أبي بكر رضي الله عنه: ولو لم يبايعه غير عمر، وبقي كافة الخلق مخالفين أو انقسموا انقساماً متكافئاً لا يتميز فيه غالب عن مغلوب، لما انعقدت الإمامة(الرد على الباطنية 64)

قال أبو يعلى الفراء: فَأَمَّا انْعِقَادُهَا باختيار أهل الحل والعقد فلا تنعقد إلا بجمهور أهل الحل والعقد. قال أحمد في رواية إسحاق بن إبراهيم: " الإمام الذي يجتمع قول أهل الحل والعقد عليه كلهم". يقول: هذا إمام. وظاهر هذا أنها تنعقد بجماعتهم.الأحكام السلطانية(1/23)

وقال ابن تيمية في مبايعة أبي بكر: وَلَوْ قُدِّرَ أَنَّ عُمَرَ وَطَائِفَةً مَعَهُ بَايَعُوهُ، وَامْتَنَعَ سَائِرُ الصَّحَابَةِ عَنِ الْبَيْعَةِ، لَمْ يَصِرْ إِمَامًا بِذَلِكَ، وَإِنَّمَا صَارَ إِمَامًا بِمُبَايَعَةِ جُمْهُورِ الصَّحَابَةِ، الَّذِينَ هُمْ أَهْلُ الْقُدْرَةِ وَالشَّوْكَةِ. وَلِهَذَا لَمْ يَضُرَّ تَخَلُّفُ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لا يَقْدَحُ فِي مَقْصُودِ الْوِلَايَةِ، فَإِنَّ الْمَقْصُودَ حُصُولُ الْقُدْرَةِ وَالسُّلْطَانِ اللَّذَيْنِ بِهِمَا تَحْصُلُ مَصَالِحُ الْإِمَامَةِ، وَذَلِكَ قَدْ حَصَلَ بِمُوَافَقَةِ الْجُمْهُورِ عَلَى ذَلِكَ فَمَنْ قَالَ إِنَّهُ يَصِيرُ إِمَامًا بِمُوَافَقَةِ وَاحِدٍ أَوِ اثْنَيْنِ أَوْ أَرْبَعَةٍ، وَلَيْسُوا هُمْ ذَوِي الْقُدْرَةِ وَالشَّوْكَةِ، فَقَدْ غَلِطَ؛ كَمَا أَنَّ مَنْ ظَنَّ أَنَّ تَخَلُّفَ الْوَاحِدِ أَوِ الِاثْنَيْنِ وَالْعَشَرَةِ يَضُرُّهُ، فَقَدْ غَلِطَ. منهاج السنة النبوية(1/531)

وقال الجويني:

   وَلَا وَجْهَ لِلتَّحَكُّمِ فِي إِثْبَاتِ عَدَدٍ مَخْصُوصٍ، فَإِذَا لَمْ يَقُمْ دَلِيلٌ عَلَى عَدَدٍ لَمْ يَثْبُتِ الْعَدَدُ، وَقَدْ تَحَقَّقْنَا أَنَّ الْإِجْمَاعَ لَيْسَ شَرْطًا، فَانْتَفَى الْإِجْمَاعُ بِالْإِجْمَاعِ، وَبَطَلَ الْعَدَدُ بِانْعِدَامِ الدَّلِيلِ عَلَيْهِ.

فَالْوَجْهُ عِنْدِي فِي ذَلِكَ أَنْ يُعْتَبَرَ فِي الْبَيْعَةِ حُصُولُ مَبْلَغٍ مِنَ الْأَتْبَاعِ وَالْأَنْصَارِ وَالْأَشْيَاعِ، تَحْصُلُ بِهِمْ شَوْكَةٌ ظَاهِرَةٌ، وَمَنْعَةٌ قَاهِرَةٌ، بِحَيْثُ لَوْ فُرِضَ ثَوَرَانُ خِلَافٍ، لَمَا غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ أَنْ يُصْطَلَمَ أَتْبَاعُ الْإِمَامِ، فَإِذَا تَأَكَّدَتِ الْبَيْعَةُ، وَتَأَطَّدَتْ بِالشَّوْكَةِ وَالْعَدَدِ وَالْعُدَدِ، وَاعْتَضَدَتْ، وَتَأَيَّدَتْ بِالْمِنَّةِ، وَاسْتَظْهَرَتْ بِأَسْبَابِ الِاسْتِيلَاءِ وَالِاسْتِعْلَاءِ، فَإِذَا ذَاكَ تَثْبُتُ الْإِمَامَةُ، وَتَسْتَقِرُّ، وَتَتَأَكَّدُ الْوِلَايَةُ وَتَسْتَمِرُّ

0 غياث الأمم في التياث الظلم (ص: 70)

وقد أضاف الشوكاني ضابطا مهما حتى لا يظن البعض أنه لابد أن يبايع الإمام كل من يصلح لذلك ممن ينطبق عليه وصف أهل الحل والعقد وأن طاعة الإمام مقيدة بمن بايع فقط فقال:  

وليس من شرط ثبوت الإمامة أن يبايعه كل من يصلح للمبايعة ولا من شرط الطاعة على الرجل أن يكون من جملة المبايعين فإن هذا الاشتراط في الأمرين مردود بإجماع المسلمين أولهم وآخرهم سابقهم ولاحقهم ولكن التحكم في مسائل الدين وإيقاعها على ما يطابق الرأي المبني على غير أساس يفعل مثل هذا !. السيل الجرار المتدفق على حدائق الأزهار (ص: 941)

 الطَّرِيق الثَّانِي:

اسْتِخْلَاف الإِمَام الَّذِي قبله

 كَمَا اسْتخْلف أَبُو بكر رَضِي الله عَنْهُمَا، وَأَجْمعُوا على صِحَّته.

 ورأى الفقهاء جواز انعقاد الإمامة بولاية العهد أو بالوصية إذا توافرت في ولي العهد شروط الخلافة، وتمت له البيعة من الأمة. فهي إذن بمثابة ترشيح واقتراح من الخليفة السابق.

قال النووي: شرح النووي على مسلم (12/ 205)

وأجمعوا على انعقاد الخلافة بالاستخلاف وعلى انعقادها بعقد أهل الحل والعقد لإنسان إذا لم يستخلف الخليفة .وكذا نقل الإجماع أبو زرعة  العراقي في طرح التثريب في شرح التقريب (8/ 75) .

قال الماوردي:

وَأَمَّا انْعِقَادُ الْإِمَامَةِ بِعَهْدِ مَنْ قَبْلَهُ فَهُوَ مِمَّا انْعَقَدَ الْإِجْمَاعُ عَلَى جَوَازِهِ، وَوَقَعَ الِاتِّفَاقُ عَلَى صِحَّتِهِ؛ لِأَمْرَيْنِ عَمِلَ الْمُسْلِمُونَ بِهِمَا وَلَمْ يَتَنَاكَرُوهُمَا:

أَحَدُهُمَا: إِنَّ أَبَا بَكْرٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- عَهِدَ بِهَا إلَى عُمَرَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- فَأَثْبَتَ الْمُسْلِمُونَ إمَامَتَهُ بِعَهْدِه .

وَالثَّانِي: أَنَّ عُمَرَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- عَهِدَ بِهَا إلَى أَهْلِ الشُّورَى، فَقَبِلَتْ الْجَمَاعَةُ دُخُولَهُمْ فِيهَا، وَهُمْ أَعْيَانُ الْعَصْرِ اعْتِقَادًا لِصِحَّةِ الْعَهْدِ بِهَا. الأحكام السلطانية للماوردي (ص: 30)

والخلاصة: إن اختيار الخليفة يتم أساساً ببيعة أكثر المسلمين العامة، بعد ترشيح أولي النظر والرأي أو أهل الحل والعقد، عملاً بمبدأ الشورى في الإسلام: {وأمرهم شورى بينهم} [الشورى:38] . وأما العهد السابق من الخليفة فلا يعدو أن يكون مجرد ترشيح لا أثر له إذا لم تنضم إليه البيعة.

قال أبو يعلى :

 لأن الإمامة لا تنعقد للمعهود إليه بنفس العهد، وإنما تنعقد بعهد المسلمين. الأحكام السلطانية  (ص: 25)  

. فالعمدة على بيعة أهل الحل والعقد، لا على الاستخلاف والعهد. السياسة الشرعية في الشئون الدستورية والخارجية والمالية (ص: 64)

لذلك لابد لصحة الاستخلاف أن تتوفر فيه شروط وهى :

الأول:أن يكون المعهود إليه مستوفيا للشروط الواجب توافرها في المرشح للخلافة.[25]

الثاني :أن يكون الاستخلاف بعد مشورة أهل الحل والعقد.

الثالث :أن يقبل المعهود إليه تحمل عبء هذه الأمانة وتبعة الخلافة ولا يجبر عليها .

 الرابع:أن يبايع المسلمون المعهود إليه ويرضونه إماما واجب الطاعة .

فإن تخلفت هذه  الشروط أو بعضها لا يصح الاستخلاف.الخلافة الإسلامية (1/366)

قال ابن جماعة:

وَيشْتَرط فِي الْخَلِيفَة الْمُسْتَخْلف والمستخلف بعده: أَن يَكُونَا قد جمعا شُرُوط الْإِمَامَة، وَأَن يقبل ولي الْعَهْد ذَلِك بعد الْعَهْد، وَقبل موت الْمُسْتَخْلف لَهُ، فَإِن رده لم تَنْعَقِد الْبيعَة. تحرير الأحكام في تدبير أهل الإسلام (ص: 55)

قال ابن تيمية : وَأَمَّا عُمَرُ فَإِنَّ أَبَا بَكْرٍ عَهِدَ إِلَيْهِ وَبَايَعَهُ الْمُسْلِمُونَ بَعْدَ مَوْتِ أَبِي بَكْرٍ، فَصَارَ إِمَامًا لَمَّا حَصَلَتْ لَهُ الْقُدْرَةُ وَالسُّلْطَانُ بِمُبَايَعَتِهِمْ لَهُ.منهاج السنة النبوية(1/532)

*فَإِن جعل الإِمَام الْأَمر بعده شُورَى فِي جمَاعَة صَحَّ أَيْضا، ويتفقون على وَاحِد مِنْهُم، كَمَا فعل عمر رَضِي الله عَنهُ بِأَهْل الشورى من الْعشْرَة، وَكَانُوا سِتَّة: عُثْمَان، وَعلي، وَطَلْحَة، وَالزُّبَيْر، وَسعد، وَعبد الرَّحْمَن، وَاتَّفَقُوا على عُثْمَان.

قال النووي: شرح النووي على مسلم (12/ 205)

وأجمعوا على جواز جعل الخليفة الأمر شورى بين جماعة كما فعل عمر بالستة.

قال ابن تيمية: عُثْمَانُ لَمْ يَصِرْ إِمَامًا بِاخْتِيَارِ بَعْضِهِمْ، بَلْ بِمُبَايَعَةِ النَّاسِ لَهُ، وَجَمِيعُ الْمُسْلِمِينَ بَايَعُوا عُثْمَانَ [بْنَ عَفَّانَ] ، وَلَمْ يَتَخَلَّفْ عَنْ بَيْعَتِهِ أَحَدٌ.

قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ : " مَا كَانَ فِي الْقَوْمِ  أَوْكَدُ بَيْعَةً مِنْ عُثْمَانَ كَانَتْ بِإِجْمَاعِهِمْ " فَلَمَّا بَايَعَهُ ذَوُو الشَّوْكَةِ وَالْقُدْرَةِ صَارَ إِمَامًا، وَإِلَّا فَلَوْ قُدِّرَ أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بَايَعَهُ، وَلَمْ يُبَايِعْهُ عَلِيٌّ وَلَا غَيْرُهُ مِنَ الصَّحَابَةِ أَهْلِ الشَّوْكَةِ لَمْ يَصِرْ إِمَامًا.منهاج السنة النبوية (1/532)

 الطَّرِيق الثَّالِث: الْبيعَة القهرية

وهُوَ قهر صَاحب الشَّوْكَة، فَإِذا خلا الْوَقْت عَن إِمَام فتصدى لَهَا من هُوَ من أَهلهَا، وقهر النَّاس بشوكته وَجُنُوده بِغَيْر بيعَة أَو اسْتِخْلَاف، انْعَقَدت بيعَته، ولزمت طَاعَته، لينتظم شَمل الْمُسلمين وتجتمع كلمتهم.تحرير الأحكام(1/56)

وَلَا يقْدَح فِي ذَلِك كَونه جَاهِلا أَو فَاسِقًا فِي الْأَصَح.وَإِذا انْعَقَدت الْإِمَامَة بِالشَّوْكَةِ وَالْغَلَبَة لوَاحِد ثمَّ قَامَ آخر فقهر الأول بشوكته وَجُنُوده، انْعَزل الأول وَصَارَ الثَّانِي إِمَامًا، لما قدمْنَاهُ من مصلحَة الْمُسلمين وَجمع كلمتهم، وَلذَلِك قَالَ ابْن عمر فِي أَيَّام الْحرَّة: نَحن مَعَ من غلب. تحرير الأحكام في تدبير أهل الإسلام (ص: 55)

ونقل أبو يعلى الفراء عن الإمام أحمد قوله: الأحكام السلطانية لأبي يعلى الفراء (ص: 20)

ومن غلبهم بالسيف حتى صار خليفة وسمي أمير المؤمنين لا يحل لأحد يؤمن بالله واليوم الآخر أن يبيت ولا يراه إماماً عليه، براً كان أو فاجراً، فهو أمير المؤمنين".

