الشيخ: صفوت نور الدين


دروس ومحاضرات فضيلة الشيخ


عنوان المحاضرة / السلسلة

المسجد / المعهد

 سلسلة : شرح العقيدة الواسطية لشيخ الإسلام ابن تيميه  
 سلسلة : فضائل الصحابة  
 شرح العقيدة الواسطية [جديد]  
 فضائل الصحابة وسيرة الخلفاء الراشدين [جديد]  
 حديث الشفاعة والرد على من أنكرها  
 سلسلة بدأ الإسلام غربياً  
 سلسلة : شرح حديث ثلاث أقسم عليهن  
 دروس  ومحاضرات  
 كتب لفضيلة الشيخ صفوت نور الدين:  كتاب:القدس مسرى النبي وقبلة القلب الأبِيّ ≡ ≡  كتاب : التبرك المشروع والممنوع ≡ ≡  كتاب : حماية الله لنبيه  ≡ ≡  كتاب: الشفاعة  ≡ ≡   كتاب: بر الوالدين وفضل العتق ≡ ≡  كتاب : الوصية بصالح الأعمال ≡ ≡  كتاب : التربية بين الأصالة والتجديد ≡ ≡  كتاب : إتحاف الأنام بأحكام الصيام  ≡ ≡  مجلة التوحيد [عدد خاص] عن فضيلة الشيخ محمد صفوت نور الدين


السيرة الذاتية لفضيلة الوالد الشيخ / محمد صفوت نور الدين -رحمه الله-



هو الشيخ الهمام الفقيه الأصولي الداعية إلى الله صاحب الصوت الرقيق والقلب الخاشع واللسان الذاكر والوجه البشوش. أحد أفراد العالم وحسنات هذا الزمان فما يختلف في ذلك اثنان رفع الله ذكره في كل مكان ودارت بأحاديثه وخطبة الركبان بقية السلف في الزهد والإخلاص وحسن البيان الشيخ الجليل والداعية النبيل والعالم النحرير: أبو عبد الرحمن / محمد صفوت بن نور الدين أحمد مرسى.

ولد رحمه الله في عام ألف وتسعمائة وثلاثة وأربعين في شهر يونيه وذلك في قرية الملايقة إحدى القرى التابعة لمركز بلبيس بمحافظة الشرقية في مصر.

في أسرة عريقة محبة للسنة ووالده هو الشيخ نور الدين -رحمه الله- أحد دعائم السنة ومن الغيورين عليها وكان يرأس فرع جماعة أنصار السنة المحمدية ببلبيس وكان يعمل مدرساً حازماً يهابه الكبير قبل الصغير فتعلم من أبيه الكثير.

وفى هذه البقعة الطيبة ترعرع الشيخ حتى نضج واستوى عوده ودخل كلية التربية عن حب لمادة العلوم والكيمياء التي كان يستخدم معلوماته فيها أحيانا بعد ذلك في الدعوة إلى الله تعالى.

وفى البقعة نفسها كان يلازم أول مشايخه الذين تربى وتتلمذ على أيديهم وهو الشيخ عبد الله أحمد مرسى وهو عمه ووالد زوجه وهو أول من بدأ دعوة التوحيد في قريته ومنها كانت انطلاقة الدعوة لتعم القرى التى حولها ثم إلى محافظة الشرقية ومدنها وكان للشيخ عبد الله أكبر الأثر في توجيه وتكوين شخصيته فلازمه وصاحبه فترة طويلة من الزمن وكان الشيخ عبد الله يستقطب علماء السنة إلى هذه القرية من أمثال المشايخ: عبد الرحمن الوكيل ومحمد خليل هراس ورشاد الشافعى وغيرهم وسط طوفان الجهل الجارف والبدعة المتمكنة من النفوس.