قال ابن بطال:

والفقهاء مجمعون على أن طاعة المتغلب واجبة ما أقام على الجمعات والأعياد والجهاد وأنصف المظلوم في الأغلب، فإن طاعته خير من الخروج عليه. شرح صحيح البخاري لابن بطال (2/ 328)

قال القرطبي:

  فَإِنْ تَغَلَّبَ مَنْ لَهُ أَهْلِيَّةُ الْإِمَامَةِ وَأَخَذَهَا بِالْقَهْرِ وَالْغَلَبَةِ فَقَدْ قِيلَ إِنَّ ذَلِكَ يَكُونُ طَرِيقًا آخر من طرق تولي الإمامة، وَقَدْ سُئِلَ سَهْلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ التُّسْتَرِيُّ: مَا يَجِبُ عَلَيْنَا لِمَنْ غَلَبَ عَلَى بِلَادِنَا وَهُوَ إِمَامٌ؟ قَالَ: تُجِيبُهُ وَتُؤَدِّي إِلَيْهِ مَا يُطَالِبُكَ مِنْ حَقِّهِ، وَلَا تُنْكِرُ فِعَالَهُ وَلَا تَفِرُّ مِنْهُ، وَإِذَا ائْتَمَنَكَ عَلَى سِرٍّ مِنْ أَمْرِ الدِّينِ لَمْ تُفْشِهِ. وَقَالَ ابْنُ خُوَيْزِ مَنْدَادُ: وَلَوْ وَثَبَ عَلَى الْأَمْرِ مَنْ يَصْلُحُ لَهُ مِنْ غَيْرِ مَشُورَةٍ وَلَا اخْتِيَارٍ وَبَايَعَ لَهُ النَّاسُ تَمَّتْ لَهُ الْبَيْعَةُ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. تفسير القرطبي (1/ 269) بتصرف.

قال ابن قدامة:

وَلَوْ خَرَجَ رَجُلٌ عَلَى الْإِمَامِ، فَقَهَرَهُ، وَغَلَبَ النَّاسَ بِسَيْفِهِ حَتَّى أَقَرُّوا لَهُ، وَأَذْعَنُوا بِطَاعَتِهِ، وَبَايَعُوهُ، صَارَ إمَامًا يَحْرُمُ قِتَالُهُ، وَالْخُرُوجُ عَلَيْهِ؛ فَإِنَّ عَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ مَرْوَانَ، خَرَجَ عَلَى ابْنِ الزُّبَيْرِ، فَقَتَلَهُ، وَاسْتَوْلَى عَلَى الْبِلَادِ وَأَهْلِهَا، حَتَّى بَايَعُوهُ طَوْعًا وَكُرْهًا، فَصَارَ إمَامًا يَحْرُمُ الْخُرُوجُ عَلَيْهِ؛ وَذَلِكَ لِمَا فِي الْخُرُوجِ عَلَيْهِ مِنْ شَقِّ عَصَا الْمُسْلِمِينَ، وَإِرَاقَةِ دِمَائِهِمْ، وَذَهَابِ أَمْوَالِهِمْ. المغني لابن قدامة (8/ 526)

قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: وَاَلَّذِي عَلَيْهِ أَهْلُ الْعِلْمِ أَنَّ لِلرَّجُلِ أَنْ يَدْفَعَ عَن دينه ودمه وماله وعرضه ومظلمته إذا أُرِيدَ ظُلْمًا بِغَيْرِ تَفْصِيلٍ، إلَّا أَنَّ كُلَّ مَنْ يُحْفَظُ عَنْهُ مِنْ عُلَمَاءِ الْحَدِيثِ كَالْمُجْمِعِينَ عَلَى اسْتِثْنَاءِ السُّلْطَانِ لِلْآثَارِ الْوَارِدَةِ بِالْأَمْرِ بِالصَّبْرِ عَلَى جَوْرِهِ وَتَرْكِ الْقِيَامِ عَلَيْهِ. انْتَهَى. نيل الأوطار (5/ 390)  وفتح الباري لابن حجر (5/ 124)

قال ابن حجر: فتح الباري لابن حجر (13/ 7)

 وقد أجمع الفقهاء على وجوب طاعة السلطان المتغلب والجهاد معه وأن طاعته خير من الخروج عليه لما في ذلك من حقن الدماء وتسكين الدهماء ولم يستثنوا من ذلك إلا إذا وقع من السلطان الكفر الصريح فلا تجوز طاعته في ذلك بل تجب مجاهدته لمن قدر عليها .

واحتجوا بحديث  ابن عباس، رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: «من رأى من أميره شيئا يكرهه فليصبر عليه فإنه من فارق الجماعة شبرا فمات، إلا مات ميتة جاهلية» خ(7054)

ويلحق بهذا النوع أيضا الملك العضود أو ما يسمى بالولاية بالعهد  وهو أن يعهد الخليفة أو الرئيس إلى أحد أقاربه أو أحد من المقربين إليه بدون الرجوع إلى أهل الحل والعقد ولا مشورة المسلمين,وهذا النوع لا يقره أحد من أهل العلم إلا إذا توفرت فيه الشروط السابقة للاستخلاف.

قال ابن حزم: الفصل في الملل والأهواء والنحل (4/ 129)

وَلَا خلاف بَين أحد من أهل الْإِسْلَام فِي أَنه لَا يجوز التَّوَارُث فِيهَا.

  وقد تقدم قريبا بيان شروط صحة الاستخلاف

 وقد ظهر هذا  بعد معاوية رضي الله عنه فصارت الخلافة تورث بين أفراد أسرة الملك, الواحد تلو الآخر بحسب ترتيبه وقربه من الملك وبعده عنه,

وهذا ابن خلدون يصف لنا كيف تحولت الخلافة من خلافة راشدة إلى ملكا عاضاً ثم من هذا الملك العاض إلى حكما جبريا

قال رحمه الله:فلمّا استحضر رسول الله صلّى الله عليه وسلّم استخلف أبا بكر على الصّلاة إذ هي أهمّ أمور الدّين وارتضاه النّاس للخلافة وهي حمل الكافّة على أحكام الشّريعة ولم يجر للملك ذكر لما أنّه مظنّة للباطل ونحلة يومئذ لأهل الكفر وأعداء الدّين فقام بذلك أبو بكر ما شاء الله متّبعا سنن صاحبه وقاتل أهل الرّدّة حتّى اجتمع العرب على الإسلام ثمّ عهد إلى عمر فاقتفى أثره وقاتل الأمم فغلبهم وأذن للعرب بانتزاع ما بأيديهم من الدّنيا والملك فغلبوهم عليه وانتزعوه منهم ثمّ صارت إلى عثمان بن عفّان ثمّ إلى عليّ رضي الله عنهما والكلّ متبرّءون من الملك منكّبون عن طرقه....... تاريخ ابن خلدون (1/ 255)

ثم قال بعد كلام طويل؛

فقد رأيتَ كيف صار الأمر إلى الملك وبقيت معاني الخلافة من تحرّي الدّين ومذاهبه والجري على منهاج الحقّ ولم يظهر التّغيّر إلّا في الوازع الّذي كان دينا ثمّ انقلب عصبيّة وسيفا وهكذا كان الأمر لعهد معاوية ومروان وابنه عبد الملك والصّدر الأوّل من خلفاء بني العبّاس إلى الرّشيد وبعض ولده ثمّ ذهبت معاني الخلافة ولم يبق إلّا اسمها وصار الأمر ملكا بحتا وجرت طبيعة التّغلّب إلى غايتها واستعملت في أغراضها من القهر والتّقلّب في الشّهوات والملاذّ وهكذا كان الأمر لولد عبد الملك ولمن جاء بعد الرّشيد من بني العبّاس واسم الخلافة باقيا فيهم لبقاء عصبيّة العرب والخلافة والملك في الطّورين ملتبس بعضهما ببعض ثمّ ذهب رسم الخلافة وأثرها بذهاب عصبيّة العرب وفناء جيلهم وتلاشي أحوالهم وبقي الأمر ملكا بحتا كما كان الشّأن في ملوك العجم بالمشرق يدينون بطاعة الخليفة تبرّكا والملك بجميع ألقابه ومناحيه لهم وليس للخليفة منه شيء. تاريخ ابن خلدون (1/ 260)


هل الانتخابات المعروفة الآن أحد طرق تولى الخلافة أو الرئاسة ؟

أولا: هل هذه الكلمة وردت في الشرع أو في كلام السلف؟

فيما أعلم أن كلمة الانتخابات  بهذا الاصطلاح الحادث والتكييف االواقعي لم ترد بهذا اللفظ لا في القرآن ولا في السنة ولا في كلام السلف،

وإنما هي كلمة حادثة وتعتبر جزء من النظام الديمقراطي المستورد من بلاد الكفر.

*ولكن هل الانتخابات المعروفة الآن تساوي البيعة التي درج عليها سلف هذه الأمة في تنصيب الإمام أو الرئيس نعرف ذلك من خلال المقارنة بينهما وإليك المقارنة:

1- البيعة مظهر من مظاهر تطبيق الإسلام وأما الانتخابات فمظهر من مظاهر تطبيق الديمقراطية.

2- في البيعة يشترط في المرشح شروط منضبطة بالشرع لابد أن تتوفر فيه وأما في الانتخابات فضابط الشروط في المرشح تكون بالقانون الوضعي وهذا مشاهد ومعروف بيننا الآن.

3- أن الانتخابات وسيلة تنافس للوصول إلى الولاية وأما البيعة فهي عقد لمن اختاره الناس وارتضوه.

4- أن المرشحين في الانتخابات عدد غير محدد وأما البيعة فلا يمكن أن تكون إلا لشخص واحد .

5- اختيار الإمام أو الرئيس في نظام الانتخابات موكول لجميع الناس برهم و فاجرهم عالمهم وجاهلهم بخلاف نظام البيعة التي تكون لأهل الحل والعقد اللذين يميزون بين الغث والثمين؛وبين الصالح والطالح بميزان الشرع .

6- مدة الرئاسة في البيعة غير محددة _ إلا إذا طرأ عليه ما يستوجب خلعه_ بخلاف مدة الرئاسة في الانتخابات فهي محددة بوقت معلوم.

*هذه بعض الفروق بين البيعة في الإسلام وبين الانتخابات في النظام الديمقراطي وبهذا نرد على من ساوى بينهما أو جعل الانتخابات المعاصرة هي الصورة الحقيقية للبيعة في الإسلام فهل يستويان مثلا يا أولى الألباب؟

*وبعض من أجاز الانتخابات مطلقا استدل لها بأنها التطبيق العملي المعاصر لمبدأ الشورى في الإسلام؛ ولا نسلم لهذا الكلام أيضا لأن الانتخابات التي نعرفها الآن في واقعنا تتنافى تماما مع مبدأ الشورى الذي أقره  الشرع وأمر به ويتبين لنا ذلك من خلال المقارنة بينهما :

1- الانتخابات من شريعة الديمقراطية أما الشورى فهي من صميم الإسلام .

2- الشورى تعنى التشاور والاستفادة من الآراء للوصول إلى الحق والصواب وأما الانتخابات فمقصودها تجميع كل الآراء سواء كانت صحيحة أم فاسدة واعتبارها جميعا.

3- أهل الشورى هم أهل الحل والعقد الذين يملكون الرأي السديد والعقل المجرب وأما الانتخابات فلا فرق بين عالم وجاهل ولا بر وفاجر فالكل فيها سواء.

قال الآلوسي:

 وينبغي أن يكون المستشار عاقلا كما ينبغي أن يكون عابدا. تفسير الألوسي = روح المعاني (13/ 47)

وقال القرطبي:

. قَالَ الْعُلَمَاءُ: وَصِفَةُ المستشار إن كان في الأحكام أن يَكُونَ عَالِمًا دَيِّنًا، وَقَلَّمَا يَكُونُ ذَلِكَ إِلَّا فِي عَاقِلٍ وَصِفَةُ الْمُسْتَشَارِ فِي أُمُورِ الدُّنْيَا أَنْ يَكُونَ عَاقِلًا مُجَرِّبًا. تفسير القرطبي (4/ 250)

4- النتيجة في الانتخابات ملازمة لعدد الأصوات بغض النظر عن أصحابها وأما الشورى فليس بلازم أن نأخذ بقول الأكثر وإنما المهم الوصول إلى الحق والصواب.

5- الانتخابات المعاصرة مبناها الأساسي على مبدأ الأكثرية الذي لا يقره الشرع غالباً بخلاف الشورى فإن النظر فيها يدور مع المصلحة العامة المنضبطة بالشرع.

وبعد عرض هذه الفروق يتبين لنا أن الانتخابات التي نعرفها الآن وبصورتها الموجودة بيننا ليس لها تعلق بالشورى التي جاء بها  الشرع وأمرنا بها.

لكن هنا سؤال :هل يوجد في الشرع أدلة تدل على جواز الانتخابات بصورتها المعروفة في واقعنا؟

استدل من أجاز الانتخابات مطلقا ببعض الأدلة منها :

استدلوا بحديث كعب بن مالك  في قصة بيعة العقبة أن  رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال للأنصار عندما جاءوا ليبايعوه : " أَخْرِجُوا إِلَيَّ مِنْكُمْ  اثْنَيْ عَشَرَ  نَقِيبًا يَكُونُونَ عَلَى قَوْمِهِمْ "، فَأَخْرَجُوا مِنْهُمْ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيبًا مِنْهُمْ تِسْعَةٌ مِنَ الْخَزْرَجِ، وَثَلَاثَةٌ مِنَ الْأَوْسِ"[26]

قالوا :وجه الدلالة من الحديث ،أن النبي صلى الله عليه وسلم طلب من الصحابة أن يختاروا منهم اثني عشر رجلا ولم يحدد لهم طريقة الاختيار أو يمنعهم من مشاركة عامة الناس فدل ذلك على صحة الانتخابات بالرجوع إلى عامة الناس.

والرد على هذا الاستدلال:

1- هل اختيار النقباء يساوي اختيار الولاة والرؤساء؟

2- ثم من البديهي أن اختيار النقباء كان من أهل الرأي و أصحاب الكلمة المسموعة وإلا فهل من المعقول أن الصحابة لما أمرهم النبي صلى الله عليه وسلم أن يختاروا النقباء ذهبوا ليشاورا نساءهم وغلمانهم ؟ أم إن الذي قام بالأمر هم السادة والقادة وأهل الكلمة ؟

3- ثم إننا لا نمنع من مشاركة الناس وأخذ آرائهم في اختيار الإمام ولكن نضع في الاعتبار أن المعول عليه في هذا الباب هو كلام العقلاء والعلماء وأصحاب الكلمة المسموعة وهم أهل الحل والعقد أما أن نساوي بين رأي العالم والجاهل والسفيه والعاقل و بين رأي الرجل والمرأة فالكل سواء فهذا ليس من الشرع في شيء وإنما هو شرع الديمقراطية.

الدليل الثاني :

حديث مروان بن الحكم، والمسور بن مخرمة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال حين جاءه وفد هوازن مسلمين، فسألوه أن يرد إليهم أموالهم وسبيهم، فخيرهم بين المال وبين السبي فاختاروا السبي فقال: «أما بعد، فإن إخوانكم هؤلاء جاءونا تائبين وإني رأيت أن أرد إليهم سبيهم، فمن أحب منكم أن يطيب ذلك، فليفعل ومن أحب أن يكون على حظه حتى نعطيه إياه من أول ما يفيء الله علينا فليفعل» ، فقال الناس: طيبنا يا رسول الله لهم، فقال لهم: «إنا لا ندري من أذن منكم فيه ممن لم يأذن، فارجعوا حتى يرفع إلينا عرفاؤكم أمركم» ، فرجع الناس، فكلمهم عرفاؤهم، ثم رجعوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فأخبروه أنهم طيبوا، وأذنوا.خ(2607)مختصرا

قالوا وجه الدلالة منه أن النبي صلى الله عليه وسلم رجع إلى العرفاء ليعرفوا آراء الناس وهذا كالانتخابات المعاصرة في الرجوع إلى الناس ليعلم رأيهم وما يختارون.

وجه الرد على هذا الاستدلال

*أن هذا قياس مع الفارق لأن النبي صلى الله عليه وسلم عندما أمرهم بالرجوع إلى  الناس ففي أمر يملكونه لأن ذلك حق لهم أما الولايات الشرعية فليست من هذا القبيل فلا مدخل له هنا لذلك لايسلم لهم هذا الاستدلال.

ثم إن هذا الدليل يُستدل به عليهم لا لهم لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما ردهم قال لهم: «إنا لا ندري من أذن منكم فيه ممن لم يأذن، فارجعوا حتى يرفع إلينا عرفاؤكم أمركم,,فاعتبر أن الإذن من العرفاء أذن من جميع الناس باعتبارهم المسئولين عنهم وهم أعرف بحالهم.

 و العرفاء جمع عريف، وَهُوَ الَّذِي يعرف أَمر الْقَوْم وأحوالهم، وَهُوَ النَّقِيب وَهُوَ دون الرئيس. عمدة القاري شرح صحيح البخاري (12/ 138)

وسمي بذلك لكونه يتعرف أمورهم حتى يعرف بها من فوقه عند الاحتياج فتح الباري لابن حجر (13/ 169)  

قال ا بن المنير في الحاشية يستفاد منه جواز الحكم بالإقرار بغير إشهاد فإن العرفاء ما أشهدوا على كل فرد فرد شاهدين بالرضا وإنما أقر الناس عندهم وهم نواب للإمام فاعتبر ذلك. فتح الباري لابن حجر (13/ 169)

*ومما استدلوا به

عَنِ الْحَسَنِ بْنِ أَبِي الْحَسَنِ قَالَ: لَمَّا ثَقُلَ أَبُو بَكْرٍ وَاسْتَبَانَ لَهُ مِنْ نَفْسِهِ جَمَعَ النَّاسَ إِلَيْهِ فَقَالَ: إِنَّهُ قَدْ نَزَلَ بِي مَا قَدْ تَرَوْنَ، وَلَا أَظُنُّنِي إِلَّا مَيِّتٌ لِمَا بِي، وَقَدْ أَطْلَقَ اللَّهُ أَيْمَانَكُمْ مِنْ بَيْعَتِي، وَحَلَّ عَنْكُمْ عُقْدَتِي، وَرَدَّ عَلَيْكُمْ أَمْرَكُمْ، فَأَمِّرُوا عَلَيْكُمْ مَنْ أَحْبَبْتُمْ؛. تاريخ المدينة لابن شبة (2/ 665)و تاريخ دمشق لابن عساكر (44/ 248) وهذا من مراسيل الحسن.

و استدلوا بكلام عمر رضي الله عنه : صحيح البخاري (8/ 169)

 إنه بلغني أن قائلا منكم يقول: والله لو قد مات عمر بايعت فلانا، فلا يغترن امرؤ أن يقول: إنما كانت بيعة أبي بكر فلتة وتمت، ألا وإنها قد كانت كذلك، ولكن الله وقى شرها، وليس منكم من تقطع الأعناق إليه مثل أبي بكر، من بايع رجلا عن غير مشورة من المسلمين فلا يبايع هو ولا الذي بايعه، تغرة أن يقتلا.

وعند ابن حبان :

 فَمَنْ بَايَعَ امْرَأً مِنْ غَيْرِ مَشُورَةٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ فَإِنَّهُ لَا بَيْعَةَ لَهُ وَلَا لِلَّذِي بَايَعَهُ. صحيح ابن حبان(413)

*واستدلوا بأدلة كثيرة مماثلة لما تقدم وكلها تصب في معنى واحد وهو أنه لابد في صحة البيعة من مشورة المسلمين ،ولكن كلمة المسلمين كلمة عامة تعم كل مسلم، الصغير والكبير والجاهل والعالم والذكر والأنثى،لذلك من نظر لعموم هذه الأدلة بدون الرجوع إلى فهم السلف لها وتوجيههم لمرادها ظن أن عمومها يدل على جواز الانتخابات مطلقا ولكن لو نظرنا في شروح الأئمة لهذه النصوص لتبين لنا المقصود منها...

قال ابن بطال في بيان معنى كلمة عمر أن بيعة أبي بكر كانت( فلتة): فدل هذا الحديث أن القوم لم يبايعوه إلا بعد التشاور والتناظر واتفاق الملأ منهم الذين هم أهل الحل والعقد على الرضا بإمامته، والتقديم لحقه. شرح صحيح البخارى لابن بطال (8/ 461)

وقال أيضاً: تحت باب :كيف يبايع الإمامُ الناسَ.

وفيه الدلالة الواضحة على أن الجماعة الموثوق بأديانهم ونصحتهم للإسلام وأهله، إذا عقدوا عقد الخلافة لبعض من هو من أهلها على تشاور منهم واجتهاد؛ فليس لغيرهم من المسلمين حل ذلك العقد ممن لم يحضر عقدهم وتشاورهم إذ كانوا العاقدين قد أصابوا الحق فيه، وذلك أن عمر أفرد فى النظر للأمر النفر الستة ولم يجعل لغيرهم فيما فعلوا اعتراضًا، وسلم ذلك من فعله جميعهم، ولم ينكره منهم منكر، ولو كان العقد فى ذلك لا يصح إلا باجتماع الأمة، لكان خليقًا أن يقول له منهم قائل: إن الحق الواجب بالعقد الذى خصصت بالقيام به هؤلاء الستة لم يخصهم به دون سائر الأمة، بل الجميع منهم فى ذلك شركاء، ولكن القوم لما كان الأمر عندهم على ما وصفت سلموا وانقادوا، ولم يعترض منهم فيه معترض، ولا أنكره منهم منكر. شرح صحيح البخارى لابن بطال (8/ 276)

قال العمراني:

فإن الإمامة لا تنعقد إلا بأن يستخلفه الإمام الذي كان قبله، أو بأن لم يكن هناك إمام فيقهر الناس بالغلبة، أو بأن يعقد له الإمامة أهل الحل والعقد، ولا يلتفت إلى إجماع العامة على عقده؛ لأنهم أتباع لأهل الاجتهاد. البيان في مذهب الإمام الشافعي (12/ 10)

قال الرملي:

 أَمَّا بَيْعَةُ غَيْرِ أَهْلِ الْحَلِّ وَالْعَقْدِ مِنْ الْعَوَامّ فَلَا عِبْرَةَ بِهَا. نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج (7/ 410)

قال النووي:

أما البيعة فقد اتفق العلماء على أنه لا يشترط لصحتها مبايعة كل الناس ولا كل أهل الحل والعقد وإنما يشترط مبايعة من تيسر إجماعهم من العلماء والرؤساء ووجوه الناس  .......ولا يجب على كل واحد أن يأتي إلى الإمام فيضع يده في يده ويبايعه وإنما يلزمه إذا عقد أهل الحل والعقد للإمام الانقياد له وأن لا يظهر خلافا ولا يشق لعصا. شرح النووي على مسلم (12/ 77)

قال أبو بكر الباقلاني:

إِنَّمَا يصير الإِمَام إِمَامًا بِعقد من يعْقد لَهُ الْإِمَامَة من أفاضل الْمُسلمين الَّذين هم من أهل الْحل وَالْعقد والمؤتمنين على هَذَا الشَّأْن. تمهيد الأوائل وتلخيص الدلائل (ص: 467)

قال القرطبي:

إِذَا انْعَقَدَتِ الْإِمَامَةُ بِاتِّفَاقِ أَهْلِ الْحَلِّ وَالْعَقْدِ أَوْ بِوَاحِدٍ عَلَى مَا تَقَدَّمَ وَجَبَ عَلَى النَّاسِ كَافَّةً مُبَايَعَتُهُ عَلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ، وَإِقَامَةِ كِتَابِ اللَّهِ وَسُنَّةِ رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَمَنْ تَأَبَّى عَنِ الْبَيْعَةِ لِعُذْرٍ عُذِرَ، وَمَنْ تَأَبَّى لِغَيْرِ عُذْرٍ جُبِرَ وَقُهِرَ، لِئَلَّا تَفْتَرِقَ كَلِمَةُ الْمُسْلِمِينَ. تفسير القرطبي (1/ 272)

قال أبو حيان :

والمرجع في نصبه إلى اختيار أهل الاجتهاد في الدين، والعامة في ذلك تبع لهم ولا اعتبار بهم في ذلك، وليس من شرطه اجتماع كل المجتهدين. البحر المحيط في التفسير (1/ 607)

قال محمد رشيد رضا:

وَقَدْ جَعَلَ الْإِسْلَامُ الْمُرَجِّحَ لِاخْتِيَارِ إِمَامِ الْمُسْلِمِينَ مُبَايَعَةَ أُولِي الْأَمْرِ لِمَنْ يَخْتَارُونَهُ مِنْ أَنْفُسِهِمْ، وَهُمْ أَهْلُ الْحَلِّ وَالْعَقْدِ وَالْمَكَانَةِ فِي الْأُمَّةِ الَّذِينَ هُمْ عَوْنُ السُّلْطَانِ وَقُوَّتُهُ بِاحْتِرَامِ الْأُمَّةِ لَهُمْ وَثِقَتِهَا بِهِمْ.