[أما عن مشايخه فيقول:
"أما مشايخي فهم مشايخ جماعة أنصار السنة المحمدية إن كانوا في الفروع القريبة،فمنهم عمي عبد الله أحمد مرسي-رحمه الله-الذي بعث الدعوة من رقادها من المكان الذي كنا نسكن فيه،والشيخ محمد علي حسين وهو من الشيوخ القريبين منا،ولما انتقلت إلى الجامعة في القاهرة كنت أحضر الدروس التي كان يقيمها محمد خليل هراس والشيخ عبد الرحمن الوكيل والشيخ عبد الفتاح سلامة وشيوخ جماعة أنصار السنة المحمدية،وكان يتردد علينا الكثير من هؤلاء الشيوخ منهم الشيخ إبراهيم سلامة،وقد استفدنا منهم فوائد كثيرة،وكذلك رافقت الشيخ محمد علي عبد الرحيم في الفترة التي كان فيها رئيساً للجماعة،وكنت أجلس إليه جلوساً طويلاً أستفيد فيها بالفوائد العلمية الكثيرة."] *

فلاقى عنتاً ومشقة حتى علَّم الناس الدعوة الحق ولطالما ذكر الشيخ وفاة شيخه وما كتب الله له من حسن الخاتمة حيث كان على فراش الموت وهو في النزع الأخير يقرأ قوله تعالى: (لله الأمر من قبل ومن بعد ويومئذ يفرح المؤمنون) ثم قال: هذا اليوم يوم عظيم يفرح فيه المؤمن. وختم الله صحيفته بهذه الكلمة المباركة وإنها لمن البشريات.

ولأنه في هذه الفترة التي مرت بها الأمة من ضياع العلم وانتشار الجهل وفشو البدع سلك الشيخ مسلكاً علمياً يؤصل من خلاله ويسير به على درب الدعوة فكان يرحل إلى العلماء مع ندرتهم وكلما ألمت به مسألة أو استعصت عليه معضلة فزع إليهم ونهل من علمهم فكان كثير الملازمة لشيخه الشيخ / محمد خليل هراس والشيخ عبد الرحمن الوكيل وكان أستاذه فى علم الحديث الشيخ / محمد نجيب المطيعى صاحب تتمة كتاب المجموع.    

وسافر الشيخ إلى ليبيا في إعارة وذلك في أوائل السبعينيات ومكث أربع سنوات. ثم أحس أن الدعوة في مصر بحاجة بمن يقوم بها فرفض المكث أكثر من هذا وعاد إلى مصر فارساً من فرسان الدعوة.

وهكذا بدأ مع العلم والعلماء وسار على هذا الدرب لا تمر عليه ساعة إلا وهو يدرس مسألة أو يكتب بحثاً أو يجيب على فتوى فلا تخلو ساعة من أوقاته من عمل صالح.

وبينما هو يرتفع يوماً بعد يوم في المقام العلمي والدعوى إذ يلحظ من يلازمه أنه يشعر في قرارة نفسه بأنه جاهل قليل العلم فربما عرض بحثاً كتبه على تلميذ له ليدقق فيه وهو بكل تواضع شغوف غلى ما يستدركه عليه فلا يضجر من استدراك أو إضافة حتى ولو كانت من تلاميذ تلاميذه ولهذا رفعه الله كما قال عليه الصلاة والسلام (..ومن تواضع لله رفعه..).

وعند عودته من ليبيا اهتم بشئون الدعوة ومشكلات الفروع فما يسمع بمشكله فى فرع إلا سافر ليحلها ويذكر من عاصر هذه الفترة أن بعض الفروع فشا فيها (بدعة تكذيب الأحاديث) أو تحكيم العقل فى النص فتصدى لذلك - رحمه الله- وألقى عدة محاضرات حتى كشف الله الغمة ورجع معظم الناس إلى الصواب.

مكابدته لتحمل كشاق الدعوة إلى الله

كنا نشفق عليه كثيراُ من عمله الدؤوب في الدعوة إلى الله تعالى لا يستريح يوماً من محاضرة ولا يغلق بابه أو هاتفه دون أحد يلتمس منه معونة في دين أو دنيا ولا يرد سائلا أراد التعلم والاستفادة منه فربما مر عليه نصف النهار وهو لم يتناول إفطاره وقد يتناول غداءه بعد العشاء.

وأحيانا يجلس على الطعام فتأتيه الفتاوى والاستفسارات عبر الهاتف وربما طرق أحدهم الباب فيخرج لملاقته فتمر الأوقات الطويلة حتى يمل أهل البيت ثم ترفع المائدة ولم يستكمل طعامه..! بالله من يستطيع ذلك؟ اللهم إلا من رزق الإخلاص في القول والعمل.