    تفسير المنار (2/ 391)

قال المراغي:

إن من شأن الأمم الاختلاف في اختيار الملك، ومن ثم لجأ الملأ من بنى إسرائيل إلى نبيهم ليختار لهم ملكا، وقد جاء الإسلام وجعل المرجح اختيار أرباب المكانة في الأمة، وهم أهل الحل والعقد. تفسير المراغي (2/ 226)

قال الفوزان:

فإذا اختاره أهل الحل والعقد وبايعوه لزمت طاعته؛ كخلافة أبي بكر الصديق رضي الله عنه فإنها ثبتت باختيار أهل الحل والعقد، وليس بلازم أن يختاره كل المسلمين كما في الانتخابات، هذا ليس في نظام الإسلام، بل يكفي أهل الحل والعقد من العلماء والأمراء وأهل الرأي والمشورة، فإذا اختاروا إماما للمسلمين لزمت طاعته على جميع المسلمين، ولا أحد يقول: أنا ما اخترت، أنا ما بايعت؛ كما يقول بعض الجهال الآن.

أنت من المسلمين، والمسلمون اختاروا هذا الرجل إماما لهم، فلا يجوز لك أن تشذ وتخرج عنهم، بل قال النبي صلى الله عليه وسلم: «المسلمون يد على من سواهم، يسعى بذمتهم أدناهم» ، وإذا كان أدناهم يسعى بذمتهم، فكيف بأهل الحل والعقد والمشورة والرأي؟ فالصحابة أطاعوا لأبي بكر مع أن الذين بايعوه هم قادة المهاجرين والأنصار في سقيفة بني ساعدة، وكذلك عثمان رضي الله عنه اختاره أهل الشورى الستة الذين عهد إليهم عمر رضي الله عنه، فقد عهد إلى بقية العشرة الذين توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو عنهم راض، فالستة اجتمع رأيهم على عثمان فبايعوه، فلزمت طاعته جميع المسلمين وانقادوا له.

شرح عقيدة الإمام المجدد محمد بن عبد الوهاب (ص: 129)

قال عبد الكريم الخضير:

إذا بايع أهل الحل والعقد فليس لأحد كلام، كائناً من كان، ولذا لا تلزم البيعة، مباشرة البيعة من كل شخص بعينه، إذا بايع أهل الحل والعقد فالناس تبع له.

شرح الموطأ - (180/ 2)

قال سيد قطب:

 أما الإمارات العامة فيختار لها الإمام- الذي اختارته الأمة بعد ترشيح أهل الحل والعقد- أو أهل الشورى- له. في ظلال القرآن (4/ 2009)

قال محمد عمارة:

 يكاد الإجماع أن ينعقد على أن مهمة تمييز الإمام وتنصيبه هي فرض خاصة الأمة، أي: فرض من فروض الكفاية يجب على المؤهلين لإنجاز هذه المهمة، وليس ضروريا ولا هو بالشرط اشتراك العامة واتفاقها في هذا الموضوع.. نظرية الخلافة، السلفية، الثورة (ص: 40)

فتبين لنا مما سبق أن اختيار الأئمة والرؤساء منوط بأهل الحل والعقد في الأمة و هم أهل العلم والتقوى والخبرة والرأي السديد وأصحاب المكانة في قلوب الناس لنصحهم للأمة وتجردهم من حظوظ نفوسهم لذلك كانت لهم الشوكة والكلمة المسموعة عند عامة الناس ،ولكن _سبحان الله_ لما أغفلت الأمة منهج الإسلام في هذا الباب وحل مكانه النظام الديمقراطي المشئوم رأينا الخلل الذي تحياه الأمة منذ عقود ...

لذلك لم يرَ أكثر أهل العلم المعاصرين جواز الانتخابات بصورتها المعروفة في عصرنا هذا 

قال الشيخ صالح الفوزان حفظه الله:

 "وأما الانتخابات المعروفة اليوم عند الدول: فليست من نظام الإسلام، وتدخلها الفوضى والرغبات الشخصية، وتدخلها المحاباة، والأطماع، ويحصل فيها فتن وسفك دماء، ولا يتم بها المقصود، بل تصبح مجالاً للمزايدات، والبيع والشراء، والدعايات الكاذبة" انتهى.

" جريدة الجزيرة " العدد 11358، 8 رمضان، 1424 هـ.

لكن قد يقول قائل :ليس عندنا سبيل الآن في عهد الديمقراطية  لاختيار الرئيس إلا عن طريق الانتخابات ؟

أجاز العلماء المشاركة في الانتخابات من باب دفع الشر أو بعضه أو تقليله إذا غلب على الظن أننا بذلك نستطيع دفع الشر أو تقليله وجلب الخير وتكثيره  ويتمثل هذا  في اختيار أهل الدين والتقوى والإصلاح  وإبعاد العلمانيين وغيرهم عن الساحة .

وهذه بعض الفتاوى التي وردت في بيان ذلك:  السؤال الخامس من الفتوى رقم (4029)

س 5: هل يجوز التصويت في الانتخابات والترشيح لها؟ مع العلم أن بلادنا تحكم بغير ما أنزل الله.

ج 5: لا يجوز للمسلم أن يرشح نفسه رجاء أن ينتظم في سلك حكومة تحكم بغير ما أنزل الله، وتعمل بغير شريعة الإسلام، فلا يجوز لمسلم أن ينتخبه أو غيره ممن يعملون في هذه الحكومة، إلا إذا كان من رشح نفسه من المسلمين ومن ينتخبون يرجون بالدخول في ذلك أن يصلوا بذلك إلى تحويل الحكم إلى العمل بشريعة الإسلام، واتخذوا ذلك وسيلة إلى التغلب على نظام الحكم، على ألا يعمل من رشح نفسه بعد تمام الدخول إلا في مناصب لا تتنافى مع الشريعة الإسلامية.وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم. فتاوى اللجنة الدائمة - 1 (23/ 406)

 

 الفتوى رقم (14676)

س: كما تعلمون عندنا في الجزائر ما يسمى بـ: (الانتخابات التشريعية) ، هناك أحزاب تدعو إلى الحكم الإسلامي، وهناك أخرى لا تريد الحكم الإسلامي. فما حكم الناخب على غير الحكم الإسلامي مع أنه يصلي؟

ج: يجب على المسلمين في البلاد التي لا تحكم الشريعة الإسلامية، أن يبذلوا جهدهم وما يستطيعونه في الحكم بالشريعة الإسلامية، وأن يقوموا بالتكاتف يدا واحدة في مساعدة الحزب الذي يعرف منه أنه سيحكم بالشريعة الإسلامية، وأما مساعدة من ينادي بعدم تطبيق الشريعة الإسلامية فهذا لا يجوز، بل يؤدي بصاحبه إلى الكفر؛ لقوله تعالى: {وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُصِيبَهُمْ بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ} (1) {أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ} (2) ، ولذلك لما بين الله كفر من لم يحكم بالشريعة الإسلامية، حذر من مساعدتهم أو اتخاذهم أولياء، وأمر المؤمنين بالتقوى إن كانوا مؤمنين حقا، فقال تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَكُمْ هُزُوًا وَلَعِبًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَالْكُفَّارَ أَوْلِيَاءَ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.

قال المنجد:

وأما من رشح نفسه أو رشح غيره في ظل هذا النظام، حتى يدخل ذلك المجلس وينكر على أهله، ويقيم الحجة عليهم، ويقلل من الشر والفساد بقدر ما يستطيع، وحتى لا يخلو الجو لأهل الفساد والإلحاد يعيثون في الأرض فساداً، ويفسدون دنيا الناس ودينهم، فهذا محل اجتهاد، حسب المصلحة المتوقعة من ذلك.

بل يرى بعض العلماء أن الدخول في هذه الانتخابات واجبة ". موقع الإسلام سؤال وجواب (12/ 11)

 

خوض معركة الانتخابات للمرأة غير جائز

فتاوى دار الإفتاء المصرية (7/ 176)

 المفتي: حسنين محمد مخلوف /.4 مايو 1952 م

السؤال

 وردت إلينا أسئلة عديدة عن حكم انتخاب المرأة لعضوية مجلس النواب أو الشيوخ في الشريعة الإسلامية.

إذا قامت ضجة من جانب بعض النساء للمطالبة بتعديل قانون الانتخاب الذي حرمت نصوصه انتخابهن بحيث يكون لهن الحق في الانتخابات

الجواب

 بعد حمد الله والصلاة والسلام على رسول الله.

عنى الإسلام أتم عناية بإعداد المرأة الصالحة للمساهمة مع الرجل فى بناء المجتمع على أساس من الدين والفضيلة والخلق القويم.

وفى حدود الخصائص الطبيعية لكل من الجنسين، فرفع شأنها وكون شخصيتها وقرر حريتها وفرض عليها كالرجل طلب العلم والمعرفة، ثم ناط بها من شئون الحياة ما تهيؤها لها طبيعة الأنوثة وما تحسنه حتى إذا نهضت بأعبائها كانت زوجة صالحة وأما مربية وربة منزل مدبرة، وكانت دعامة قوية في بناء الأسرة والمجتمع - وكان من رعاية الإسلام لها حق الرعاية أن أحاط عزتها وكرامتها بسياج منيع من تعاليمه الحكيمة، وحمى أنوثتها الطاهرة من العبث والعدوان، وباعد بينها وبين مظان الريب وبواعث الافتتان فحرم على الرجل الأجنبي الخلوة بها والنظرة العارمة إليها، وحرم عليها أن تبدى زينتها إلا ما ظهر منها، وأن تخالط الرجال فى مجامعهم، وأن تتشبه بهم فيما هو من خواص شئونهم، وأعفاها من وجوب صلاة الجمعة والعيدين مع ما عرف عن الشارع من شديد الحرص على اجتماع المسلمين وتواصلهم وأعفاها في الحج من التجرد للإحرام، ومنعها الإسلام من الأذان العام وإمامة الرجال للصلاة، والإمامة العامة للمسلمين، وولاية القضاء بين الناس، وأثم من يوليها بل حكم ببطلان قضائها على ما ذهب إليه جمهور الأئمة، ومنع المرأة من ولاية الحروب وقيادة الجيوش، ولم يبح لها من معونة الجيش إلا ما يتفق وحرمة أنوثتها.

كل ذلك لخيرها وصونها وسد ذرائع الفتنة عنها والافتتان بها حذرا من أن يحيق المجتمع ما يفضى إلى انحلاله وانهيار بنائه والله أعلم بما للطبائع البشرية من سلطان ودوافع وبما للنفوس من ميول ونوازع والناس يعلمون والحوادث تصدق.

ولقد بلغ من أمر الحيطة للمرأة أن أمر الله تعالى نساء نبيه ت صلى الله عليه وسلم بالحجاب وهن أمهات المؤمنين حرمة واحتراما، وأن النبي صلى الله عليه وسلم - لم تمس يده (وهو المعصوم) أيدي النساء اللاتي بايعنه، وأن المرأة لم تول ولاية من الولايات الإسلامية في عهده ولا في عهد الخلفاء الراشدين ولا في عهود من بعدهم من الملوك والأمراء ولا حضرت مجالس تشاوره - صلى الله عليه وسلم مع أصحابه من المهاجرين والأنصار.

ذلك شأن المرأة في الإسلام ومبلغ تحصينها بالوسائل الواقية فهل تريد المرأة الآن أن تخترق آخر الأسوار، وتقتحم على الرجال قاعة البرلمان فتزاحم في الانتخابات والدعاية والجلسات واللجان والحفلات والتردد على الوزارات والسفر إلى المؤتمرات والجذب والدفاع، وما إلى ذلك مما هو أكبر إثما وأعظم خطرا من ولاية القضاء بين خصمين وقد حرمت عليها.

واتفق أئمة المسلمين على تأثيم من يوليها تاركة زوجها وأطفالها وبيتها وديعة في يد من لا يرحم إن ذلك لا يرضاه أحد ولا يقره الإسلام.

بل ولا الأكثرية الساحقة من النساء. اللهم إلا من يدفعه تملق المرأة أو الخوف من غضبتها إلى مخالفة الضمير والدين ومجاراة الأهواء، ولا حسبان في ميزان الحق لهؤلاء - على المسلمين عامة أن يتعرفوا حكم الإسلام فيما يعتزمون الإقدام عليه من عمل فهو مقطع الحق وفصل الخطاب، ولا خفاء في أن دخول المرأة في معمعة الانتخابات والنيابة غير جائز لما بيناه.

وإننا ننتظر من السيدات الفضليات أن يعملن بجد وصدق لرفعة شأن المرأة من النواحي الدينية والأخلاقية والاجتماعية والعلمية الصحيحة في حدود طبيعة الأنوثة والتعاليم الإسلامية قبل أن يحرصن على خوض غمار الانتخاب والنيابة، وأن نسمع منهن صيحة مدوية للدعوة إلى وجوب تمسك النساء عامة بأهداب الدين والفضيلة في الأزياء والمظاهر والاجتماعات النسائية وغير ذلك مما هو كمال وجمال للمرأة المهذبة الفاضلة.

ولهن منا جميعا إذا فعلن ذلك خالص الشكر وعظيم الإجلال.

ذلك خير لهن والله يوفقهن لما فيه الخير والصلاح.

 

السؤال :ما رأى الدين في إعطاء المرأة حق الانتخاب والترشيح للمجالس التشريعية؟

الجواب      

 من ضمن ما حصلت عليه المرأة المسلمة حديثا حق إعطاء صوتها لمن يرشح لبعض المجالس، في ظل الحكم الديمقراطي، وليس فى إعطائها هذا الحق أو ممارسته ما يمنعه شرعا، وبخاصة إذا طلب منها ذلك، فهو لا يعدو أن يكون شهادة بصلاحية شخص أو عدم صلاحيته، وقضية التواصي بالحق والتناصح تؤكد هذا الحق.لكن العلماء اشترطوا فيمن يختارون الخليفة: العدالة الجامعة لشروطها، والعلم الذي يتوصل به إلى معرفة من يستحق الإمامة على الشروط المعتبرة فيها، والرأي والحكمة المؤديان إلى اختيار من هو أصلح للإمامة وبتدبير المصالح أقوم وأعرف.

وإذا كانت هذه الشروط لم تتحقق حتى في الرجال، حيث إن الانتخاب في الدساتير المعمول بها في كثير من البلاد الإسلامية لا يحتم وجودها، فهل يمكن أن تتحقق في النساء؟ وإذا أمكن أن تتحقق فهل يوجد ذلك في عالم الواقع، ذلك يحتاج إلى نظر. "الأحكام السلطانية للماوردى ص 6 ".

أقول هذا لأن الدساتير الحالية تعطى حق الترشيح لمن أعطى حق التصويت، فلو أن الأمر اقتصر على إعطاء صوتها إذا وجدت فيها المواصفات التي ذكرها الماوردى ما كان هناك اعتراض، لكن الذين ينادون بإعطائها هذا الحق يربطون بينه وبين حق الترشيح لتمثيل الشعب في المجالس التشريعية، وبالتالي إذا اشتركت في انتخاب الإمام أو الحاكم جاز لها الترشيح لهذا المنصب، فالتصويت سلم للترشيح، والقوانين الوضعية لا تلتزم حدود الدين في الوقوف عند منح امتياز معين.

ومن هنا لا يجوز القول بجواز تصويتها لأنه وسيلة إلى ممنوع، كما قررته لجنة الفتوى بالأزهر ونشر في المجلة في يونية 1952 م، ونصها مذكور في ص 448 من الجزء الثاني من موسوعة الأسرة تحت رعاية الإسلام، وجاء فيها: أن وسيلة الشيء تأخذ حكمه، وأن حركة عائشة ضد على رضي الله عنه لا تعد تشريعا وقد خالفها فيها كثيرون، وأن مبايعة النساء للنبي لا تثبت زعامة ولا رياسة ولا حكما للرسول، بل هي مبايعة على الالتزام بأوامر الدين ثم ذكرت اللجنة عدم جواز ترشيح المرأة للمجالس التشريعية، لأن فيه معنى الولاية العامة وهى ممنوعة بحديث البخاري وغيره: "لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة" وهذا ما فهمه أصحاب الرسول وجميع أئمة السلف، ووضحت المبررات لذلك، ثم ذكرت أن منع المرأة من التصويت والترشيح لم ينظر فيه إلى شيء آخر وراء طبيعة هذين الأمرين، أما ما يلازم عملية الانتخاب المعروفة والترشيح لعضوية البرلمان من مبدأ التفكير إلى نهايته فإننا نجد سلسلة من الاجتماعات والاختلاطات والأسفار للدعاية والمقابلات وما إلى ذلك، مما نشفق على المرأة أن تزج بنفسها فيها، ويجب تقدير الأمور وتقدير الأحكام على أساس الواقع الذي لا ينبغي إغفاله أو التغافل عنه.

هذا ما قررته لجنة الفتوى بالأزهر سنة 1952، فهل يقبل في هذه الأيام أو يرفض؟ وهل للمادة الثانية في الدستور المصري اعتبار في التشريع؟( المرأة والانتخاب) المفتي: عطية صقر.مايو 1997

 

شروط الإمامة العامة

اختلف العلماء في عدد الشروط التي ينبغي أن تتوفر فيمن يلي أمر الناس فبعضهم جعلها أربعة وبعضهم جعلها سبعة والبعض جعلها ثمانية والبعض أوصلها  إلى عشرة وربما زاد البعض عن ذلك، ولكن إذا أمعنا النظر في أقوالهم وجدنا أن الخلاف لفظي والأمر راجع  إلى إيثار الإيجاز أو التفصيل أما الشروط الأساسية فهي مشتركة بينهم بعضها مجمع عليه وبعضها اتفقت عليه الأكثرية وإليك الشروط:

الشرط الأول الإسلام:وهذا الشرط مما علم من أحكام الإمامة بالضرورة إذ المقصود من الإمامة سياسة الخلق بما شرعه الله عز وجل ولا يعقل أن يولى على المسلمين في بلاد الإسلام من ليس مسلما والأصل في  اعتبار هذا الشرط النص والإجماع،

أما النص فقد قال الله تعالى{وَلنْ يَجْعَل الله للْكَافِرِينَ على الْمُؤمنِينَ سَبِيلا} قال ابن حزم: والخلافة أعظم السَّبِيل .

ولأمره تَعَالَى بإصغار أهل الْكتاب وَأَخذهم بأَدَاء الْجِزْيَة وَقتل من لم يكن من أهل الْكتاب حَتَّى يسلمُوا.الفصل (  4/128 )

ولقول الله تعالى { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا (59) } [النساء: 59]  فدلت الآية على أن مستحقي الطاعة ألوا الأمر من المؤمنين فأما من لم يكن منهم فلا ولاية له عليهم ولا طاعة.

قال الماوردي:   فَفَرَضَ عَلَيْنَا طَاعَةَ أُولِي الْأَمْرِ فِينَا، وَهُمُ الْأَئِمَّةُ الْمُتَأَمِّرُونَ عَلَيْنَا.(1/7)الأحكام

وأما الإجماع فقد أجمع العلماء على اشتراط الإسلام لصحة تولى جميع الولايات.

قال ابن حزم  في مراتب الإجماع :واتفقوا أن الإمامة لاتجوز لامرأة ولالكافر .(1/293)

وقال القاضي عياض أجمع العلماء على أن الإمامة لا تنعقد لكافر وعلى أنه لو طرأ عليه الكفر انعزل قال وكذا لو ترك إقامة الصلوات والدعاء إليها. شرح النووي على مسلم (12/ 229)

ونقل ابن  بطال عن أبى بكر الطيب الإجماع  فيما إذا ظهر من الإمام ما يوجب كفره بعد توليه  وجب خلعه من منصبه   

قال أبو بكر بن الطيب: أجمعت الأمة أنه يوجب خلع الإمام وسقوط فرض طاعته كفره بعد الإيمان، وتركه إقامة الصلاة والدعاء إليها. شرح صحيح البخاري لابن بطال (8/ 215)

ونقل ابن القيم عن

 ابْنِ الْمُنْذِرِ قوله : أَجْمَعَ كُلُّ مَنْ يُحْفَظُ عَنْهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّ الْكَافِرَ لَا وِلَايَةَ لَهُ عَلَى مُسْلِمٍ بِحَالٍ. أحكام أهل الذمة (2/ 787)

الشرط الثاني الحرية

اتفق العلماء على عدم صحة تولى العبد الولاية العامة  

قال ابن بطال :وإنما أجمعت الأمة  على أنه لا يجوز أن تكون الإمامة في العبيد.(8/215)شرح البخاري 

وعللوا ذلك لشغله بخدمة سيده ولأن نقص العبد عن ولاية نفسه يمنع من انعقاد ولايته على غيره .فتح الباري (13/122)ومغنى المحتاج (4/130)

و قال الماوردي:

 لِأَنَّ نَقْصَ الْعَبْدِ عَنْ وِلَايَةِ نَفْسِهِ يَمْنَعُ مِنِ انْعِقَادِ وِلَايَتِهِ عَلَى غَيْرِهِ؛ وَلِأَنَّ الرِّقَّ لَمَّا مَنَعَ مِنْ قَبُولِ الشَّهَادَةِ كَانَ أَوْلَى أَنْ يَمْنَعَ مِنْ نُفُوذِ الْحُكْمِ وَانْعِقَادِ الْوِلَايَةِ. الأحكام السلطانية للماوردي (ص: 111)

لكن ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أثبت الإمامة للعبد وليس العبد فقط وإنما العبد الحبشي كما عند البخاري من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اسمعوا وأطيعوا، وإن استعمل عليكم عبد حبشي، كأن رأسه زبيبة»(خ 7142)

 فكيف نوجه هذا الحديث؟

نقل ابن دقيق العيد الرد وتوجيه هذا الحديث فقال :

قال بعض   العلماء: العبد لا يكون والياًَ ولكن ضرب به المثل على التقدير وإن لم يكن، كقوله صلى الله عليه وسلم: "من بنى لله مسجداً كمفحص قطاة بنى الله له بيتا في الجنة"  ومفحص قطاة لا يكون مسجداً ولكن الأمثال يأتي فيها مثل ذلك.

 ويحتمل أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر بفساد الأمر ووضعه في غير أهله حتى توضع الولاية في العبيد فإذا كانت فاسمعوا وأطيعوا تغليباً لأهون الضررين وهو الصبر على ولاية من لا تجوز ولايته لئلا يفضي إلى فتنة عظيمة. شرح الأربعين النووية لابن دقيق العيد (ص: 97)

الشرط الثالث:العقل

وتعريفه: "ملكة يتأتى بها درك المعلومات.(الأشباه والنظائر2/17)

ولا خلاف بين العلماء في اشتراط العقل لصحة تولى الولاية العامة لأن المجنون غير مكلف شرعا لأن العقل مناط التكليف ولأنه محجور عليه في التصرف ويحتاج إلى من يلي أمره فلا يلي أمر غيره من باب أولى .

واستدلوا بحديث عائشة   عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: " رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلَاثٍ: عَنِ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ، وَعَنِ الصَّبِيِّ حَتَّى يَحْتَلِمَ، وَعَنِ الْمَجْنُونِ حَتَّى يَعْقِلَ " صحيح، ابن ماجة (2041) //، الإرواء (297) ، صحيح الجامع (3513)

قال ابن حزم :اتفقوا أن الإمامة لا تجوز لامرأة ولا لكافر ولا لصبى لم يبلغ وأنه لايجوز أن يعقد لمجنون.مراتب الإجماع (1/292)

الشرط الرابع البلوغ

أجمع العلماء على اشتراط البلوغ لصحة تولى جميع الولايات لأن الصغير محتاج إلى من يلي أمره فلا يصح أن يلي أمر المسلمين .

قال الشوكاني : السيل الجرار المتدفق على حدائق الأزهار (ص: 936)

وأما اشتراط أن يكون مكلفا فوجهه واضح لأن الصغير لا يصلح لتدبير أمور المسلمين بل لم يصلح لتدبير أمر نفسه فكيف يصلح لتدبير أمر غيره؟!