والله كم حرم أهله منه لخروجه المتتابع في الدعوة إلى الله فكان يأتي من عمله - وكان يعمل مدرساً ثم مديراً للمدرسة الثانوية- فيذهب إلى البيت كى يستعد لمحاضرة في أحد البلاد النائية لا يستريح من عناء العمل ولو لدقائق ثم يخرج يركب القطار وهو أقل وسيلة للانتقال في مؤمنته وتكلفته فقد كان فقيراً ومع ذلك ينفق من ماله وهو في أشد الحاجة إليه فهو كما قال الله تعالى: (يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف) وهكذا كل يوم لا يستريح يوماً ولا يفتر ساعة من نهاره بل عمل واجتهاد وإنفاق للوقت والمال وكأنه والله خلق للدعوة ونشرها واصطفاه الله لنشر رسالته وبثها فكم مرض من أجلها وفارق أهله وأحبابه لبقائها ولو نظرت إلى وظائف يومه لرأيت العجب العجاب يستيقظ قبل الفجر يقرأ تفسيراً لآية أو حديث ثم ينطلق إلى بيت من بيوت الله يلقى محاضرة قد تطول في بعض الأيام إلى شروق الشمس وربما يبعد المسجد فيطوى المسافات على قدميه وهو يهرول إدراكاً للصلاة ثم يعود إلى بيته ليستريح برهة من الوقت وربما دق الهاتف أثناء ذلك فلا يغمض له جفن ثم يقوم إلى مكتبته ليبحث مسألة أو يكتب مقالاً أو يراجع بحثاً ثم ينطلق قبيل العصر وأحيانا الظهر إلى محاضرة ربما كانت في أقصى مشارق البلاد أو مغاربها وربما جمعت له محاضرتان بعد العصر وبعد المغرب فمن ذلك كان يرحل يوم الاثنين الثالث من كل شهر يلقى محاضرة في دسوق بعد العصر بعد أن يقطع مسافة ثلاث ساعات بالسيارة ثم منها إلى كفر الشيخ ليلقى محاضرة بعد المغرب ويعود إلى بيته في منتصف الليل وبعد ذلك يقوم قبيل الفجر ليعيد الكرة مرة أخرى وهكذا ظل يعمل في الدعوة أكثر من ثلاثين عاماً بهذه الهمة وهذا النشاط. فانظر كم لاقى من المشاق كل يوم وكم تجرأ عليه سفيه وغمزه طويلب متعالم أو حقود جاهل.

فلله دره كم لاقى في سبيل الدعوة.

ويحكى لى أنه ذهب لإلقاء محاضرة بدلاً من أحد الدعاة المشاهير- والشيخ في أول طريق الدعوة – فما أن جلس الشيخ إذ بالحضور نفروا والمسجلات رفعت وهو ينظر إلى ذلك بكل ثبات وحلم فما اهتز ولا تلعثم ولا غضب فجلس وفتح الله عليه في هذه المحاضرة وهذا من ثمار الإخلاص لله عز وجل.

ما خلفه من تراث

الشيخ-رحمه الله- لم يتحفنا بمصنفات في فروع المعرفة وذلك لأسباب من أهمها أن الشيخ كان يزدرى نفسه ولا يرى أنه أهل لذلك وربما كتب بعض تلاميذه أضعاف ما كتب وهو لم يتأهل لذلك فشتان بين من يُخمل ذكره وهو وجيه ومن يُعلى قدره وهو وضيع.

ولكن الشيخ ترك لنا تراثاً ضخماً من مقالاته وأبحاثه في مجلة التوحيد من خلال الافتتاحية وباب السنة مع كم هائل من خطبه ومحاضراته التي طاف بها في شتى بقاع الأرض. كم من ضال اهتدى بها وعاص تاب بعدها ومريض شفى بسماعها وطالب علم استقام بها وجاهل استضاء بنورها.

فوالله ما علمنا طريق الهداية إلا لما جلسنا بين يديه فكان أول من فتح قلوبنا وآذاننا لسماعه فكان ملء العين والسمع والفؤاد.

ثم إن للشيخ عدة أبحاث قليلة المبنى عظيمة المعنى كرسالة موقف أهل الإيمان من صفات عباد الرحمن وأخرى بعنوان التربية بين الأصالة والتجديد وأيضاُ المسجد الأقصى ودعوة الرسل وغير ذلك الكثير.

وأحيانا كان يسر لي قائلاً ما الفائدة من هذا الكتاب؟ ما كتبه السابقون يغنى.