و استدلوا على ذلك بحديث عَائِشَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: " رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلَاثٍ: عَنِ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ، وَعَنِ الصَّبِيِّ حَتَّى يَحْتَلِمَ، وَعَنِ الْمَجْنُونِ حَتَّى يَعْقِلَ "

وبعضهم استدل بما رواه أبو هريرة -رضي الله تعالى عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "تعوذوا بالله من رأس السبعين، وإمارة الصبيان"، رواه أحمد بإسناد  ضعيف لجهالة أبي صالح -وهو المؤذن مولى ضباعة- ضعفه الألباني في ضعيف الجامع(6461) وصححه موقوفا على أبي هريرة: أنه كان يَتَعَوَّذُ مِنْ إِمَارَةِ الصِّبْيَانِ وَالسُّفَهَاءِ،

راجع السلسلة الصحيحة (3191)

 قال النووي: روضة الطالبين وعمدة المفتين (11/ 96)

الْخَامِسُ: التَّكْلِيفُ، فَلَا يَصِحُّ تَوْلِيَةُ الصَّبِيِّ.

الشرط الخامس الذكورة:

فلا تنعقد الإمامة لامرأة إجماعا والدليل قول الله تعالى : (الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض) النساء /34 فعموم هذه الآية يدل على أن القوامة حق للرجال على النساء، فإذا كانت المرأة لا تملك الولاية على زوجها في بيتها، فمن باب أولى أن لا تملك الولاية على غيره.

ولحديث  أَبِي بَكْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «لَنْ يُفْلِحْ قَوْمٌ وَلَّوْا أَمْرَهُمْ امْرَأَةً» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ)(4425)و(7099)

قال ابن الجوزي:وَفِي الحَدِيث دَلِيل على أَن الْمَرْأَة لَا تلِي الْإِمَارَة وَلَا الْقَضَاء وَلَا عقد النِّكَاح. كشف المشكل من حديث الصحيحين (2/ 16)لابن الجوزي.

فال الصنعاني : سبل السلام (2/ 575)

 فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى عَدَمِ جَوَازِ تَوْلِيَةِ الْمَرْأَةِ شَيْئًا مِنْ الْأَحْكَامِ الْعَامَّةِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَإِنْ كَانَ الشَّارِعُ قَدْ أَثْبَتَ لَهَا أَنَّهَا رَاعِيَةٌ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إلَى جَوَازِ تَوْلِيَتِهَا الْأَحْكَامَ إلَّا الْحُدُودَ. وَذَهَبَ ابْنُ جَرِيرٍ إلَى جَوَازِ تَوْلِيَتِهَا مُطْلَقًا.

قال الإمام البغوي  :

اتفقوا على أن المرأة لا تصلح أن تكون إماماً ولا

قاضياً ، لأن الإمام يحتاج إلى الخروج لإقامة أمر الجهاد ، والقيام بأمور

المسلمين ، والقاضي يحتاج إلى البروز لفصل الخصومات ، والمرأة عورة

لا تصلح للبروز ، وتعجز لضعفها عند القيام بأكثر الأمور ، ولأن المرأة

ناقصة ، والإمامة والقضاء من كمال الولايات ، فلا يصلح لها إلا الكامل

من الرجال ، ولا يصلح لهما الأعمى ، لأنه لا يمكنه التمييز بين الخصوم. شرح السنة ـ للإمام البغوى (10/ 77)

قال ابن حزم :واتفقوا أن الإمامة لا تجوز لامرأة.(مراتب الإجماع 1/ 293)

وقال الفصل في الملل والأهواء والنحل (4/ 129)

 وَلَا خلاف بَين أحد فِي أَنَّهَا لَا تجوز لامْرَأَة.

وبعضهم علل

 أَن الإِمَام لَا يَسْتَغْنِي عَن الاختلاط بِالرِّجَالِ والمشاورة مَعَهم فِي الْأُمُور وَالْمَرْأَة مَمْنُوعَة من ذَلِك وَلِأَن الْمَرْأَة نَاقِصَة فِي أَمر نَفسهَا حَتَّى لَا تملك النِّكَاح فَلَا تجْعَل إِلَيْهَا الْولَايَة على غَيرهَا. مآثر الأناقة في معالم الخلافة (1/ 32)

ويلحق بالمرأة من كان في حكمها كالخنثى

قال الرملي:والخنثى ملحق بها احتياطا فلا تصح ولايته. نهاية المحتاج (7/ 409)

الشرط السادس العلم أو الاجتهاد.

اشترط العلماء فيمن يتولى أمر المسلمين أن يكون عالما بالأحكام الشرعية و مصادرها.

قال إمام الحرمين :وهذا متفق عليه.الإرشاد إلى قواطع الأدلة (426)

لكن إلى أي حد ينبغي أن يصل هذا العلم؟

فقال الشافعي يجب أن يكون من أهل الاجتهاد. المجموع شرح المهذب (20/ 150)

قال الشاطبي:إِنَّ الْعُلَمَاءَ نَقَلُوا الِاتِّفَاقَ عَلَى أَنَّ الْإِمَامَةَ الْكُبْرَى لَا تَنْعَقِدُ إِلَّا لِمَنْ نَالَ رُتْبَةَ الِاجْتِهَادِ وَالْفَتْوَى فِي عُلُومِ الشَّرْعِ،الاعتصام للشاطبي (ص: 624)

قال الماوردي: الأحكام السلطانية (1/ 5)

: الْعِلْمُ الْمُؤَدِّي إلَى الِاجْتِهَادِ فِي النَّوَازِلِ وَالْأَحْكَامِ .

قال الرملي:

مجتهدا كالقاضي وأولى بل حكي فيه الإجماع.نهاية المحتاج(7/409)

قال ابن خلدون :ولا يكفى من العلم إلا أن يكون مجتهدا لأن التقليد نقص والإمامة تستدعى الكمال فى الأوصاف والأحوال .المقدمة(161)

لكن يبدوا أن الإمام الشوكاني يرى أن هذا من التعسف والتشدد لذلك قال : السيل الجرار المتدفق على حدائق الأزهار (ص: 938) أقول: المقصود من نصب الأئمة هو تنفيذ أحكام الله عزوجل وجهاد أعداء الإسلام وحفظ البيضة الإسلامية ودفع من أرادها بمكر والأخذ على يد الظالم وإنصاف المظلوم وتأمين السبل وأخذ الحقوق الواجبة على ما اقتضاه الشرع ووضعها في مواضعها الشرعية فمن بايعه المسلمون وقام بهذه الأمور فقد تحمل أعباء الإمامة فإن انضم له إلى هذه الإمامة كونه إماما في العلم مجتهدا مطلقا في مسائله فلا شك ولا ريب أنه أنهض من الإمام الذي لم يبلغ رتبة الاجتهاد لأنه يورد الأمور ويصدرها عن علو ولكن لا دليل على أنه لا يولي الأمر إلا من كان بهذه المنزلة من الكمال وفي هذه الغاية القصوى من محاسن الخصال وليس النزاع في الأكمل ولا في الأفضل بل المراد فيمن يصلح لتولي هذا المنصب.

ثم قال:والحاصل أنه لا دليل في المقام يوجب علينا اشتراط اجتهاد الأئمة حتى يجب المصير إليه ولا إجماع حتى يكون التعويل عليه وليس في المقام إلا مجرد المجادلة بمباحث راجعة إلى الرأي البحت كما يعرف ذلك من يعرفه وما أهون مثلها على المحققين من علماء الدين المتقيدين بالدليل المحكمين للشرع.

الشرط السابع (العدالة)

وَالْعَدَالَةُ هَيْئَةٌ رَاسِخَةٌ فِي النَّفْسِ تَحُثُّ عَلَى مُلَازَمَةِ التَّقْوَى بِاجْتِنَابِ الْكَبَائِرِ وَتَوَقِّي الصَّغَائِرِ وَالتَّحَاشِي عَنْ الرَّذَائِلِ الْمُبَاحَةِ. معين الحكام فيما يتردد بين الخصمين من الأحكام (ص: 71)أبوا لحسن الطرابلسي الحنفي

وَقَالَ بَعْضُهُمْ: الْمُرَادُ بِهَا الِاعْتِدَالُ فِي الْأَحْوَالِ الدِّينِيَّةِ، وَذَلِكَ بِأَنْ يَكُونَ ظَاهِرُ الْأَمَانَةِ عَفِيفًا عَنْ الْمَحَارِمِ مُتَوَقِّيًا عَنْ الْمَآثِمِ بَعِيدًا مِنْ الرَّيْبِ مَأْمُونًا فِي الرِّضَا وَالْغَضَبِ. الأحكام السلطانية للماوردي (ص: 112)

وقال ابن تيمية: السياسة الشرعية في إصلاح الراعي والرعية (ص: 111)

 ذَكَرَ الْفُقَهَاءُ: أَنَّ الْعَدَالَةَ هِيَ الصَّلَاحُ فِي الدِّينِ وَالْمُرُوءَةُ؛ بِاسْتِعْمَالِ مَا يُجَمِّلُهُ وَيُزَيِّنُهُ، وَتَجَنُّبِ مَا يُدَنِّسُهُ وَيَشِينُهُ.

وهي معتبرة في كل ولاية عند جمهور الفقهاء.الأحكام السلطانية للماوردي (ص: 112)

قال النووي: روضة الطالبين وعمدة المفتين (11/ 96)

 فَلَا يَصِحُّ تَوْلِيَةُ فَاسِقٍ وَلَا كَافِرٍ وَلَوْ عَلَى الْكُفَّارِ.

قال القرطبي في تفسير قول الله تعالى :" لَا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ".

اسْتَدَلَّ جَمَاعَةٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ بِهَذِهِ الْآيَةِ عَلَى أَنَّ الْإِمَامَ يَكُونُ مِنْ أَهْلِ الْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَالْفَضْلِ مَعَ الْقُوَّةِ عَلَى الْقِيَامِ بِذَلِكَ، وَهُوَ الَّذِي أَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَلَّا يُنَازِعُوا الْأَمْرَ أَهْلَهُ، عَلَى مَا تَقَدَّمَ  مِنَ الْقَوْلِ فِيهِ. فَأَمَّا أَهْلُ الْفُسُوقِ وَالْجَوْرِ وَالظُّلْمِ فَلَيْسُوا لَهُ بِأَهْلٍ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى:" لَا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ". تفسير القرطبي (2/ 108)

ولماذا اشترطوا العدالة؟

قال الشوكاني: السيل الجرار المتدفق على حدائق الأزهار (ص: 938)

فإن من لا عدالة له لا يؤمن على نفسه فضلا عن أن يؤمن على عباد الله ويوثق به في تدبير دينهم ودنياهم ومعلوم أن وازع الدين وعزيمة الورع لا تتم أمور الدين والدنيا إلا بها ومن لم يكن كذلك خبط في الضلالة وخلط في الجهالة واتبع شهوات نفسه وآثرها على مراضي الله ومراضي عباده لأنه مع عدم تلبسه بالعدالة وخلوه من صفات الورع لا يبالي بزواجر الكتاب والسنة ولا يبالي أيضا بالناس

ماذا نفعل إن لم نجد عدلا ممن تقدم لها أو اختير لذلك ؟

إذَا تَعَذَّرَتْ الْعَدَالَةُ فِي الْأَئِمَّةِ وَالْحُكَّامِ قَدَّمْنَا أَقَلَّهُمْ فِسْقًا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَهُوَ مُتَعَيِّنٌ إذْ لَا سَبِيلَ إلَى تَرْكِ النَّاسِ فَوْضَى أَيْ لَا إمَامَ لَهُمْ. حاشية البجيرمي على الخطيب = تحفة الحبيب على شرح الخطيب (4/ 235)

قال بحرق الحميرى:وكذا يجوز لأهل الحلّ والعقد عند فقد الكامل نصب فاقد لبعض الشّرائط السّابقة، دفعا للمفاسد الّتي لا تندفع إلّا بنصب الأئمّة- وبعض الشّرّ أهون من بعض- والله يعلم المفسد من المصلح. حدائق الأنوار ومطالع الأسرار في سيرة النبي المختار (ص: 402)

الشرط التاسع : الشَّجَاعَةُ وَالنَّجْدَةُ الْمُؤَدِّيَةُ إلَى حِمَايَةِ الْبَيْضَةِ وَجِهَادِ الْعَدُوّ.

قال ابن خلدون فى تاريخ ابن خلدون (1/ 242)

وأمّا الكفاية فهو أن يكون جريئا على إقامة الحدود واقتحام الحروب بصيرا بها كفيلا يحمل النّاس عليها عارفا بالعصبيّة وأحوال الدّهاء قويّا على معاناة السّياسة ليصحّ له بذلك ما جعل إليه من حماية الدّين وجهاد العدوّ وإقامة الأحكام وتدبير المصالح.

وما أحسن ما قال الشوكاني: السيل الجرار المتدفق على حدائق الأزهار (ص: 939)

أقول: لا بد أن يكون مع الإمام من قوة القلب وشدة البأس ما يحمله على مناجزة الأعداء ومثاغرة الخارجين على الإسلام فإن كان من الجبن بمكان يمنعه عن ذلك فقد أصيب بسبب هذه الغريزة التي يبغضها الله بفقدان أعظم المقاصد من إمامته لأنه يتنكب عن مواطن القتال ويضعف عن مصابرة النزال فيسري جبنه إلى غيره وتعم بذلك البلوى ويتسلط على المسلمين الأعداء ومع هذا فقد يحمله جبنه وضعف قلبه على عدم إقامة الحدود والقصاص والتنكيل بمن سعى في الأرض فسادا وضرب أعناق من أوجب الشرع ذلك عليه وإن كانوا عددا جما فمن كان معروفا بهذه الغريزة لا يجوز لأهل الحل والعقد أن يبايعوه وإذا ابتلوا بمبايعته فلا يجوز لهم أن يتابعوه في فشله وجبنه بل يقيمونه يوقومون معه فإن قعوده عن الحرب في الوقت الذي تحق فيه الحرب يفضي بالمسلمين إلى الضرر العظيم في أبدانهم وأموالهم وحرمهم.

*ـ أقول وكأن هذا الإمام يوصف لنا حال الأمة الآن التي ابتليت بثلة من الجرذان فتصدروا  وترأسوا فجبنوا عن مثابرة الأعداء وعطلوا الجهاد وأهملوا الثغور فتجرأ الصغير والحقير من أخوان القردة والخنازير على حرم الأمة الذي كان محرما عليهم مسه أو الاقتراب منه ولكنه حب الدنيا وكراهية الموت ......فصار الحال كما ترى والله حسبنا ونعم الوكيل

قَالَ بعض الْحُكَمَاء: ألف ثَعْلَب يَقُودهَا أَسد، خير من ألف أَسد يَقُودهَا ثَعْلَب.

 وكما قيل:(إِذا كَانَ فِي ألفٍ من الْقَوْم فارسٌ ... مطاعٌ فإنّ الْقَوْم فِي ألف فَارس) تحرير الأحكام في تدبير أهل الإسلام (ص: 85)

الشرط  العاشر:الكفاية الجسمية

  وهى سلامة الحواس من السمع والبصر واللسان لأن الاختلال الواقع في تلك الأعضاء أو الحواس يؤدي إلى العجز عن كمال التصرف، ويفضي إلى الخلل في قيام ذي الولاية العامة بما جعل وأسند إليه القيام به من الواجبات.

قال الماوردى : الأحكام السلطانية للماوردي (ص: 19)

وَالثَّالِثُ: سَلَامَةُ الْحَوَاسِّ مِنْ السَّمْعِ وَالْبَصَرِ وَاللِّسَانِ؛ لِيَصِحَّ مَعَهَا مُبَاشَرَةُ مَا يُدْرَكُ بِهَا.

قال أبو المعالى الجوينى :

فَأَمَّا الْقَوْلُ فِي الْحَوَاسِّ، وَذِكْرُ مَا فِيهَا مِنَ الْخِلَافِ وَالْوِفَاقِ بَيْنَ النَّاسِ، فَنَحْنُ نُوَضِّحُ مَا يُزِيلُ دَوَاعِيَ الِالْتِبَاسِ.

فَأَمَّا الْبَصَرُ، فَلَا خِلَافَ فِي اشْتِرَاطِهِ ; لِأَنَّ فَقْدَهُ مَانِعُ الِانْتِهَاضِ فِي الْمُلِمَّاتِ وَالْحُقُوقِ، وَيَجُرُّ ذَلِكَ إِلَى الْمُعْضِلَاتِ عِنْدَ مَسِيسِ الْحَاجَاتِ، وَالْأَعْمَى لَيْسَ لَهُ اسْتِقْلَالٌ بِمَا يَخُصُّهُ مِنَ الْأَشْغَالِ، فَكَيْفَ يَتَأَتَّى مِنْهُ تَطَوُّقُ عَظَائِمِ الْأَعْمَالِ؟ ، وَلَا يُمَيِّزُ بَيْنَ الْأَشْخَاصِ فِي مَقَامِ التَّخَاطُبِ، وَانْعِقَادُ الْإِجْمَاعِ يُغْنِي عَنِ الْإِطْنَابِ،  وَمِمَّا نَشْتَرِطُ مِنَ الْحَوَاسِّ السَّمْعُ، فَالْأَصَمُّ الَّذِي يَعْسُرُ جِدًّا سَمَاعُهُ لَا يَصْلُحُ لِهَذَا الْمَنْصِبِ الْعَظِيمِ ; لِمَا سَبَقَ تَقْرِيرُهُ فِي الْبَصَرِ.

 وَمِمَّا يَلْتَحِقُ بِمَا ذَكَرْنَاهُ نُطْقُ اللِّسَانِ ; فَالْأَخْرَسُ لَا يَصْلُحُ لِهَذَا الشَّأْنِ. غياث الأمم في التياث الظلم (ص: 77)

قال ابن خلدون فى تاريخ ابن خلدون (1/ 242)

وأمّا سلامة الحواسّ والأعضاء من النّقص والعطلة كالجنون والعمى والصّمم والخرس وما يؤثّر فقده من الأعضاء في العمل كفقد اليدين والرّجلين والأنثيين فتشترط السّلامة منها كلّها لتأثير ذلك في تمام عمله وقيامه بما جعل إليه.

الشرط  الحادي عشر:الكفاية والرأي

 والمقصود من هذا الشرط أن يكون الإمام ذا رأى سديد في تدبير الأمور ليتمكن من سياسة الرعية وتدبير مصالحهم الدينية والدنيوية  بحيث تتوفر عنده المقدرة السياسية والحربية والفكرية والصرامة والشفقة والدهاء وغير ذلك مما يلزم

قال ابن جماعة فى  معنى الكفاية:  قُوَّة النَّفس بِالْحَقِّ، وَحسن التَّصَرُّف فِي الحكم، وسياسة النَّاس فِيهِ.تحرير الأحكام في تدبير أهل الإسلام (ص: 89)

قال أبو المعالى الجوينى : غياث الأمم في التياث الظلم (ص: 78)

 فَإِنَّ تَعْوِيلَ الْإِمَامَةِ عَلَى الْكِفَايَةِ وَالنَّجْدَةِ، وَالدِّرَايَةِ وَالْأَمَانَةِ.

فال القلقشندى:

فَلَا تَنْعَقِد إِمَامَة ضَعِيف الرأي لِأَن الْحَوَادِث الَّتِي تكون فِي دَار الإسلام ترفع إِلَيْهِ وَلَا يتَبَيَّن لَهُ طَرِيق الْمصلحَة إِلَّا إِذا كَانَ ذَا رأى صَحِيح وتدبير سَائِغ. مآثر الإنافة في معالم الخلافة (1/ 37)

 

 قال السفارينى: -

(وَشَرطه الْإِسْلَام وَالْحريَّة ... عَدَالَة سمع مَعَ الدرية)

(وَأَن يكون من قُرَيْش عَالما ... مُكَلّفا ذَا خبْرَة وحاكما) [27]

 

هل تجوز إمامة المفضول مع وجود الفاضل؟

قال الماوردي:

وَقَالَ الْأَكْثَرُ مِنَ الْفُقَهَاءِ وَالْمُتَكَلِّمِينَ: تَجُوزُ إمَامَتُهُ وَصَحَّتْ بَيْعَتُهُ، وَلَا يَكُونُ وُجُودُ الْأَفْضَلِ مَانِعًا مِنْ إمَامَةِ الْمَفْضُولِ إذَا لَمْ يَكُنْ مُقَصِّرًا عَنْ شُرُوطِ الْإِمَامَةِ. الأحكام السلطانية للماوردي (ص: 27)

ماصيغة المبايعة للإمام؟

بايع عبدا لرحمن بن عوف عثمان قائلا: أُبَايِعُكَ عَلَى سُنَّةِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ، وَالخَلِيفَتَيْنِ مِنْ بَعْدِهِ.خ(7207)

وعن عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دِينَارٍ، قَالَ: لَمَّا بَايَعَ النَّاسُ عَبْدَ المَلِكِ كَتَبَ إِلَيْهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ: إِلَى عَبْدِ اللَّهِ عَبْدِ المَلِكِ أَمِيرِ المُؤْمِنِينَ «إِنِّي أُقِرُّ بِالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ لِعَبْدِ اللَّهِ عَبْدِ المَلِكِ أَمِيرِ المُؤْمِنِينَ عَلَى سُنَّةِ اللَّهِ وَسُنَّةِ رَسُولِهِ، فِيمَا اسْتَطَعْتُ، وَإِنَّ بَنِيَّ قَدْ أَقَرُّوا بِذَلِكَ»

خ(7205)

قال ابن جماعة : وَصفَة الْبيعَة أَن يُقَال: " بايعناك راضين على إِقَامَة الْعدْل وَالْقِيَام بفروض الْإِمَامَة على كتاب الله وَسنة رَسُوله [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] ". وَلَا تفْتَقر إِلَى الصفق بِالْيَدِ بل يَكْفِي فِيهِ القَوْل.[28]

قال محمد رشيد رضا: الخلافة (ص: 32)

الْإِمَامَة عقد تحصل بالمبايعة من أهل الْحل وَالْعقد لمن اختاروه إِمَامًا للْأمة بعد التشاور بَينهم، وَالْأَصْل فِي الْبيعَة أَن تكون على الْكتاب وَالسّنة وَإِقَامَة الْحق وَالْعدْل من قبله وعَلى السّمع وَالطَّاعَة فِي الْمَعْرُوف من قبلهم.

ما يجب على الأمة بالمبايعة

قال الماوردى : الأحكام السلطانية للماوردي (ص: 42)

وَإِذَا قَامَ الْإِمَامُ بِمَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ حُقُوقِ الْأُمَّةِ، فَقَدْ أَدَّى حَقَّ اللَّهِ تَعَالَى فِيمَا لَهُمْ وَعَلَيْهِمْ، وَوَجَبَ لَهُ عَلَيْهِمْ حَقَّانِ: الطَّاعَةُ1 وَالنُّصْرَة  مَا لَمْ يَتَغَيَّرْ حَالُهُ.

قال ابن جماعة : تحرير الأحكام في تدبير أهل الإسلام (ص: 61)

حُقُوق السُّلْطَان:

فَالْحق الأول:

بذل الطَّاعَة لَهُ ظَاهرا وَبَاطنا، فِي كل مَا يَأْمر بِهِ أَو ينْهَى عَنهُ، إِلَّا أَن يكون مَعْصِيّة؛ قَالَ الله تَعَالَى: {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا أطِيعُوا الله وَأَطيعُوا الرَّسُول وأولي الْأَمر مِنْكُم} .

وأولو الْأَمر هم: الإِمَام ونوابه عِنْد الْأَكْثَرين. وَقيل: هم الْعلمَاء. وَقَالَ النَّبِي [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] : " السّمع وَالطَّاعَة على الْمُسلم فِيمَا أحب أَو كره مَا لم يُؤمر بِمَعْصِيَة ". فقد أوجب الله تَعَالَى وَرَسُوله: طَاعَة ولي الْأَمر، وَلم يستثنِ مِنْهُ سوى الْمعْصِيَة، فَبَقيَ مَا عداهُ على الِامْتِثَال.

الْحق الثَّانِي: بذل النَّصِيحَة لَهُ سرا وَعَلَانِيَة. قَالَ رَسُول الله [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] : " الدّين النَّصِيحَة " قَالُوا: لمن؟  " قَالَ لله، وَلِرَسُولِهِ، ولأئمة الْمُسلمين، وعامتهم ".

 الْحق الثَّالِث:

الْقيام بنصرتهم بَاطِنا وظاهراً ببذل المجهود فِي ذَلِك لما فِيهِ نصر الْمُسلمين وَإِقَامَة حُرْمَة الدّين، وكف أَيدي الْمُعْتَدِينَ.

الْحق الرَّابِع: أَن يعرف لَهُ عَظِيم حَقه، وَمَا يجب من تَعْظِيم قدره، فيعامل بِمَا يجب لَهُ من الاحترام وَالْإِكْرَام، وَمَا جعل الله تَعَالَى لَهُ من الإعظام، وَلذَلِك كَانَ الْعلمَاء الْأَعْلَام من أَئِمَّة الْإِسْلَام يعظمون حرمتهم، ويلبون دعوتهم مَعَ زهدهم وورعهم وَعدم الطمع فِيمَا لديهم، وَمَا يَفْعَله بعض المنتسبين إِلَى الزّهْد من قلَّة الْأَدَب مَعَهم، فَلَيْسَ من السّنة.