وكان يعيب على هؤلاء الذين يضعِّـفون حجم الكتاب مرات بحواشى وتعليقات لا فائدة منها ويقول: هذا نفخ الكتاب ورأى يوماً كتاباً لأحدهم عن المرأة لم يتقنه صاحبه فقلب فيه ثم قال: يبدو أن كاتبه لم يتزوج!!

هذا ولقد كان رحمه الله شغوفا بجمع الكتب واقتنائها وكان يقتطع جزءاً من راتبه كل شهر ليجمع الكتب حريصا على معرفة كل جديد حتى تكونت لديه مكتبة عامرة لا تخلو غرفة من بيته من هذه المصنفات حتى فى حجرة نومه وضع فوق الفراش أرففاً ووضع عليها ما تمس الحاجة إليه من أبحاث ومصنفات وأشرطة فيجعل لذلك ورداً قبل النوم.

أهم ما تميز به

إن من لازم الشيخ -رحمه الله- لا يستطيع أن يحصر الصفات الحميدة والأخلاق النبيلة التي اتصف بها الشيخ لكن من أبرز ذلك.

1- علو همته:

ولو تتبعنا ذلك لوجدنا أن الأمر يطول فهو في الدعوة قد حاز قصب السبق وبلغ شاواً عظيماً في نشرها حتى لقد كنا برفق به من هذا الجهد فكان يقول: إني رأيت الموت بعيني –وكان هذا إثر عملية جراحية له- فقلت لنفسي ما تطلبين؟ فقالت: أريد لأعمل في الدعوة إلى الله. فقلت لها فأنت في الأمنية فاعملي. وجلس يوماً مع شيخه الألباني –رحمه الله- فقص عليه الشيخ ما يقوم به من دعوة إلى الله وشكا له بعض المعوقات فرد عليه الشيخ الألباني وقال له: إن استطعت أن تموت على هذا فافعل فامتثل الشيخ –رحمه الله- قوله وسار على هذا الدرب حتى قبضه الله تعالى وهو على ذلك.

وأما همته في التعلم والتحصيل فإنك ترى العجب. ما دخلت عليه يوماً في بيته إلا والكتاب في يده على الطعام وعلى الفراش وهو يسير وهو قائم وإذا حضر جماعة عنده وكانت لهم حاجه خاصة فقضاها الشيخ لهم ثم أرادوا مزيدا من الجلوس معه يفتح الكتاب ثم يقرأ ويسمع الحاضرين ولا يضيع اللحظات بغير فائدة.

وكان له ورد من القراءة في السيارة في ذهابه وعند إيابه طلب أن نضع له مصباحاً في السيارة ليستفيد من أوقاته فى رجوعه فربما قطع نصف اليوم في الطريق ولهذا كان يتعجب بعض إخوانه ويقول متى تكتب؟! ومتى تقرأ وأنت لا تفتر يوماً من سفر أو مجلس أو فض قضية بين متخاصمين أو صلح بين اثنين؟! لكن التوفيق بيد الله تعالى.

2-   تواضعه:

مع ما حباة الله عز وجل من إجلال الناس وهيبتهم له ومع ما أتاه الله من علم راسخ. وبيان ناصع تراه أعظم الناس تواضعاً وخفضاً للجناح لا يعبأ بالدنيا وزخارفها مقبلاً بقلبه وقالبه على الله كان أحياناً يلبس ثياباً يأنف أحدهم من لبسها ويجلس مع الفقراء بل ويدنيهم منه ويتفقد أحوالهم ويحمل همهم ولا يحب الشهرة ولا الإطراء ولكم سمعناه وهو ينكر على بعض من يقدم له بين يدي المحاضرة ويقول لنا: يا إخواني إن كلمة الرئيس العام ليست منصباً علمياً إنما هي ترتيب إداري لينتظم العمل بين أفراد الجماعة وتطلب منه المحاضرات في زوايا صغيرة فيجيب أو مدرسة فيرحب وما رد دعوة أحد قط لذا اجتمعت القلوب عليه.