الْحق الْخَامِس: إيقاظه عِنْد غفلته، وإرشاده عِنْد هفوته، شَفَقَة عَلَيْهِ، وحفظاً لدينِهِ وَعرضه، وصيانةً لما جعله الله إِلَيْهِ من الْخَطَأ فِيهِ.

الْحق السَّادِس:تحذيره من عَدو يَقْصِدهُ بِسوء، وحاسد يرومه بأذى، أَو خارجي يخَاف عَلَيْهِ مِنْهُ، وَمن كل شَيْء يخَاف عَلَيْهِ مِنْهُ على اخْتِلَاف أَنْوَاع ذَلِك وأجناسه، فَإِن ذَلِك من آكِد حُقُوقه وأوجبها.

 الْحق السَّابِع:

إِعْلَامه بسيرة عماله: الَّذين هُوَ مطَالب بهم، ومشغول الذِّمَّة بسببهم لينْظر لنَفسِهِ فِي خلاص ذمَّته، وللأمة فِي مصَالح ملكه ورعيته.

الْحق الثَّامِن: إعانته على مَا تحمله من أعباء الْأمة ومساعدته على ذَلِك بِقدر المكنة، قَالَ الله تَعَالَى {وتعانوا على الْبر وَالتَّقوى} وأحق من أعين على ذَلِك وُلَاة الْأُمُور.

الْحق التَّاسِع:رد الْقُلُوب النافرة عَنهُ إِلَيْهِ، وَجمع محبَّة النَّاس عَلَيْهِ؛ لما فِي ذَلِك من مصَالح الْأمة وانتظام أُمُور الْملَّة.

الْحق الْعَاشِر:

الذب عَنهُ بالْقَوْل وَالْفِعْل، وبالمال وَالنَّفس والأهل فِي الظَّاهِر   وَالْبَاطِن، والسر وَالْعَلَانِيَة. وَإِذا وفت الرّعية بِهَذِهِ الْحُقُوق الْعشْرَة الْوَاجِبَة، وأحسنت الْقيام بمجامعها والمراعاة لموقعها، صفت الْقُلُوب، وأخلصت، وَاجْتمعت الْكَلِمَة وانتصرت.

ما يجب على الإمام إذا تمت بيعته

قال الماوردى : الأحكام السلطانية للماوردي (ص: 40)

"مهام الخليفة ومسئولياته":

وَاَلَّذِي يَلْزَمُهُ مِنَ الْأُمُورِ الْعَامَّةِ عَشَرَةُ أَشْيَاءَ:

أَحَدُهَا: حِفْظُ الدِّينِ عَلَى أُصُولِهِ الْمُسْتَقِرَّةِ، وَمَا أَجْمَعَ عَلَيْهِ سَلَفُ الْأُمَّةِ، فَإِنْ نَجَمَ مُبْتَدِعٌ أَوْ زَاغَ ذُو شُبْهَةٍ عَنْهُ، أَوْضَحَ لَهُ الْحُجَّةَ، وَبَيَّنَ لَهُ الصَّوَابَ، وَأَخَذَهُ بِمَا يَلْزَمُهُ مِنَ الْحُقُوقِ وَالْحُدُودِ؛ لِيَكُونَ الدِّينُ مَحْرُوسًا مِنْ خَلَلٍ، وَالْأُمَّةُ مَمْنُوعَةً مِنْ زَلَلٍ.

الثَّانِي: تَنْفِيذُ الْأَحْكَامِ بَيْنَ الْمُتَشَاجِرِينَ، وَقَطْعُ الْخِصَامِ بَيْنَ الْمُتَنَازِعِينَ حَتَّى تَعُمَّ النَّصَفَةُ، فَلَا يَتَعَدَّى ظَالِمٌ، وَلَا يَضْعُفُ مَظْلُومٌ.

الثَّالِثُ: حِمَايَةُ الْبَيْضَةِ وَالذَّبُّ عَنِ الْحَرِيمِ؛ لِيَتَصَرَّفَ النَّاسُ فِي الْمَعَايِشِ، وَيَنْتَشِرُوا فِي الْأَسْفَارِ آمِنِينَ مِنْ تَغْرِيرٍ بِنَفْسٍ أَوْ مَالٍ.

وَالرَّابِعُ: إقَامَةُ الْحُدُودِ؛ لِتُصَانَ مَحَارِمُ اللَّهِ تَعَالَى عَن الِانْتِهَاكِ، وَتُحْفَظَ حُقُوقُ عِبَادِهِ مِنْ إتْلَافٍ وَاسْتِهْلَاكٍ.

وَالْخَامِسُ: تَحْصِينُ الثُّغُورِ بِالْعُدَّةِ الْمَانِعَةِ وَالْقُوَّةِ الدَّافِعَةِ حَتَّى لَا تَظْفَرَ الْأَعْدَاءُ بِغِرَّةٍ يَنْتَهِكُونَ فِيهَا مُحَرَّمًا، أَوْ يَسْفِكُونَ فِيهَا لِمُسْلِمٍ أَوْ مُعَاهَدٍ دَمًا.

وَالسَّادِسُ: جِهَادُ مَنْ عَانَدَ الْإِسْلَامَ بَعْدَ الدَّعْوَةِ حَتَّى يُسْلِمَ أَوْ يَدْخُلَ فِي الذِّمَّةِ؛ لِيُقَامَ بِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى فِي إظْهَارِهِ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ.

وَالسَّابِعُ: جِبَايَةُ الْفَيْءِ وَالصَّدَقَاتِ عَلَى مَا أَوْجَبَهُ الشَّرْعُ نَصًّا وَاجْتِهَادًا مِنْ غَيْرِ خَوْفٍ وَلَا عَسْفٍ.

وَالثَّامِنُ: تَقْدِيرُ الْعَطَايَا وَمَا يَسْتَحِقُّ فِي بَيْتِ الْمَالِ مِنْ غَيْرِ سَرَفٍ وَلَا تَقْتِيرٍ، وَدَفْعُهُ فِي وَقْتٍ لَا تَقْدِيمَ فِيهِ وَلَا تَأْخِيرَ.

التَّاسِعُ: اسْتِكْفَاءُ الْأُمَنَاءِ وَتَقْلِيدُ النُّصَحَاءِ فِيمَا يُفَوَّضُ إلَيْهِمْ مِنَ الْأَعْمَالِ وَيَكِلُهُ إلَيْهِمْ مِنَ الْأَمْوَالِ؛ لِتَكُونَ الْأَعْمَالُ بِالْكَفَاءَةِ مَضْبُوطَةً، وَالْأَمْوَالُ بِالْأُمَنَاءِ مَحْفُوظَةً.

الْعَاشِرُ: أَنْ يُبَاشِرَ بِنَفْسِهِ مُشَارَفَةَ الْأُمُورِ، وَتَصَفُّحَ الْأَحْوَالِ؛ لِيَنْهَضَ بِسِيَاسَةِ الْأُمَّةِ وَحِرَاسَةِ الْمِلَّةِ، وَلَا يُعَوِّلُ عَلَى التَّفْوِيضِ تَشَاغُلًا بِلَذَّةٍ أَوْ عِبَادَةٍ، فَقَدْ يَخُونُ الْأَمِينُ وَيَغُشُّ النَّاصِحُ، وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {يَا دَاوُد إنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتْبَعْ الْهَوَى فَيُضِلّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ} [ص: 26] .

فَلَمْ يَقْتَصِرْ اللَّهُ سُبْحَانَهُ عَلَى التَّفْوِيضِ دُونَ الْمُبَاشَرَةِ وَلَا عَذَرَهُ فِي الِاتِّبَاعِ حَتَّى وَصَفَهُ بِالضَّلَالِ، وَهَذَا وَإِنْ كَانَ مُسْتَحَقًّا عَلَيْهِ بِحُكْمِ الدِّينِ وَمَنْصِبِ  الْخِلَافَةِ، فَهُوَ مِنْ حُقُوقِ السِّيَاسَةِ لِكُلِّ مُسْتَرْعٍ، قَالَ النَّبِيُّ -عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: "كُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ".

وَلَقَدْ أَصَابَ الشَّاعِر  فِيمَا وَصَفَ بِهِ الزَّعِيمَ الْمُدَبِّرَ حَيْثُ يَقُولُ "مِنْ الْبَسِيطِ":

وَقَلِّدُوا أَمْرَكُمْ لِلَّهِ دَرُّكُمْ ... رَحْبَ الذِّرَاعِ بِأَمْرِ الْحَرْبِ مُضْطَلِعَا

لَا مُتْرَفًا إنْ رَخَاءُ الْعَيْشِ ... سَاعَدَهُ وَلَا إذَا عَضَّ مَكْرُوهٌ بِهِ خَشَعَا

مَا زَالَ يَحْلُبُ دَرَّ الدَّهْرِ أَشْطُرَهُ ... يَكُونُ مُتَّبِعًا يَوْمًا وَمُتَّبَعَا

حَتَّى اسْتَمَرَّ عَلَى شَزْرٍ مَرِيرَتُهُ ... مُسْتَحْكَمِ الرَّأْيِ لَا فَخْمًا وَلَا ضَرَعَا.

وبنحو هذا الكلام لابن جماعة مع بعض الزيادات

 وقد زاد :

الْعدْل فِي سُلْطَانه، وسلوك موارده فِي جَمِيع شَأْنه. قَالَ تَعَالَى {إِن الله يَأْمر بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَان} . وَقَالَ تَعَالَى: {وَإِذا قُلْتُمْ فاعدلوا} وَفِي كَلَام الْحِكْمَة: عدل الْملك حَيَاة الرّعية، وروح المملكة، فَمَا بَقَاء جَسَد لَا روح فِيهِ. فَيجب على من حكّمه الله تَعَالَى فِي عباده، وملّكه شَيْئا من بِلَاده، أَن يَجْعَل الْعدْل أصل اعْتِمَاده، وَقَاعِدَة استناده، لما فِيهِ من مصَالح الْعباد وَعمارَة الْبِلَاد، وَلِأَن نعم الله يجب شكرها، وَأَن يكون الشُّكْر على قدرهَا، ونعمة الله على السُّلْطَان فَوق كل نعْمَة، فَيجب أَن يكون شكره أعظم من كل شكر.

وَأفضل مَا يشْكر بِهِ السُّلْطَان لله تَعَالَى؛ إِقَامَة الْعدْل فِيمَا حكمه فِيهِ. تحرير الأحكام في تدبير أهل الإسلام (ص: 65).



[1] النهاية في غريب الحديث والأثر (5/ 227).

[2] المحكم والمحيط الأعظم (10/ 457)

[3]  تاج العروس (40/ 245).

[4]  منتخب من صحاح الجوهري (ص: 5852)

[5]  لسان العرب(15/407).

[6] الأحكام السلطانية للماوردي (ص: 15)

[7]  المجموع شرح المهذب (19/ 191).

[8] السياسة الشرعية في إصلاح الراعي والرعية (ص: 21)

[9] غياث الأمم في التياث الظلم (ص: 22)

[10]  مجلة البيان (93/ 28)

[11]  انظر: الأحكام السلطانية للماوردي (ص: 14)

[12]  شرح النووي على مسلم (12/ 205).

[13] المقدمة الزهراء في إيضاح الإمامة الكبرى (ص: 12)

[14] نهاية المحتاج (7/ 409)، وانظر: حاشية الروض المربع (7/ 391)

[15] غياث الأمم في التياث الظلم (ص: 24)

[16] الخلافة (1/18)

[17]  السياسة الشرعية في إصلاح الراعي والرعية (ص: 51) والمنتقى من منهاج الاعتدال للذهبي(62) .

[18]  حدائق الأنوار ومطالع الأسرار في سيرة النبي المختار (ص: 398)

[19] نيل الأوطار (8/ 294)

[20]   اللباب في علوم الكتاب (7/ 332)

[21]  السياسة الشرعية في إصلاح الراعي والرعية (ص: 129)

[22]  تاريخ ابن خلدون (1/ 239).

[23] الدرة الغراء في نصيحة السلاطين والقضاة والأمراء (ص: 111)

[24]  تحرير الأحكام في تدبير أهل الإسلام (ص: 48)

[25]  وسيأتي بيان هذه الشروط.

[26] والحديث عند أحمد برقم (15798) والطبراني برقم (174) والحاكم (2/282)  وغيرهم من طريق ابن إسحاق وقد صرح بالسماع فحديثه حسن.

[27] الدرة المضية :(1/93,94)ثم شرح هذه الشروط في لوامع الأنوار(223/224)

 

عدد المشاهدات 16301