هذا وقد اتصف الشيخ –رحمه الله- بصفات عديدة لا نستطيع حصرها ولا أدرى أأتكلم على حلمه أم صبره أم حفظ  لسانه وطول صمته وحكمته في الدعوة إلى الله تعالى ثابتاً في عقيدته ومبدئه في الدعوة لا يميل مع كل ريح وأذكر موقفاً لطالما ردده أمامي وهو أنه لما وقعت أحداث البوسنة والهرسك وتأثر المسلمون بالمذابح الدامية التي تقع لإخوانهم المسلمين دعي إلى محاضرة في هذه الفترة فانتظر الحضور أن يتحدث الشيخ عن هذه الأحداث الدامية لكنه فاجأ الناس وأخذ يتحدث حول حديث عثمان بن عفان في وصفه وضوء النبي صلى الله عليه وسلم الذي رواه عنه حمران بن أبان فكأنه سقط في أيديهم  فالتفت الشيخ إليهم وقال لهم: أين أنتم من الجهاد وبيوت المسلمين تعج بالمعاصي. إن حمران كان مولى لعثمان من سبايا عين التمر فدخل بيوت المسلمين فتعلم العلم والعمل ثم صار إماماً وراوياً لحديث النبي صلى الله عليه وسلم. أتظنون لو أن إخواننا في البوسنة دخلوا ديارنا أيتعلمون الإسلام كما علمه حمران؟! فعند ذلك أيقنوا بحقيقة المحنة وكيف زمن أين نبدأ.

إن ذلك ليدل على رسوخ قدمه رحمه الله وثباته عند الزلازل والفتن.

بشريات للشيخ –رحمه الله-

إن من المعلوم من دين الإسلام أن الله تعالى إذا أحب عبداً ادخر له عملاً صالحاً فقبضه عليه وإن من تمام النعمة على الشيخ أن يسر له أداء العمرة ومن العجيب أنه خرج من بيته ولأول مرة بلباس الإحرام ورأينا عينيه تذرفان على غير ما تعودنا منه.

وفى يوم الوفاة وكان يوم جمعه صلى الجمعة في الحرم المكي ثم ذهب إلى المسكن وبينما هو على بابه إذ شعر بألم فأخذ يهلل ويقول: لا إله إلا الله ثلاث مرات ثم توجه بنفسه إلى القبلة ونام على شقه الأيمن ثم شب جرعة من ماء وردد بعدها الشهادة ثم فاضت روحه رحمه الله ويسر الله له رفقاء من أهل العلم والصلاح فقاموا بغسله وتجهيزه وقد صلى عليه في الحرم الشيخ صالح بن حميد في جمع غفير من أهل التوحيد والإيمان فانظر أي نعمة هذه في بلد الله الحرام يدفن وفى المسجد الحرام يصلى عليه وقبلها بأيام لبس ملابس الإحرام وأدى عمرته وآخر ما تلفظ به لا إله إلا الله والنبي عليه الصلاة والسلام يقول من كان آخر كلامه لا إله إلا الله دخل الجنة ... ويشهده جمع هائل حتى امتلأت ساحات الحرم عن آخرها ثم ترى له الرؤى الصالحة والنبي عليه الصلاة والسلام  يقول (لم يبق بعدى إلا المبشرات إلا الرؤيا الصالحة يراها المؤمنين يراها المؤمن أو ترى له) ومن ذلك أن إحدى بناته في اليوم الثاني من وفاته ترى له رؤيا خير.

رأت أنها هي تجلس مع أخواتها إذ قالت لهن وهى تبكى وهل يعوض الأب!! فدخل الشيخ عليهم وقال لها إسكتى فقد أعطوني قصراً من ذهب في الرياض. فقالت زوجه له: لا تذهب الآن اذهب في رجب.

مات الشيخ رحمه الله وخلف من الأولاد تسعة: ثلاثة من الذكور وستاً من الإناث.

فنسأل الله عز وجل أن يرزق أهله وأولاده وأهله الصبر على فقده وأن يجعلهم خير سلف لخير والد فلا يُنسى من دعوة صالحة أو صدقة جارية وإنه والله كان والداً لكل شباب الدعوة إلى الله إليه يرجعون وبأقواله ينتصحون وبتوجيهاته يأتمرون .. فرحمه الله وأسكنه الفردوس الأعلى مع سيد الدعاة وإمام الأنبياء محمد عليه الصلاة والسلام.

إننا لا نستطيع أن نوفى حقه بهذه الكلمات ولا بأضعافها فلو فتحنا الباب عن فضائله لفني القرطاس وانقطعت الأنفاس فذاك بحر لا ساحل له. فاللهم اغفر ذنبه ونور قبره وتقبله عندك في الصالحين.

كتبه / أحمد سليمان

عدد مجلة التوحيد [عد خاص] عن فضيلة الشيخ صفوت نور الدين -رحمه الله-

* بتصرف من إدارة الموقع